مبادئ نتنياهو.. هل تبقى شيء للتفاوض! صادق الشافعي

السبت 03 أغسطس 2019 05:00 م / بتوقيت القدس +2GMT



في الذكرى الأربعين لما يسمى "مجلس السامرة الإقليمي" قال نتنياهو ان سياسته بشأن الضفة الغربية تعتمد على عدة مبادئ:
الأول، هذا هو بلدنا، هذا هو وطننا.
الثاني، أننا سنستمر في تطوير هذه المنطقة المهمة من البلاد.
الثالث: "في أي تسوية، وفي خطة او بدون خطة، لن يتم اقتلاع أي مستوطنة ولن يتم اقتلاع أي مستوطن من منزله". هناك موافقة وتأييد اميركي مسبق لهذا المبدأ، كما سبق وصرح فريدمان السفير الأميركي لدى دولة الاحتلال. وهناك تأكيد حديث على ذلك من غرينبلانت مستشار الرئيس الأميركي واحد عرابي صفقة القرن، حين قال في مقابلته مع صحيفة الشرق الأوسط ان خطتهم للسلام "صفقة القرن" لا تستخدم مصطلح مستوطنات "المتحيز" بل "البلدات والضواحي"، وحين اكد ان "الضفة ليست ارضاً محتلة بل أراض متنازع عليها").
الرابع: "في أي خطة وبدون خطة، سيواصل الجيش الإسرائيلي وقوات الامن السيطرة على الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن، بما في ذلك وادي الأردن" والمقصود هنا هو الأغوار. وهناك تفهم أميركي مسبق لهذا المبدأ كما صرح بذلك مستشار الامن القومي متحدثا عن نفسه وعن الرئيس الأميركي، وذلك خلال الجولة التي صحبه نتنياهو فيها الى الاغوار وتحدث خلالها بتفصيل أكثر عن هذا المبدأ).
الخامس: "أنني أعمل من أجل الاعتراف الدولي بهذه المبادئ".
ليست هذه كل مبادئ نتنياهو، وليست هذه هي المرة الأولى التي يتحدث عنها. هناك مبادئ أخرى شديدة الأهمية كررها مرات كثيرة وفي مناسبات عدة: هناك مثلا مبدأ "لا لدولة فلسطينية". وهنا أيضا تحضر الموافقة الأميركية وآخر تأكيداتها قول غرينبلات، في نفس المقابلة المذكورة "ان خطة السلام لا تستخدم عبارة حل الدولتين".
وهناك مبادئ أخرى يعتبرها نتنياهو محسومة ويتعامل معها كحقائق امر واقع، بعد ان حسمت الإدارة الأميركية موقفها تجاهها وأعلنت تبنيها الرسمي والنهائي لها. وفي أولها "القدس" و"حق العودة".
ليست هذه مبادئ نتنياهو وحده، مهما كانت أهمية موقعه، بل هي مبادئ جامعة للأغلبية الساحقة لمجتمع دولة الاحتلال والغالبية العظمى لقواه السياسية والمجتمعية وبشكل خاص لقوى اليمين المتطرف والفاشي الذي يشكل مظهرها الغالب. يزيد من سطوة هذا المبادئ انها تأتي من واقع احتلالي توسعي متمترس وقوي بذاته، وأيضا بتحالفاته، في مقابل أوضاع ضعيفة ومتنافرة.
غرينبلانت نفسه أضاف الى ما تقدم، مطالبة مجلس الامن في جلسته الأخيرة قبل أيام بتجاهل مئات قرارات الأمم المتحدة وهيئاتها المختلفة المتعلقة بالقضية الوطنية الفلسطينية والصراع مع دولة الاحتلال لأنها لا واقعية ولا فائدة منها. وخص بالذكر منها قرار مجلس الامن 242، لأنه ببساطة القرار الذي يؤكد بالإجماع أن كل ما استولت علية دولة الاحتلال من أراض عربية في حرب 1967 هي " أراض تحت الاحتلال" بما في ذلك القدس.
كل ما تقدم، وغيره الكثير، من نفس القماشة وعلى نفس الدرجة من الفحش:
- هل يترك أي فرصة او بصيص أمل للحديث عن حل سياسي، مطروح الآن، يمكن القبول به او التعاطي معه؟
- هل يترك أي فرصة واي منطق او ذريعة لقبول التعاطي مع المشروع الأمريكي "صفقة القرن" واستقبال فرسان تسويقه.
- هل يترك أي فرصة او إمكانية لقبول ان تبقى الولايات المتحدة هي الصاحب المنفرد، والوكيل الحصري لاي مشروع حل في الوقت الذي تقصي فيه المجتمع الدولي وهيئاته وتشكيلاته وتتنكر لكل القرارات التي صدرت عنه منذ قيام دولة الاحتلال واغتصابها للوطن الفلسطيني.
- والأهم، ونصل السكين يصل الرقبة، هل يترك كل ما تقدم أي مجال مهما كانت ضئيلا للقبول باستمرار الواقع الفلسطيني القائم كما هو: منقسما، متناحرا، ومشتت الإمكانيات. وهل يمكن قبول السماع- مجرد السماع- لكل معلقات الخلفيات والذرائع والمبررات والحجج و..و.. ولأطروحات التلاوم وتبادل المسؤولية والتهرب منها ورميها في حضن الآخر، في الوقت الذي فيه الكل مسؤول عن الوصول الى هذا الواقع بهذه الدرجة او تلك، ولو حتى في حدود الصمت العاجز.
- وهل يمكن مع كل ما تقدم، وتحت أي ذريعة او مبرر، ان يكون هناك تعامل من قبل تنظيم بعينه مع دولة الاحتلال يؤدي الى تفاهمات بمعزل عن المجموع الوطني ومؤسساته الجامعة، مهما كانت موضوعات التعامل والتفاهمات وظروفهما وضروراتهما ومحدوديتهما؟
- وهل يجوز استمرار حال التجاهل لحق الجماهير ودورها مسؤوليتها من قبل كل التنظيمات، وان بتفاوت أيضا. في الوقت الذي تبدو الأمور في غاية الجلاء ان لا مخرج من الواقع المشكو منه الا باستعادة الجماهير لدورها.