قالت مصادر أمنيّة وعسكريّة رفيعة المُستوى في كلٍّ من تل أبيب وواشنطن، إنّ الفحص الذي أجرته المُخابرات في إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكيّة أكّد بشكلٍ قاطعٍ أنّ الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران نجحت بإطلاق أول قمر اصطناعي عسكريّ، خلافًا للمرّات السابقة، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ هذه الخطوة تثبت أنها لا تهمل جهوزيتها العسكرية على الرغم من أضرار تفشّي جائحة الـ”كورونا”، على حدّ تعبير المصادر التي تحدثت لمُراسِل الشؤون العسكريّة في القناة الـ13 في التلفزيون العبريّ، أور هيلر، في ساعةٍ متأخرةٍ من مساء أمس الخميس.
من ناحيته، نقل المُراسِل السياسيّ لصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، إيتمار أيخنر،عن مصادر رفيعةٍ في كيان الاحتلال الإسرائيليّ قولها إنّ إيران أطلقت لأول مرة قمراً اصطناعيًا عُرّف رسميًا بأنّه عسكري من طرف الحرس الثوريّ واسمه بالعربيّة (نور)، وكشفت في أثناء ذلك عن منصة جديدة لإطلاق الأقمار الاصطناعية، وعن تدشين موقع جديد لإطلاقها، مُضيفًا أنّ هذه الخطوات تُعطي انطباعًا بأنه على الرغم من الأضرار الكبيرة التي لحقت بإيران جرّاء فيروس كورونا، فإنّها لا تهمل جهوزيتها العسكرية.
وتابعت المصادر ذاتها قائلةً للصحيفة العبريّة إنّه صحيح أنّ الحرس الثوري الإيراني كان شريكًا في إطلاق أقمار اصطناعية في السابق، لكن هذه هي المرة الأولى التي تعترف فيها طهران بأن الحديث يدور حول نشاط عسكري، وحول نشاط لمنظمة أمنية هدفها الأول هو الدفاع عن نظام الملالي، ووفقاً لتقارير إعلامية، فإنّ القمر الاصطناعي دخل إلى المسار المنخفض الذي يميز أقمار التصوير حول الكرة الأرضية.
في السياق عينه، قال طال عنبار، الخبير في شؤون برنامج الصواريخ والفضاء الإيرانيّ، قال إنّه بحسب تقارير إعلامية غربية، يبدو أنّ القمر الاصطناعي الجديد دخل إلى المسار المذكور، وإنْ كنّا لم نر بعد صورًا قام بالتقاطها. ويمتلك الإيرانيون القدرة على الوصول إلى صور أقمار اصطناعية تجارية، وهذه القدرة ساعدتهم على تخطيط الهجوم الصاروخي الناجح ضد منشآت النفط السعودية، لكن ثمة أهمية أيضًا لتشغيل أقمار التجسس بصورة ذاتية، طبقًا لأقواله.
وأضاف عنبار قائلاً إنّه تمّ إطلاق القمر الاصطناعي الجديد من دون إعلان مسبق وبسرعة من خلال منصة إطلاق متحركة ثلاثية المراحل. وبذا بثت إيران إشارات فحواها أنّ بمقدورها أنْ تطلق صواريخ بالستية من مواقع متنوعة في حال تعرّض مواقع الإطلاق المحصنة التي أنشأتها للهجوم.
وجرت عملية إطلاق أول قمر اصطناعي عسكري إيراني في فترة تصاعد التوتر في مقابل الولايات المتحدة، بعد أن قام سلاح البحر الإيراني في مطلع الأسبوع الحالي مرة أُخرى باستفزاز سفن الأسطول الأمريكي في الخليج العربيّ، وأصدر الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب أمس الأوّل أوامر إلى الأسطول تقضي بتدمير سفن إيرانية تقترب في المرة المقبلة من السفن الأمريكيّة.
وأكّدت وسائل الإعلام العبريّة أنّ إسرائيل شجبت إطلاق القمر الاصطناعي العسكري من طرف الحرس الثوري، ودعت الأسرة الدولية إلى فرض عقوبات إضافية على النظام الإيرانيّ. وجاء من وزارة الخارجية الإسرائيليّة، كما أكّد التلفزيون العبريّ، أنّ إيران تواصل تركيز جهودها في العدوانية العسكرية، بدلاً من معالجة قصوراتها حيال أزمة الـ”كورونا” في أراضيها، ومن الاهتمام بعشرات آلاف المواطنين الإيرانيين الذين أصيبوا بالفيروس.
من جهة أخرى، قالت وزارة الدفاع الأمريكيّة إنّ التقييم خلص إلى أن تجربة إطلاق القمر الإيراني تمّت بنجاحٍ للمرة الأولى، وأضاف التلفزيون العبريّ أنّ إسرائيل انضمّت إلى هذا الرأي، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أنّ نجاح التجربة هو مؤشر خطير جدًا على قدرات إيران العسكريّة، ولاسيما الصاروخيّة.
وسئل الرئيس دونالد ترامب خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض عن القمر الصناعي الإيراني، فقال:نتابع عن كثب، على حدّ تعبيره. من جانبه، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إنّ إيران بثت حول العالم معلومات مضللة بشأن الفيروس، من ضمنها حاجتها إلى المصادر لمواجهة تفشي فيروس كورونا داخليًا.
وأضاف: ها هم اليوم يطلقون الأقمار الصناعية، ويسيّرون السفن في الخليج العربي ويتحرشون بالسفن العسكرية الأمريكية ويواصلون تمويل المليشيات الشيعية ويعملون لدعم حزب الله، بالأمس نظيري الإيراني كان في سوريّة يتحدث مع “سفاح دمشق”، على حدّ زعمه.
واعتبر بومبيو أنّ الأمر بمثابة تحدٍّ لقرار أصدره مجلس الأمن الدولي عام 2015، وقال إنّ لكلّ دولةٍ الحقّ في اللجوء إلى المجلس، مشدّدًا على أنّ إيران ستتحمل مسؤولية أفعالها. ويدعو القرار إيران للامتناع لمدة ثماني سنوات عن العمل على تطوير صواريخ باليستية مصممة لحمل أسلحة نووية، وذلك بعد الاتفاق النووي الذي أبرمته مع ست قوة عالمية.