مع ارتفاع عدد المُصابين الإسرائيليين بفيروس الـ”كورونا”، حيث وصلوا إلى أكثر من مائتي مُصاب وأكثر، بدأ يتبيّن بشكلٍ واضحٍ وفاضحٍ أنّ كيان الاحتلال ليس مُسعّدًا بتاتًا لمُواجهة الفيروس القتّال والفتّاك، إذْ ارتفعت الأصوات المُطالبة باتخاذ إجراءاتٍ صارمةٍ للحدّ من انتشار الوباء، فيما نقل المُحلِّل السياسيّ الكبير في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، ناحوم بارنيع، اليوم الاثنين، عن محافل رفيعةٍ جدًا في دوائر صناعة القرار بالدولة العبريّة، قولها إنّ الكيان سيتحوّل بعد فترةٍ أقصاها أسبوعين فقط إلى ايطاليا رقم 2 من ناحية انتشار الوباء وانهيار المنظومة الصحيّة، وهي التي تُعاني منذ سنواتٍ عديدةٍ من “أمراضٍ” و”أوبئةٍ” مُزمنةٍ، ولم تعمل الحكومات المُتعاقبة على فعل أيّ شيءٍ لرفع مُستواها أوْ ضخّ الميزانيات لرفع مستواها، وعلى نحوٍ خاصٍّ في العقد الأخير الذي يتولّى فيه رئيس الوزراء المُنتهية ولايته، بنيامين نتنياهو مقاليد الحكم في تل أبيب، على حدّ قول المصادر.
عُلاوةً على ما ذُكر أعلاه، كشفت وسائل الإعلام العبري’ عن وجود خلافاتٍ حادّةٍ بين وزارة الصحّة الإسرائيليّة ووزارة المالية حول آلية وكيفية علاج تفشّي فيروس الـ”كورونا”، إذْ أكّدت المصادر الرفيعة في تل أبيب أنّ وزارة الصحّة تُطالب الحكومة وبشدّةٍ اتخاذ قرارٍ يُعلِن عن سريان قوانين الطوارئ في كيان الاحتلال لفترةٍ غيرٍ محدودةٍ تحسبًا لانتشار الفيروس بشكلٍ لا تتمكّن فيه المنظومات في إسرائيل من مُعالجته، والأهّم من ذلك، حسب المصادر عينها، هو الخوف من انهيار المنظومة الصحيّة بشكلٍ كاملٍ وعدم تمكنّها مع انتشار الفيروس المُتوقّع من منح المُصابين العلاج اللازم، لكن المصادر ذاتها لفتت في الوقت عينه إلى أن وزارة الماليّة حذّرت في الجلسات المُغلقة من أنّ اتخاذ القرار بالعمل وفق قوانين الطوارئ سيقضي على الاقتصاد الإسرائيليّ كليًّا ويؤدّي لوقفٍ كاملٍ في الإنتاج، وهو الأمر الذي لا يقدر الكيان على تحملّه لفترةٍ قصيرةٍ، فماذا سيحدث إذا استمرّ وضع الطوارئ لفترةٍ طويلةٍ، كما قالت المصادر.
