عودة مصر والأردن إلى العراق! خليل قانصوة

الإثنين 05 أغسطس 2019 01:32 م / بتوقيت القدس +2GMT
عودة مصر والأردن إلى العراق! خليل قانصوة



يستوقفك خبر يفيد عن أن الولايات المتحدة الأميركية تحض على عقد اجتماعات تشاورية بين وزراء خارجية مصر والأردن والعراق، دعما لاستراتيجيتها الهادفة إلى عزل أيران عن محيطها وإضعافها سياسيا وعسكريا (رأي اليوم في 4.07.2019 ) .
ليس من حاجة لإطالة في الكلام تدليلا على علاقة تبعية تربط بين الولايات المتحدة الأميركية والدول الثلاث المذكورة، ولا حرج في القول أن العراق فقد نتيجة لحروب الولايات المتحدة الأميركية ضده الكثير من مقومات السيادة الوطنية ومن ثروته النفطية . ينبني عليه أنه من طبيعي بمناسبة تصعيد الضغوط الأميركية على إيران أن تعود الساحة العراقية إلى الواجهة . بتعبير آخر إن كون العراق قد تحول يا للأسف إلى منصة، تعسكر فيها جيوش الولايات المتحدة الأميركية الرسمية والمخصخصة وإلى منطلق لجماعات المرتزقة التي تعمل في خدمتها، يضعه في قلب المنازعة المحتدمة بينها ومعها إسرائيل وحلفائهما في أوروبا من جهة وبين شعوب منطقة ” الهلال ” الممتدة من أيران شرقا إلى الفضاء السوري غربا، هذا الهلال الذي اطلق عليه كما هو معروف الملك الأردني اسم ” الهلال الشيعي “، قبل وقت قصير من استهلال “الربيع العربي”.
أعتقد أن ما يهم في مسألة عودة النظامين الأردني والمصري إلى العراق هو أنها تحظى بتشجيع ودعم الولايات المتحدة الأميركية، وعندما نذكر هذه الأخيرة فأننا نعني ضمنيا إسرائيل، التي تسلك نهجا رأسماليا ليبراليا قائما في جوهره على التمييز العنصري مبررا لإقصاء الناس عن أوطانهم بكل الوسائل الإرهابية المتخيلة ومن ضمنها مجازر السكان العزل المتفاوتة شناعة.
ينبني عليه أن ما يدبر في العراق، بواسطة الدول الثلاث ليس بالقطع خدمة لمصالح شعوبها وهو استطرادا ليس في مصلحة الناس “في مجمل المنطقة بشكل عام وفي البيت العربي بشكل خاص”. فمنطقي في هذا السياق أن لا نستبعد فرضية أن تؤدي قوات مصرية وأردنية دورا رديفا للجيوش الأميركية في العراق، بتمويل عراقي، الذي قد يكون من نوع الدور الذي اضطلعت به هذه القوات أثناء الحرب العراقية ـ الإيرانية ( 1980ـ1988 ) التي أسفرت كما هو معلوم عن وقوع العراق في الأحابيل الأميركية الإسرائيلية، هذا من ناحية أما من ناحية فيحق للمتابع أيضا أن يرتاب من سياسة النظام المصري الحالي وتحديدا من الاهتمام الذي يبديه من جديد بالجناح “العراقي السوري” من البيت العربي، الأمر الذي يوحي بأنه من المحتمل جدا أن يكون هذا النظام تدخل أمنيا، بشكل أو  بآخر في الفاجعة السورية، مثلما أنه كان حاضرا في أغلب الظن، في الحرب على اليمن، بالإضافة إلى مشاركته في مؤتمر البحرين الذي رعاه صهر الرئيس الأميركي وعراب “صفقة القرن”.
من نافلة القول أن إغلاق الممر العراقي بين إيران من جهة وسورية ولبنان من جهة ثانية هو هدف أميركي إسرائيلي، لا شك في أن عدم الاعتراف بدور الجمهورية الإسلامية الإيرانية في التصدي للخطة الأميركية الإسرائيلية في سورية ولبنان هو مكابرة ممجوجة بمعيار المعطيات التي أثبتتها مقاومة وردع الاعتداءات الإسرائيلية ضد لبنان وتؤكدها الحرب على سورية المستمرة منذ تسع سنوات . وبالتالي فإن أخشى ما يُخشى هو أن يُفضي تماهي بعض نظم الحكم العربية مع السياسة الاستعمارية الأميركية الإسرائيلية في المنطقة إلى أمرين:
ـ اقتناع الناس في بلدان العرب والجوار، بأن هذه النظم مستلبة العقل والإرادة والقدرة بحيث صارت أدوات أميركية إسرائيلية طيعة تجسد خطرهما على الجميع.
ـ اكتشاف الدول الخليجية نفسها لخيوط الخدعات الأميركية الإسرائيلية من أجل ابتزازها، أضف إلى اتضاح الحقيقة امامها أن مصدر الخطر عليها هو أميركا وإسرائيل وأدواتهما العربية وليس أيران . فتعسا وويلا للأدوات من توافق أيراني خليجي على حلحلة التناقضات التي تفرقهم بأساليب عقلانية!
كاتب لبناني مقيم في باريس