استعرض مدير "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، أودي ديكل، في تقرير نشره اليوم، الأربعاء، الاستنتاجات الأساسية للمداخلات التي ألقيت خلال "المؤتمر الدولي السنوي الـ13"، الذي عقده المعهد، الأسبوع الماضي، بمشاركة صناع قرار سياسيين وأمنيين من إسرائيل والعالم، وتطرقت إلى عدة مواضيع، بينها "التحديات الخارجية والأمن" أمام إسرائيل في العقد المقبل.
واعتبرت استنتاجات المتحدثين في المؤتمر أن وضع إسرائيل الإستراتيجي جيد "قياسا بضعف وهشاشة محيطها الإقليمي"، وأن خصوم إسرائيل، وخاصة إيران وأذرعها، ليسوا معنيين بحرب ويتخوفون من تدخل أميركي إلى جانب إسرائيل. وأضافوا أن الضربات الإسرائيلية ضد إيران في سورية والعراق وضد حزب الله لم تنتهِ، "ولذلك، من الصائب أن تستمر إسرائيل في جهودها من أجل عرقلة بناء آلة الحرب الإيرانية الجيدة في الجبهة الشمالية".
إلا أن المداخلات في المؤتمر رأت أن "على إسرائيل أخذ ضعف خصومها بالحسبان، والامتناع عن استغلال فرص سانحة من دون دراسة التبعات الإستراتيجية. وفي البعد السياسي، استغلال ما يبدو أنه فرصة من أجل تحقيق مكاسب آنية، وخاصة ضم مناطق في يهودا والسامرة، سيُصعّب في المستقبل الانفصال السياسي، الجغرافي والديمغرافي عن الفلسطينيين، الأمر الذي سيفتح الباب أمام تسلل بواطن الضعف الفلسطيني والإقليمي إلى إسرائيل ويحدث تآكلا في قوتها".
وتطرق المتحدثون في المؤتمر إلى تحليل ثلاثة سيناريوهات مركزية مرتبطة بـ"صفقة القرن":
السيناريو الأول: إثر رفض الفلسطينيين للصفقة، ستوافق إسرائيل عليها "في المستوى المبدأي، لكنها ستقرر ألا تنفذ خطوات دراماتيكية حتى انتخابات الكنيست، وستعلن أنها تدعو السلطة الفلسطينية إلى بحث تطبيق الخطوات المفصلة فيها (صفقة القرن) بعد الانتخابات".
السيناريو الثاني: "ستوافق إسرائيل على الخطة، لأنها تعتبرها فرصة لبلورة إستراتيجية محسّنة. لكنها ستعبر عن اهتمام بتعاون من جانب السلطة الفلسطينية وستحاول تسخيرها لعملية تسوية. وإذا رفضت السلطة، فإن إسرائيل لن تنتظر، وستبدأ بتنفيذ خطوات من أجل تطبيق الخطة، لكن من خلال إبقاء الباب مفتوحا لانضمام فلسطيني لاحقا. وقد تكون الخطوات الأولى فرض القانون على المستوطنات، ولكن من دون تغيير الواقع اليومي في المنطقة".
السيناريو الثالث: "ضم أحادي الجانب. إسرائيل توافق على الخطة مستغلة رفض الفلسطينيين لها، كفرصة لتصميم واقع وفقا لشروطها. وفي هذا الأطار يسري القانون الإسرائيلي دُفعة واحدة على غور الأردن والمستوطنات، بموجب الخطة، ومن خلال الاستعداد لمواجهة التأثيرات السلبية لهذه الخطوة على الحلبة الفلسطينية والعلاقات مع الفلسطينيين، وكذلك على العلاقات في الحلبة الإقليمية، وخاصة في الجبهة الشمالية، وفي الحلبة الدولية".
وحول تبعات "صفقة القرن" إثر السينايوهات الثلاثة في السنوات الخمس المقبلة، استنتج خبراء شاركوا في المؤتمر أنه لن تقوم دولة فلسطينية ذات سيادة خلال هذه الفترة، "أي أنه لن يسود واقع الدولتين للشعبين". وأضاف الخبراء أنه "بغياب وحدة فلسطينية إلى جانب تفتت المجتمع الفلسطيني داخليا قد يؤدي إلى انهيار السلطة الفلسطينية في نهاية حكم رئيس السلطة، محمود عباس. وواجه المتحدثون صعوبة في رؤية مصالحة ووحدة محتملة فلسطينية داخلية، ولو حتى في إطار رد الفعل على تطبيق تدريجي إسرائيلي لخطة ترامب".
