"أزمة كورونا" في فلسطين: عمال المياومة الأكثر تضررا وقطاع الاقتصاد يحتاج لفترة غير قصيرة

الثلاثاء 14 أبريل 2020 10:59 م / بتوقيت القدس +2GMT
"أزمة كورونا" في فلسطين: عمال المياومة الأكثر تضررا وقطاع الاقتصاد يحتاج لفترة غير قصيرة



رام الله / سما / (شينخوا)

ساعدت الإجراءات الاحترازية المتخذة في الضفة الغربية وقطاع غزة في السيطرة على الحد من خطر تفشي فيروس كورونا المستجد، لكنها في المقابل ضاعفت معاناة عمال المياومة وزادت من أعبائهم المالية.

وبتتبع جولة مع سائق سيارة أجرة في مدينة رام الله هذه الأيام، تكفي لرصد الركود الاقتصادي والتجاري الحاصل في المدينة بعد أن خف صوت الحياة الصاخب فيها وتراجعت حركة سكانها بشدة.

ويقول سائق الأجرة مصطفى بشير في نهاية الثلاثينات من عمره، إن أطول مشوار في رام الله يقضيه بأقل وقت حاليا بفعل تأثيرات التدابير المتخذة لمواجهة فيروس كورونا.

ويضيف بشير الذي وضع قفازات وكمامة، أن التنقل من شارع لأخر لم يعد كافيا لحصد رزق عائلة في ظل استمرار تعطل الجامعات والمدارس وقطاع كبير من المؤسسات الحكومية والأهلية وهو ما انعكس سلبا على الحركة التجارية العامة.

ويقول اقتصاديون فلسطينيون إن حالة من الشلل سيطرت على مرافق الحياة في الضفة الغربية وقطاع غزة بفعل حالة الطوارئ المعلنة منذ الخامس من الشهر الماضي على إثر تسجيل أول إصابات بفيروس كورونا في مدينة بيت لحم.

ويبرز هؤلاء أن عمال المياومة هم الأكثر تضررا من إجراءات التدابير المتخذة بعد أن تضررت قطاعات عملهم بشدة بفعل إغلاق المدن والتراجع الكبير في الحركة التجارية.

وفي ساحة الجندي المجهول الرئيسية وسط مدينة غزة، قد تمر ساعات على عماد العطلة الذي يعمل في بيع المشروبات الساخنة، من دون أن يستقبل زبونا واحدا هذه الأيام.

ويقول العطلة، إن هذا المكان كان عامرا بالمتنزهين طول ساعات النهار تقريبا يتسوقون ويشترون المشروبات وغيرها من عمال المياومة المنتشرين بحثا عن قوت عوائلهم.

لكن العطلة يشتكي حاليا من ركود كبير أصابه وأمثاله من عمال المياومة "حتى أصبح ما نعمل فيه بالكاد يكفي مصروفنا الشخصي وثمن المواصلات للذهاب إلى العمل والعودة إلى منازلنا هذه الأيام".

وأكد باعة يعملون في أسواق شعبية وممن يمتلكون بسطات متنقلة، أنهم تضرروا بسبب الأوضاع الحالية، فمنهم من فقد مصدر رزقه، وآخرون تقلصت مبيعاتهم بصورة كبيرة.

كما يقول تجار إن التهافت الكبير على شراء السلع في بداية أزمة فيروس كورونا أدى إلى عواقب وخيمة على الأسواق، بحيث دفع لانخفاض غير مسبوق على الحركة التجارية لاحقا.

وقدر الجهاز المركزي للإحصاء بأن أكثر من 453 ألف عامل فلسطيني قد تضرر من أزمة فيروس كورونا.

وذكر الجهاز أن عدة فئات من الأفراد العاملين سيتأثرون بصورة مباشرة من الأوضاع في فلسطين، أهمهم العمال في القطاع غير المنظم وعددهم 320 ألف عامل وعاملة، والعمال في إسرائيل والمستوطنات البالغ عددهم أكثر من 133 ألف.

ويقدر إجمالي عدد العاملين في الأراضي الفلسطينية بنحو مليون شخص أكثر من 667 ألف منهم ينشطون في القطاع الخاص الذي يتوقع أن يكون الأكثر تضررا بفعل أزمة فيروس كورونا.

ويقول الخبير الاقتصادي من غزة محمد أبو جياب، إن الطبقات الهشة وأصحاب الأعمال اليومية يواجهون أوضاعا كارثية وهم الأكثر تأثرا بالتدابير الاحترازية منعا لتفشي فيروس كورونا.

ويشير أبو جياب إلى أن استمرار التدابير الاحترازية المتخذة لمدة أطول تهدد بانهيارات شاملة وطويلة الأمد في كل القطاعات التشغيلية اليومية في ظل تعطل كبير للأعمال والأنشطة الاقتصادية.

ويشدد أبو جياب على أن المطلوب توفير المزيد من الدعم والإسناد للمستثمرين وللطبقات العاملة التي تأثرت بشكل مباشر بما في ذلك صرف إعانات مالية لمنع توسع دائرة الفقر والحد من تأثيرات زيادة معدلات البطالة.

وأعلن رئيس الوزراء محمد اشتية أمس الاثنين، إطلاق خطة إنعاش اقتصادي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر، عبر صندوق بقيمة مبدئية تبلغ 300 مليون دولار بهدف خلق حوافز لبعض القطاعات الأكثر تضررا من خلال برامج بنكية ميسرة وبتعزيز من الصناديق العربية والإسلامية.

وذكر اشتية أن حكومته ستصرف مساعدات إلى 30 ألف عامل فقدوا وظائفهم خلال شهر رمضان، كما ستصرف مساعدات مالية إلى 116 ألف أسرة إضافية، منها 81 ألف في قطاع غزة والباقي في الضفة الغربية.

ويقدر خبراء أن التراجع في إيرادات الخزينة العامة الفلسطينية يتجاوز الـ50 في المائة وقد يصل إلى 70 في المائة بفعل تداعيات أزمة فيروس كورونا وحالة الطوارئ المعلنة.

ويقول مدير معهد "ماس" للدراسات والأبحاث الاقتصادية رجا الخالدي إن المشكلة ليست فقط في حجم الخسائر الحاصلة، وإنما أيضا في الفترة التي تتطلبها إعادة إنعاش الاقتصاد.

ويوضح الخالدي أنه حتى لو انتهت أزمة تداعيات فيروس كورونا في فترة قريبة، فإن إعادة الاقتصاد الفلسطيني إلى مستواه الطبيعي قبل الأزمة قد يحتاج الى فترة طويلة.

ويفسر الخالدي ذلك بأن الاقتصاد الفلسطيني محدود النمو ويفتقد إلى قنوات مالية للنهوض في ظل ضعف موارده وتأثره أصلا بأزمتي عائدات الضرائب مع إسرائيل والتراجع القياسي للمساعدات الدولية منذ سنوات.

وقبل أيام قال وزير المالية والتخطيط شكري بشارة في لقاء مع الصحفيين في رام الله، إن أزمة فيروس تهدد بترك أثرا سلبيا بالغا على الاقتصاد الفلسطيني.

وذكر بشارة أنه من المتوقع حدوث المزيد من التراجع في الاستثمار والاستهلاك والتحويلات من الخارج، مع توقف تام لقطاع السياحة ما يهدد بانكماش قد يصل إلى 14 في المائة للاقتصاد الفلسطيني.