هل ينجر الأوروبيون خلف ترامب في أزمته مع إيران؟

الجمعة 10 يناير 2020 05:11 م / بتوقيت القدس +2GMT
هل ينجر الأوروبيون خلف ترامب في أزمته مع إيران؟



سما / وكالات/

ما أن ارتفع مستوى التوتر حتى كادت طبول الحرب تقرع في المنطقة بعد اغتيال القيادي في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني بأمر من الرئيس الأميركي، بادر دونالد ترامب إلى دعوة جميع الدول الموقعة على الاتفاق النووي المبرم في 2015 مع إيران، إلى التخلي عنه، وحضها على ذلك، غير أن دولاً أوروبية عدّة لا تبدو مستعدة للاستجابة إليه.

وفي غضون ساعات، تحدّث أحد أقرب حلفاء سيد البيت الأبيض، رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، هاتفيًا مع الرئيس الإيراني حسن روحاني.

وجاء في رسالته، بحسب داونينغ ستريت، أن الاتفاق النووي لا يزال "أفضل ترتيب متاح حاليًا".

كما أكدت ألمانيا، اليوم الجمعة، أنها لا تزال ترغب بـ"إنقاذ" الاتفاق، الذي شددت فرنسا، أمس، الخميس، على أنها لا تزال ملتزمة به.

وفاقمت الضربة بطائرة مُسيّرة التي قتلت سليماني - أكثر جنرالات إيران نفوذًا والمعروف بعدائه لواشنطن - في الثالث من كانون الثاني/ يناير الجاري، من حدة التوتر بين الولايات المتحدة وأوروبا، في سجال تحوّل إلى أزمة.

لكن المفارقة هي أن التطورات الأخيرة قد توفّر فرصة جديدة للأوروبيين، لمحاولة القيام بما سعوا إليه منذ ثلاث سنوات، التوسط لتحقيق السلام بين إيران وترامب.

وفي بيان صريح بشكل مفاجئ، لأهم دبلوماسي في الإدارة الأميركية، قال وزير الخارجية، مايك بومبيو، لشبكة "فوكس نيوز"، عقب اغتيال سليماني، إن الأوروبيين "لم يساعدوا كما كنت أتمنى منهم".

وأثار تخريب مجموعات عراقية مسلّحة موالية لإيران، لمبنى السفارة الأميركية في بغداد، والضربات الصاروخية على قواعد تضم جنودًا أميركيين، حفيظة ترامب وبومبيو. وقالا إن سليماني يخطط لهجمات وشيكة على الأميركيين - وهو أمر شكك فيه النواب الديمقراطيون، بعد تلقيهم إيجازًا سريًا بهذا الشأن من كبار المسؤولين في إدارة ترامب.

وتفاقمت حدة التوتر بشكل مستمر ومصاعد، منذ انسحب ترامب في أيار/ مايو 2018، من الاتفاق النووي الإيراني الذي لعب سلفه، باراك أوباما، دورًا بارزًا في التوصل إليه، وفرض سلسلة عقوبات على إيران تشمل حظر جميع صادراتها النفطية.

وتشكك الخبيرة في الأمن عبر الأطلسي، من "مركز الأمن الأميركي الجديد"، ريتشل ريزو، في أن يبدّل الأوروبيون فجأة مواقفهم حيال الاتفاق النووي، بعد تزايد العنف الذي شمل هجمات ثأر إيرانية على قاعدتين في العراق يستخدمهما الجيش الأميركي.

وقالت "أرى أنه من الصعب استيعاب (فكرة) أن الحلفاء الأوروبيين سيسارعون للسير خلف ترامب إلى هذه الهاوية التي يبدو أنه يدفعنا إليها".

وفي وقت تتعارض أهداف واشنطن والأوروبيين بشدّة، قالت ريزو "أعتقد أنه سيكون هناك المزيد من التوتر بين الطرفين وسيسوء الأمر قبل أن يتحسّن".

ودعا ترامب حلف شمال الأطلسي للعب دور أبرز في الشرق الأوسط. ولطالما شكك ترامب بقيمة الحلف، مستغلاً ذكرى مرور 70 عامًا على تأسيسه، الشهر الماضي، للضغط على الأوروبيين لزيادة مساهمتهم المالية فيه.

وأشارت المستشارة السابقة لجو بايدن، حين كان نائبًا لباراك أوباما، والخبيرة حاليًا لدى صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة، جولي سميث، إلى أن ما يطالب به ترامب لا يزال غير واضح، إذ لا أحد يتوقع بأن ينشر الحلف عشرات آلاف الجنود على غرار النموذج الأفغاني.

ورجّحت سميث أن ينظر الأوروبيون بـ"سخرية لرئيس انتقد الحلف مرارًا والدول المنضوية فيه كل على حدى ومن ثم لجأ إليهم في وقت الأزمة".

لكنها أشارت إلى أن الأوروبيين سيتجنبون إغضاب الولايات المتحدة، مشيرة إلى أنهم لم ينتقدوا الضربة الأميركية أو يأسفوا على سليماني، الذي لعب دورًا بارزًا في دعم مجموعات مسلحة في الشرق الأوسط. وقالت "أعتقد أن الأوروبيين يشعرون بأنهم أمام معضلة".

وحاولت فرنسا وألمانيا كسب إيران كما فعلت حليفة واشنطن اليابان، التي استقبلت الرئيس الإيراني في زيارة سبقت عملية قتل سليماني بعدة أيام.

وأكّد المحلل الفرنسي المسؤول عن "مبادرة أوروبا مستقبلاً" في "المجلس الأطلسي" الذي يتّخذ من واشنطن مقرًا له، بنجامين حداد، أن آفاق الدبلوماسية باتت حاليًا أكبر مما كانت عليه في أيلول/ سبتمبر، عندما حاول الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، دون جدوى التوسط لإقناع روحاني وترامب بعقد محادثات في الأمم المتحدة.

ووصفت إيران ردّها على اغتيال سليماني، بهجوم لم يسفر عن سقوط قتلى في صفوف الأميركيين، بالمتناسب، لكن ترامب قرأ فيه خفضًا للتصعيد.

وفي بيان نادر من نوعه، خصوصًا من إدارة تعد معادية بشدة لإيران، أقر ترامب بدور النظام في إيران في محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وهي حملة يعتبرها الأوروبيون أولوية في الشرق الأوسط.

وقال حداد إن خطاب ترامب "يفتح نافذة دبلوماسية صغيرة بشأن المصالح المشتركة مع إيران ضد داعش". وأضاف "قد لا تتجاوز فرص النجاح نسبة 50 في المئة، لكن لدي انطباع بأن هناك مجال أكبر وأكثر إثارة للاهتمام لذلك مما كان الوضع عليه في أيلول/ سبتمبر".

من جانبها، أشارت سميث، إلى أن فرص لعب الأوروبيين دورًا في هذا الصدد "منخفضة كثيرًا" نظرًا إلى الفجوات العميقة بين واشنطن وطهران، وانشغال القادة الأوروبيين بمشاكلهم الداخلية.

وقالت "يريد الأوروبيون التصديق أنه بإمكانهم لعب دور دبلوماسي قوي حاليًا. لكن السؤال مطروح بشأن إن كانوا سيستغلون الفرصة أم لا وإن كانت هناك فعلاً نافذة للقيام بذلك رغم المناخ السائد حاليًا".