كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، اليوم الثلاثاء، النقاب عن تفاصيل تتعلق بالأسباب التي دفعت جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى البدء في الانسحاب من جنوب لبنان عام 2000.
وأوضحت الصحيفة العبرية في تقرير للخبير الإسرائيلي عاموس هارئيل، أن "الملازم دافيد غرانيت ابن مستوطنة عوفرا، قتل في اشتباك مع عناصر حزب الله بجنوب لبنان في شباط/ فبراير 1999، وكان هذا أحد الأحداث المعروفة والصعبة في الفترة التي سبقت انسحاب الجيش الإسرائيلي.
وأفادت بأنه قتل في الاشتباك أيضا 3 ضباط، منهم قائد دورية المظليين، الرائد إيتان بلحسن".
وأردفت: "بعد أسبوع من هذا الاشتباك، قتل العميد إيرز غريشتاين، قائد وحدة الارتباط مع لبنان، في انفجار عبوة جانبية مع جنديين آخرين ومراسل صوت إسرائيل إيلان روعيه".
وبحسب الصحيفة التي أكدت أن "انفجار هذه العبوة، سرع في انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان، والذي استكمل بعد ذلك بسنة وثلاثة أشهر".
وذكرت "هآرتس" أن "اشتباك دورية المظليين أثار أصداء كثيرة، وإيتان بلحسن وضابط آخر هو الملازم ليرز تيتو، أصيبا بصلية نيران لحزب الله أثناء تقدمهم داخل شق ضيق، وغرانيت، قائد طاقم في الوحدة، قفز لداخل الشق فأصيب، وأحد جنود الدورية، العريف عوفر شارون، أوضح لاحقا في مقابلة مع "هآرتس" كيف تردد في النزول إلى الوادي رغم أن قائده غرانيت دعاه للقدوم".
وقال شارون: "عرفت أن الانقضاض الآن معناه الموت في حرب غبية، لم أتجرأ على النزول، وعرفت أن من سينزل لن يعود، وسيطرت على قصة: أنا لا أؤمن أن نكون في لبنان".
ونوهت إلى أن ضابط التعليم الرئيس، أليعيزر شتيرن، الذي أدان فعل شارون في ورقة توضيح، أظهر في ذات الورقة "عمق الأزمة التي كان يعيش فيها الجيش الإسرائيلي؛ 17 سنة في حرب لم يطلب منه أحد أن يحسمها وينتصر فيها".
وأشارت "هآرتس"، إلى أن "المكوث الطويل والزائد في لبنان يعود الآن إلى حياتنا بصورة مكثفة حول يوم الذكرى، وهو مرتبط بالذكرى السنوية الـ 20 للانسحاب من هناك، وهي الذكرى التي أعادت للوعي الحرب المنسية عديمة الاسم".
ونوهت إلى أن "أيام كورونا والبقاء في البيوت، ساهم في التنقيب في الذاكرة، فلبنان في الفترة بين الحرب الأولى في 1982 والانسحاب في 2000 بقي جرحا مفتوحا لأبناء من حارب هناك".
وأكدت أن "سلسلة أحداث، بدايتها كانت في كارثة الطائرات المروحية في شباط 1997 ونهايتها كانت بقتل غريشتاين بعد سنتين، أدت لتغيير تدريجي في الرأي العام الإسرائيلي، وأيضا أثرت على قرار رئيس الحكومة إيهود باراك حول الانسحاب أحادي الجانب من لبنان".
وذكر ضابط إسرائيلي عمل لدى قائد المنطقة الشمالية في حينه عميرام لفين في حديثه للصحيفة، أنه "لم تكن هناك فائدة كبيرة من عملياتنا في مواجهة حزب الله".
وأضاف: "إذا لم تكن تعرف كم من الوقت ستبقى هناك، وليس لديك خطة، فسينتصر في المعركة من لديه المزيد من الوقت والصبر، فالمكوث في لبنان لم يغير أي شيء، لأننا لم نسع لأي هدف".
ورأى الضابط، أن قرار الانسحاب من لبنان جاء "بضغط من الجمهور الإسرائيلي، حيث تسببت أربع أمهات في انسحابنا، علما بأن هذا القرار كان يجب اتخاذه أصلا دون صلة بالاحتجاج، بالاستناد إلى المنطق العسكري".
وفي "شفق الصباح" وهو كتاب الجنرال احتياط عاموس غلبوع الذي يوثق انسحاب "إسرائيل" من لبنان، اعتبر غلبوع أن قرار الدخول في لبنان "مهزلة تاريخية".
ونوه إلى أن "كل المواقف السياسية المرتبطة بدخول لبنان والانسحاب منه، تم اتخاذها من قبل المستوى السياسي (أريئيل شارون ومناحيم بيغن) بدون الاهتمام بتقديرات الاستخبارات العسكرية".
وبين أن "الاستخبارات العسكرية غابت تماما ومثلها الجيش عن مجموعات التخطيط لرئيس الحكومة قبل اتخاذ قرار الحكومة الوحيد في آذار 2000 حول الانسحاب من لبنان".
وأشارت الصحيفة إلى أن "الجندي الأخير خرج من لبنان في صباح 24 أيار/مايو 2000، وكان هو بيني غانتس الذي تم توثيقه من قبل المصورين وهو يغلق البوابة من خلفه".
وفي المحصلة، أكدت "هآرتس"، أن "العمليات التي اعتبرت عديمة الفائدة، وعدم الثقة بالمهمة، وتصميم كبار قادة الجيش على البقاء في المكان، والوعد الانتخابي لرئيس الوزراء حينها إيهود باراك وتنفيذه، كل ذلك ساهم أيضا في الانسحاب من جنوب لبنان".