غزة: جرحى مسيرات العودة يُكافحون لاستعادة حياتهم بشكلٍ طبيعيّ

الأحد 26 يناير 2020 07:49 ص / بتوقيت القدس +2GMT
غزة: جرحى مسيرات العودة يُكافحون لاستعادة حياتهم بشكلٍ طبيعيّ



غزة / سما /

يقضي الفلسطيني جلال أبو حية من قطاع غزة ساعات طويلة على كرسي متحرك أمام ماكينة حديد يستخدمها في صناعة سيوف وخناجر لزبائنه لتحصيل قوت عائلته.

ولجأ أبو حية في الأربعينيات من عمره، إلى إنشاء مشروع ورشة حدادة في منطقة سكنه بخانيونس جنوب غزة، بعد أن أصبح عاطلا عن العمل إثر إصابته بشلل نصفي دائم نتج عن عيار ناري اصابه من الجيش الإسرائيلي في ظهره قبل عام ونصف العام.

وأصيب أبو حية خلال مشاركته في احتجاجات مسيرات العودة الشعبية يوم 14 أيار 2018، وهو أحد أكثر أيام المسيرات دموية، بعد أن شهد مقتل وإصابة المئات أثناء إحيائهم قرب السياج الفاصل مع إسرائيل ذكرى "النكبة" الفلسطينية.

وعمد الرجل إلى استغلال مساحة صغيرة أمام منزله في بناء غرفة من ألواح الصفيح ووضع ماكينات خاصة بالحدادة صنع غالبيتها بنفسه وتوفير مصدر دخله لعائلته.

ويقول أبو حية الأب لخمسة أبناء، لوكالة أنباء (شينخوا)، إنه شارك في مسيرات العودة بدافع الاحتجاج على الحصار الإسرائيلي "الذي يقتلنا في غزة بشكل بطيء منذ سنوات طويلة".

ويضيف بينما كان يعمل على سن أحد الخناجر على ماكينة الحديد إنه لحظة إصابته كان بعيداً جداً عن السياج الفاصل والمواجهات المحتدمة بين المتظاهرين وجنود الاحتلال، لكن رصاصة غادرة أقعدته مدى الحياة.

كان أبو حية يعمل ضابطاً في جهاز الدفاع المدني في غزة قبل إصابته التي أحالته إلى التقاعد المبكر براتب منخفض يقول إنه لا يكفي لتلبية احتياجات عائلته.

ويشير إلى أنه عندما أصبح مشلولا لم يتقبل الإعاقة، بل أصر على مواجهة واقعه الجديد واستكمال حياته "لأن الاستسلام للوضع المأساوي سيكون قبول بالموت التدريجي".

وبعمله في الحدادة يقضي أبو حية أغلب وقته على رأس الماكينات متخلصاً من وقت فراغ كبير جداً في حال كان استسلم لواقع الإعاقة، وهو يجني نحو 1200 شيقل إسرائيلي كدخل شهري بالمتوسط لضمان تحسين الدخل المالي لعائلته.

لكنه يشتكي من "تقصير" المسؤولين عن متابعة أوضاع جرحى مسيرات العودة بما في ذلك الرعاية الصحية اللازمة.

الحال نفسها يرددها الشاب مهند الأسود (29 عاماً) من غزة الذي تعرض لعملية بتر لقدمه اليمنى جراء إصابته في احتجاجات مسيرات العودة برصاص جيش الاحتلال في أيار 2018.

ويشتكى الأسود لـ(شينخوا) من عدم مراعاة أحوالهم كجرحى صنفوا بالحالات الحرجة، بما في ذلك عدم تمكينه من تركيب طرف صناعي حتى اليوم.

ويقول: "كان لا بد أن أنشئ لنفسي مشروعاً صغيراً، كي أُعيل أسرتي وأعوض أبنائي عن ما يقارب عام ونصف العام من الألم والمعاناة من الفقر المدقع الذي نعيشه".

ويعمل الأسود على إعداد المشروبات الساخنة مثل الشاي والقهوة وغيرها، في كشك صغير كان قد صنعه بنفسه، ووضعه على أحد المفارق الرئيسية في حي النصر شمال مدينة غزة".

ويقضي الأسود نحو 14 ساعة يومياً كي يجني نحو 30 شيقلاً يومياً، سعياً لإعالة عائلته في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

ويقول بنبرات حزينة: "الحياة مستمرة حتى وإن كنا غير راضين عن الوضع الحالي، لكن علينا أن نواصل حياتنا ونستكملها بكل قوتنا"، مشيراً إلى أنه شارك في مسيرات العودة للاحتجاج على الحصار الإسرائيلي، طلبا لتخفيف الأوضاع المعيشية الصعبة في القطاع.

واستشهد أكثر من 320 مواطناً برصاص الاحتلال، وأُصيب أكثر من 18 ألفاً بالأعيرة النارية، من بينهم نساء وأطفال، أثناء مشاركتهم في مسيرات العودة الشعبية، حسب إحصاءات وزارة الصحة في غزة.