تشترك العديد من الأمراض النفسية المختلفة في بنية وراثية مشتركة، وفقا لدراسة جديدة أجراها فريق بحث دولي.
وعلى الرغم من أن أسبابها غير مفهومة تماما، إلا أن معظم مشكلات الصحة العقلية، مثل الاكتئاب والقلق والاضطراب ثنائي القطب، تميل إلى أن تكون وراثية، جزئيا على الأقل، حيث اكتشف العلماء أكثر من 100 نوع من الجينات ترتبط بأكثر من حالة صحية نفسية.
ووجدت الدراسة التي تعد الأكبر من نوعها، والتي أجراها الباحثون في مستشفى ماساتشوستس العام، أنه يمكن وضع اضطرابات الصحة العقلية في ثلاث مجموعات تشترك في كل من العوامل الوراثية والأعراض، وهو اكتشاف يمكن أن يفتح الباب أمام تحسين التشخيص والعلاج.
ويكافح الأطباء النفسيون أحيانا لتشخيص مرضى الاضطرابات الخمس الرئيسية بشكل صحيح، وهي الاكتئاب والتوحد واضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه وفرط النشاط ثنائي القطب والفصام، لأن أعراضها تتداخل.
وبالنسبة للعديد من العلماء، فإن هذه العلامات المشتركة تشير إلى أن البيولوجيا التي تقود هذه الحالات الصحية العقلية، قد تكون مشتركة أيضا.
وكلما زاد عدد التشخيصات وتحليلات البيانات الوراثية، تمكن العلماء من فهم الحمض النووي الذي يحرك هذه الاضطرابات العقلية.
وجمع الباحثون في الدراسة الحديثة، أكبر قاعدة بيانات حتى الآن، وحللوا الجينوم بأكمله، لأكثر من 727 ألف شخص.
ووقع تشخيص 232964 مشاركا، بواحد من الاضطرابات النفسية الثمانية الأكثر شيوعا، فيما ظل البقية بصحة جيدة.
وتوصل التحليل إلى تحديد 109 أنواع مختلفة من الجينات التي كانت مرتبطة بخطر أقل أو أعلى لأكثر من اضطراب واحد.
وتشترك بعض الاضطرابات في عدد من المتغيرات الجينية، ما يسمح للباحثين بتقسيم الحالات إلى ثلاث مجموعات مرتبطة جينيا، وهي: اضطرابات تتميز بسلوكيات إلزامية (فقدان الشهية العصبي، اضطراب الوسواس القهري، متلازمة توريت)؛ اضطرابات المزاج والذهان (الاضطراب ثنائي القطب، الاكتئاب الشديد، الفصام)؛ واضطرابات النمو العصبي المبكرة (اضطراب طيف التوحد، واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، ومتلازمة توريت).
ووجد الباحثون أيضا، دليلا على أن الجينات المرتبطة باضطرابات متعددة تُظهر زيادة في التعبير بداية من الثلث الثاني من الحمل، ويبدو أنها تلعب دورا مهما في نمو الدماغ.
وقال الدكتور جوردان سمولر، مؤلف الدراسة الأول وأستاذ الطب النفسي بكلية الطب بجامعة هارفارد: "يمكن لفهم كيف يمكن أن تسهم بعض الاختلافات الوراثية في مجموعة واسعة من الأمراض أن يخبرنا شيئا عن الدرجة التي يمكن أن تكون بها هذه الاضطرابات مشتركة بيولوجيا".
وأضاف: "بقدر ما قد يكون لهذه الجينات آثار واسعة، فإنها قد تكون أهدافا محتملة لتطوير علاجات جديدة قد تفيد عدة حالات".