قال جنرال إسرائيلي إن "الفجوات في مواقف حماس وإسرائيل ما زالت واسعة، وتحول دون إبرام تسوية؛ لأن الجولة التصعيدية الأخيرة تثبت حجم الثمن الذي ستدفعه إسرائيل إن لم يتم إنجاز التسوية التي تعني بالنسبة لها صفر أحداث أمنية، لكن ذلك لا يعني الهدف ذاته بالنسبة لحماس، التي توقفت مؤقتا عن إطلاق البالونات الحارقة، لكنها عمليا لم تعلن عن التوصل للتسوية، ولم تلزم باقي الفصائل بوقف عملياتها على حدود القطاع".
وأضاف ميخال ميليتشاين، الرئيس السابق للشعبة الفلسطينية بجهاز الاستخبارات العسكرية-أمان، في مقاله بصحيفة معاريف، ترجمته "عربي21"، أن "حماس في النهاية نجحت في الإمساك بمفاصل المبادرة الميدانية على الأرض، فقد حظيت الحركة بالتسهيلات الإنسانية التي دخلت غزة من جهة، ومن جهة أخرى حافظت على صورتها المقاومة، ولم تدخل في صدام مع باقي التنظيمات".
وأكد ميليشتاين، المستشار السابق للشؤون الفلسطينية بمكتب المنسق الإسرائيلي بوزارة الحرب، ورئيس قسم الدراسات الفلسطينية بمركز ديان للدراسات الاستراتيجية، أن "الجولة التصعيدية الأخيرة كشفت الثمن الذي ينتظر أن تدفعه إسرائيل؛ بسبب إبقائها بعض القضايا مفتوحة مع حماس، دون حل جذري، وهنا تظهر أمامها ثلاث مسائل بحاجة لنقاش مستفيض".
وشرح الكاتب هذه القضايا قائلا إن "أولها استمرار حماس في تصدير عملياتها ومخططاتها العسكرية من قطاع غزة إلى الضفة الغربية، وثانيها حل مشكلة الأسرى الإسرائيليين لدى الحركة في غزة، وثالثها فرض سيطرة حماس على باقي الفصائل الفلسطينية في القطاع، وإلزامها بعدم تنفيذ أي مخططات عسكرية على حدود القطاع، لأن استمرار هذه العمليات تعني عدم استقرار مشاريع التسوية مع حماس في المستقبل".
وأشار إلى أن "الخطأ الأساسي الذي ارتكبته إسرائيل هو الانجرار لجولة التصعيد الأخيرة مع الجهاد الإسلامي، فيما أبقت حماس المسيطرة فعليا على القطاع في موقع مرتاح أمنيا وعسكريا، دون استهداف مباشر لها، ما يعني تفهما إسرائيليا للصعوبات التي تواجهها بعدم قدرتها على فرض سيطرتها على باقي الفصائل".
وأكد أن "المسألة تكمن في رغبة حماس وليس قدرتها، فالحركة ليست معنية بإلزام باقي الفصائل بوقف كل فعالياتها العنيفة، وليس أنها غير قادرة، والفرق كبير بين الحالتين".
وأضاف أن "الحكومة الإسرائيلية القادمة ملزمة باتخاذ خطوتين أساسيتين فوريتين تجاه الوضع في قطاع غزة: الأولى هو فتح ملف التهدئة والتسوية مع حماس، غير المستقرة والمتزعزعة بين حين وآخر، والتأكد من تضمينه جميع القضايا العالقة، خاصة المسائل الثلاث الموضحة أعلاه، وعلى رأسها ملف الأسرى الإسرائيليين في القطاع، لأنه لا يمكن فصله عن باقي الملفات العالقة مع حماس".
وأوضح أن "الملف الثاني هو الشروع في إنجاز تفاهمات ذات بعد استراتيجي حول التعامل مع مسألة غزة، ما يتطلب من الحكومة القادمة البحث العميق في أي خيار سوف تسلكه الدولة تجاه حماس، شرط أن يؤدي في النهاية إلى حسم العلاقة معها، وتشمل إجراء تغير جوهري في التعامل معها، سواء في المجال المدني الإنساني، أو العسكري القتالي".
وختم بالقول إن "المداولات الحكومية الإسرائيلية القادمة يجب أن تبحث خيار إسقاط حكم حماس، والقضاء عليها في غزة، والسيطرة المؤقتة على الأوضاع في القطاع؛ بغرض تصميمه من جديد لمرحلة مستقبلية بعيدة المدى، لأن استمرار الوضع الحالي على ما هو عليه في القطاع، لن يصمد طويلا فترة زمنية قادمة، وإلا فإن نهايته تعني تورط إسرائيل في معركة واسعة دون رغبة منها، ودون تحضير كامل لها".