مقاومة نصر الله.. و جبهة خامسة إسرائيلية أمريكية عربية ..د.ميساء المصري

الأحد 18 أغسطس 2019 10:34 ص / بتوقيت القدس +2GMT
مقاومة نصر الله.. و جبهة خامسة إسرائيلية أمريكية عربية ..د.ميساء المصري



يقال ضع قدمك في حذاء عدوك أو ضع نفسك مكان خصمك. حتى تشخصه أولا، وتفهمه ثانيا، وتتهيأ له ثالثا.. وحتى تحدد طريقة مجابهتك له، وربما لنياته رابعا، ولتضع في حساباتك أسوأ الاحتمالات قبل أحسن الاحتمالات خامسا.
فهل عرفنا من عدونا؟ أهو بيننا أم هو جارلنا وهل من مصلحتنا أن نغير البوصلة حسب الرياح ومجرياتها؟ من المحيط إلى الخليج خاصة وأن له حلفاء ومن يدعمه بكل وسائل قهر إرادتنا وتهديد وجودنا أيضا؟
هذه الأسئلة، طرحتها على نفسي وانا أستمع لخطاب السيد حسن نصر الله بمناسبة الذكرى 13 لنصر حرب تموزعام 2006.. والذي أكد فيه أن الحرب كانت بقرار أميركي و”إسرائيل” كانت مجرد أداة وتهدف لإقامة شرق أوسط جديد ومكملة للغزو الأميركي لأفغانستان والعراق. وكل ما حصل كان لسحق المقاومة في لبنان والقضاء عليها في فلسطين وإنهاء حكم الأسد في سوريا والقضاء على المقاومة في العراق وعزل إيران تمهيدا لإسقاطها، وهذا المشروع لو نجح كان سيؤدي الى هيمنة أميركية على منطقتنا، كما تمسك نصرالله بنظريته التي تقول بأن كيان إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت، وتوعد الإسرائيليين بحضور بث مباشر لتدمير ألويتهم العسكرية إذا دخلت لبنان، وان مشروع الشرق الأوسط الجديد ما كان ليسقط  لولا معادلة الجيش والشعب والمقاومة.
 وأطرح سؤال مهم هنا للسيد نصر الله يحتاج لإجابة منطقية بلا رتوش، هل فعلا سقط مشروع الشرق الأوسط الجديد في ظل التبعية الواضحة للدول العربية والهيمنة الأمريكية الصهيونية والتطبيع العلني المفضوح والمتخاذل من الدول العربية خاصة وأن دول النفط والغاز العربية أصبحت بلا سياسة عربية فهل نحن نغطى هزيمتنا بقشور أم ندفن رؤوسنا في الرمال؟
من منظور حزب الله، ان الحرب على إيران تعني الحرب على جميع دول وأذرع محور المقاومة في الإقليم، وأن المعادلات القديمة تغيرت كلِّيا، وان اي  عدوان على أي دولة أو منظومة من هذا المحور هو عدوان جماعي، وسيتم الرد عليه بشكل جماعي، والمراهنة على ان محور المقاومة هو الذي يملك اليد العليا، ويعود لها القرار النّهائي، ويعترف بذلك الجنرالات في إسرائيل، ان محور المقاومة يتصاعد ويكبر والعمليات الفلسطينية في الضفة والقطاع والقدس تؤكد إزدياد هذه المقاومة.
 ومن منظور إقليمي ،هنالك تخوف عميق في إسرائيل من تحول روسي، والذي يسمح لمقاومة القدس وحزب الله بإستعادة مواقع على بعد 10-15 كم من الحدود الإسرائيلية والأردنية.  ولم تقرر أمريكا أو كيان إسرائيل كيفية الرد على التعزيز الجديد المؤيد لإيران عند الباب الخلفي لإسرائيل .فهل ستكون المقاومة جاهزة لشن حرب او العمل على عدم وقوعها؟  قبل 40 عاما ، سعت إيران بكل قوتها إلى إبعاد الأمريكيين وحلفائهم عن حدودها البرية والبحرية، ومع ذلك ، فإن القوات الأمريكية ليست متواجدة في سوريا والعراق والخليج العربي فقط، ولكنها قد أعيد نشرها في القواعد السعودية وتستعد لإلحاق إسرائيل بالقوات البحرية والجوية والمخابراتية التي تنشئها واشنطن من أجل مضيق هرمز.