حل الدولتين بعيد ونهاية "دولة اليهود" بالدولة الواحدة
وأضاف التقرير أن "الخطة لا تسمح بقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، وعمليا تقسّم الخطة السلطة الفلسطينية، بحيث تكون سجينة داخل إسرائيل، إلى ستة كانتونات منفصلة، وبذلك تسيطر إسرائيل على مداخل ومخارج ومحاور السير ومعابر السلطة الفلسطينية. ولذلك، جرى التشديد على أن خطوات الضم الإسرائيلية الأحادية الجانب وبشكل واسع، إذا شملت المستوطنات وغور الأردن، ستسرع تفكك السلطة الفلسطينية و’إعادة المفاتيح’ إلى إسرائيل".
وأشار التقرير إلى أن خطوات كهذه تعني أنه "سيتعين على إسرائيل السيطرة على المنطقة، والاهتمام برفاهية وكافة احتياجات قرابة مليوني ونصف المليون فلسطيني من دون مساعدة اقتصادية خارجية. وقد يقود ذلك إلى واقع الدولة الواحدة، التي تتلاءم بشكل كبير مع رغبة قسم كبير من طبقة الشبان الفلسطينيين، الذين يعتقدون أن زمن الكفاح المسلح من أجل استقلالية فلسطين إلى جانب دولة إسرائيل قد ولى، ولذلك ينبغي السعي إلى وضع الدولة الواحدة مع مساواة في الحقوق لجميع مواطنيها".
وتوقع المتحدثون في المؤتمر أن "انعدام إمكانية تطبيق الخطة بالاتفاق، وخطوات إسرائيلية أحادية الجانب تلغي حل الدولتين، سيبعد الإدارة الأميركية – الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء – وباقي المجتمع الدولي أيضا، عن محاولة دفع حل للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني وسيبقي إسرائيل تواجه وحدها القضية الفلسطينية. كما أن إدارة ديمقراطية أميركية قد تفرض على إسرائيل منح حقوق كاملة لجميع السكان بين النهر والبحر. ويعني ذلك نهاية الحلم الصهيوني بدولة يهودية".
واعتبر المتحدثون أنه "رغم أن الأردن يفضل وجودا عسكريا إسرائيليا في غور الأردن كجزء من ترتيبات أمنية في إطار تسوية إسرائيلية – فلسطينية، إلا أنه يرفض ضما سياسيا إسرائيليا للأغوار، الذي يعني بالنسبة له تعزيز النظر إلى المملكة كوطن فلسطيني بديل ويقوض أسسها، أي نهاية خيار الدولة الفلسطينية المستقلة فعليا".
ووفقا للمتحدثين، فإنه "من الضروري الحفاظ على خيار الدولتين، كأفق للفلسطينيين، إذا اقتنعوا في المستقبل بتبني مبادئ من خطة ترامب كأساس لتسوية مع إسرائيل؛ كرصيد لشرعية دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية مقابل الحلبة الدولية والإقليمية؛ كقيمة تدعم علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة في اليوم الذي يعود فيه رئيس ديمقراطي إلى البيت الأبيض؛ كدرع أمام محاولة فرض تسوية الدولة الواحدة على إسرائيل، أو نشوء واقع الدولة الواحدة على الأرض. والتشديد على أن خيار الدولتين هو المفضل بنظر الجمهور اليهودي في إسرائيل – 55%، وقرابة 70% يؤيدون الانفصال عن الفلسطينيين".
واستعرض رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، تمير هايمن، ثلاث إمكانيات يمكن أن تؤدي إلى تحولات هامة. أولا، جمع إيران قدرات نووية؛ ثانيا، تصدعات في "المحور الشيعي" في أعقاب اغتيال قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، بناء على فرضية أنه "يوجد خليفة له، لكن ثمة شكا إذا كان هناك بديلا له"؛ ثالثا، لـ"صفقة القرن" قدرة على تقويض التوازنات الحالية في المنظومة الإسرائيلية – الفلسطينية وعلاقات إسرائيل مع مصر والأردن، وخاصة إذا اعتبرت إسرائيل وجود شرعية في خطة ترامب من أجل ضم أحادي الجانب للمستوطنات وغور الأردن.