عندما يدلي الرئيس الامريكي دونالد ترامب،الذي تملك بلاده عددا هائلا من الاقمار الصناعية التي تحلق في الفضاء الخارجي وتستطيع مراقبة كل ما يدب على الارض،بتصريح صحفي، يعلن فيه انه بنتظر ما ستقوله العربية السعودية حول الجهة التي تقف وراء الهجوم الذي وقع بواسطة عشر طائرات مسيرة على حقلي النفط الاضخم في السعودية وذلك بعد يومين من تأكيد وزير خارجيته مايك بومبيو بان ايران وليس الحوثيين، هي من نفذ الهجوم، فان هدفه ليس شن ضربات انتقامية على مواقع نفطية ايرانية كما تروج بعض وسائل الاعلام التابعة للنظام السعودي وانما اضاعة الوقت لتبرير عدم للرد.
. ولكي اوضح اكثر فان العربية السعودية لا تستطيع حتى مراقبة وحماية حدودها لانها لا تملك المقدرة العلمية والتكنولوجية على ذلك وبالتالي فان وضع ترامب للكرة في ملعبها في هذا الاتجاه هو محاولة واضحة للتنصل من تصريحات وزير خارجيته بومبييو بصورة دبلوماسية لانه ان تبنى كذبة وزير خارجيته فسيلحق بنفسه وبسمعة بلاده اضرارا فادحة.
بمعنى اخر فان توجيه اصابغ الاتهام لايران وعدم الرد سيظهره بمظهر الرئيس العاجز والضعيف لانه اول من يدرك بانه لا يستطيع شن حرب على ايران ، مما قد يحرمه من البقاء في البيت الابيض لفترة رئاسية ثانية في الانتخابات القادمة في حين ان تحمل الاهانة وعدم شن الحرب فهو اقل تكلفة لانه سيحمي حاملات الطائرات والبوارج والقواعد الامريكية بمنع خطر التدمير وسيحمي اسرائيل الذي يروج بان الرب ارسله لحمايتها من خطر وجودي حقيقي.
وعود على بدء فان الضربة الاستراتيجية الكبيرة التي وجهها الحوثيون لأرامكو كان لها اثار مباشرة كارثية اولا على السعودية لانه سيحرمها من نصف انتاجها النفطي اليومي، اي من خمسة ملايين برميل نفط، وبلغة الارقام من 94 مليار دولار في السنة، اذا ما اخذنا بعين الاعتبار ان ارباح ارامكو الصافية بلغت 47 مليار دولار في الربع الاول من العام الجاري 2019 تضاف الى مليارات الدولارات التي انفقتها عبثا ولا تزال في الحرب العدوانية على اليمن وثانيا على الولايات المتحدة الامريكية التي اضطرت فورا للجوء الى احتياطها الاستراتيجي من النفط لسد النقص لكي لا يؤدي ارتفاع سعر المنتج على المواطن الامريكي الى تراجع شعبية ترامب المتراجعة اصلا وثالثا على الاقتصاد العالمي لان ارتفاع سعر البرميل الواحد الى 72 دولارا فورا والى 100 دولار في حال حدوث ضربات اخرى سيهز استقرار الاسواق ويؤدي الى حدوث ازمة طاقة كبرى كتلك التي حدثت عام 1973 من القرن الماضي.
واستطرادا فانني لا ابالغ ان قلت بان بطولات فقراء اليمن الذين لم يذعنوا لغاز ومستعمر على مر التاريخ ستساهم في العملية النضالية الجارية لاضعاف النفوذ الامبريالي الصهيوني الرجعي ليس في منطقتنا فحسب بل وفي العالم اجمع على النحو التالي:
اولا : سوف تؤدي الى حدوث انهيارات في الاقتصاد السعودي لان نفقات اصلاح الاضرار الناجمة عن القصف الحوثي ستكون باهظة ولا ضمانات لعظم قصفها اثناء اوبعد اصلاحها الامر الذي سوف سيفسح المجال لحكام السعودية لانهاء العدوان على اليمن امام خيارين لا ثالث لهما ،اما المكابرة واستمرار الرضوخ لاوامر ترامب وهذا ما سيؤدي الى تفكك مملكتهم او وقف تلك الحرب وانقاذ الذات الى حين
ثانيا: سوف تؤدي الى تعاظم شعور حكام اسرائيل بان الولايات المتحدة الامريكية التي لم تستطع حماية حكام السعودية من الحوثيين الذين لا يملكون سوى النزر القليل من السلاح مقارنة بما تملكه ايران وحزب الله لا تستطيع حمايتهم اذا ما وقغت الحرب الكبرى، وبالتالي فانهم وبصرف النظر عمن سيفوز في انتخابات الغد سيكونون مردوعين اكثر ولسان حالهم يقول ماذا لو ان مسيرات اكثر تطورا قصفت مصافي النفط في حيفا،!
ثالثا: سوف تؤثر سلبا على سمعة السلاح والتكنولوجيا الامريكية وبالتالي على مبيعاتهما التي تدر مئات مليارات الدولارات على الخزيتة الامريكية، لان الدول التي تحترم نفسها لا تنفق الاموال الطائلة مثل بعض الدول العربية مقابل شراء اسلحة فاشلة او مقابل الحماية.
رابعا: سوف تضعف نفوذ امريكا والغرب في المنطقة والعالم ومقابل ذلك ستقوي التفوذ الروسي والصيني فيهما
سادسا:ستفتح افاقا ارحب لحل القضية الفلسطينية لان كل انتصار لاي طرف من اطراف محور المقاومة بقيادة ايران هو بالضرورة انتصار لفلسطين.
وكفى.
كاتب فلسطيني