وفي الوقت الذي يرى فيه حسن نصر الله أن اسرائيل ستكون الهدف الأكبر لأي حرب يمكن أن يشتعل فتيلها في مِنطقة الخليج، و ان كلفة الحرب ستكون باهظةً جدًّا، ترى طهران ايضا أن خصومها يتجمعون أمام أبوابها وقد دفع هذا ايران إلى توجيه رسالة بإن الوجود غير المشروع للصهاينة في مياه الخليج االعربي يمكن أن يشعل حربا. ربما لم يعد هذا الكلام فارغا ؛ من المتوقع أن تضيف إيران سفن إسرائيلية إلى أهدافها المحتملة الأمريكية والبريطانية والسعودية والإماراتية .ويؤكد ذلك المزاعم الغربية بأن غواصات دولفين الإسرائيلية قد أقامت وجودا دائما في مياه الخليج قبالة الشواطئ الإيرانية كمصدر “لضربة ثانية” في حالة وجود هجوم إيراني على كيان اسرائيل.
يبدو ان القواعد تغيرت منذ أن أعلنت الولايات المتحدة مشاركة إسرائيل في قوة الدفاع الخليجية.. بدأ هذا التغيير مع الهجوم الإسرائيلي على المقاومة في العراق على مركز للقيادة والصواريخ الإيرانية. أن دور إسرائيل في الخليج هو الخطوة التالية في اللعبة الجديدة ، فتح جبهة خامسة ضد إيران بعد سوريا والعراق ولبنان وقطاع غزة ومحور المقاومة فهل اسرائيل عاجزة برا وجوا على القِيام بأي عملية عسكرية كبرى في الاقليم؟ رغم الحديث عن الضعف البري لجيشها وانكشاف جبهتها الداخلية؟ وهل المقاومة قادرة فعلا على المواجهة رغم وجود قوة الردع بيدها و رغم الحديث عن نقل البعد المكاني للحرب؟
من جهة أخرى، حسن نصر الله إستاء من عدم وجود وحدة وطنية في حرب تموز وانما كان هناك موقف سياسي رسمي متميز للرئيس لحود و الرئيس بري ومن تضامن من كتل وتيارات وقتها ، لكن الواقعية السياسية اليوم تبرهن ان التنافر السياسي في الداخل اللبناني والذي يعزز من قبل واشنطن نفسها بالمراهنة على باسيل وعون وجنبلاط والحريري ليست بأفضل من قبل، وفي النهاية، كان التوافق السياسي يجر لبنان أكثر إلى محور النفوذ الإيراني . لكن واشنطن قد تدعم لخيارات أخرى لدى بعض الساسة في لبنان، وانه لا يجدر السماح بعد الآن للتيار الوطني الحر وحلفاء آخرين لحزب الله بتنفيذ الأجندة الإيرانية في لبنان دون أي عواقب وأنه ليس مضطرا للتنازل عن لبنان لإيران ، فهل ستستمر المعادلة بالتفاعل مع التلويح بفرض العقوبات؟، ومع القرار الرسمي بتجاهل وحدة الشعب في دولته ، والتعامل معه بطوائفه. و تهاوي الدولة أمام النفوذ الاجنبي..فكيف سيكون مسار حزب الله ومع من؟ وقراره بإن كل بقعة في جنوب لبنان ستكون على شاكلة مربع الصمود بأكثر من 500 مرة.. وهل حقا أدرك اللاعبين الصغار في المنطقة أن النار التي أرادوا إشعالها لن تحرق أصابعهم فقط بل وجوههم أيضاً؟
كاتبة من الاردن