وفي الوقت الذي تدور فيه الخلافات المهنيّة بين وزارتي الماليّة والصحّة، تستمِّر الخلافات السياسيّة بين رئيس حزب (أزرق أبيض)، الجنرال في الاحتياط بيني غانتس، وبين غريمه رئيس حكومة تسيير الأعمال، بنيامين نتنياهو، حول تشكيل الحكومة، ومع أنّ 61 نائبًا أوصوا رئيس الدولة العبريّة بتكليف غانتس بتشكيل الحكومة، بما في ذلك القائمة المُشتركة (العربيّة مع 15 نائبًا)، فإنّ احتمال تمكّن الجنرال من تشكيل حكومة تصل إلى الصفر، وبالتالي فإنّ ما يُطلَق عليها “حكومة الوحدة الوطنيّة” عادت إلى الواجهة، وبحسب مصادر سياسيّة رفيعة فإنّ نتنياهو معنيّ بتشكيل حكومة وحدة وطنيّة يتناوب فيها مع غانتس على رئاستها، لأنّه يعرف تمام المعرفة بأنّ علاج الـ”كورونا” سيؤدّي إلى تشكيل لجنة تحقيقٍ رسميّةٍ، وبالتالي فإنّه يُريد أنْ يكون حزب (أزرق أبيض) وباقي الأحزاب الصهيونيّة في الحكومة لتتحمّل قسطًا وازِنًا من المسؤوليّة عن الـ”كارثة” التي سيشهدها الكيان في الشهر القادم على أبعد تقديرٍ بسبب انتشار الوباء و”كشف المستور” عن عدم استعداد إسرائيل لمُواجهة هذا الـ”عدوّ”، كما أكّدت المصادر.
في السياق نفسه، ذكرت المصادر الأمنيّة في تل أبيب، كما أفاد موقع (WALLA)، الإخباريّ-العبريّ، ذكرت أنّ جيش الاحتلال يستعدّ لاحتمال تفشي الـ”كورونا” بشكلٍ واسعٍ، لافِتًا في الوقت عينه إلى أنّه في سياق التحضيرات للتعامل مع أزمة “كورونا”، يستعدّ جيش الاحتلال لاحتمال فرض إغلاقٍ على بؤر عدوى واسعةٍ في مستوطناتٍ مُختلفةٍ في أرجاء الدولة العبريّة، ويحضِّر جيش الاحتلال ثلاث مراحل ردٍّ لاحتمال تفشّي كبير للفيروس، منها احتمال نشر قوات حول مدن ومستوطنات أخرى من أجل كبح تفشي الفيروس، وأنّ الجيش يُجري تقديرات وضع متعددة في اليوم بخصوص الـ”كورونا” والجهود لمنع انتشاره بشكلٍ عامٍّ، وفي الجيش بشكلٍ خاصٍّ.
ووفقًا لسياسات رئيس الأركان، أوعز رئيس شعبة التكنولوجيا واللوجيستيكا الجنرال يتسحاق تورجمان في الأيام الأخيرة بزيادة الإجراءات حول أماكن حيوية مثل “البور” (غرفة عمليات تحت الأرض) في قاعدة هيئة الأركان في تل أبيب والتي يجري فيها تعقيم وفحص طبي لأصحاب الوظائف، وكذلك أيضًا في غرف الحرب في قطاعات نشاطات الأمن الجاريّ.
المرحلة الثانية وفق السيناريوهات المتطرِّفة، تشمل المئات من الذين أصيبوا بفيروس “كورونا” من بينهم جنود، وبسبب ذلك سيضطر الجيش لإقامة منشآت إيواء مستقلة خارج المستشفيات بسبب الزحمة الكبيرة، والمرحلة الثالثة، التي من الممكن أنْ تحصل، هي عندما يتخذ نتنياهو قرارًا بفرض إغلاق على بؤر عدوى واسعة مثل مدن، بلدات ومستوطنات، لذلك فإنّ مسؤولية كبح فيروس كورونا ستنتقل فورًا من وزارة الصحة إلى جيش الاحتلال.
وطبقًا لسيناريو كهذا، أضافت المصادر، فقد طُلِبَ من رئيس شعبة التكنولوجيا واللوجيستيكا تنفيذ خطةٍ منظمةٍ لفرض إغلاقٍ على مستوطنةٍ في الوقت الذي تكون الشرطة مشغولة في تطبيق القانون والنظام داخل هذه المستوطنة، وقال مصدر عسكري رفيع المستوى: نحن نستعِّد لإقامة منشأة إيواءٍ داخليّةٍ-عسكريّةٍ لمئات الجنود، في حال وصل الـ”كورونا” إلى داخل الجيش بشكلٍ واسعٍ، على حدّ قوله.