إسرائيل التي تحاصرنا تدرس مساعدتنا والتخفيف من أزمتنا المالية، ليس بحقائب قطر كما يجري الامر في غزة وانما ستتنازل هي عما تُحصِله منا من ضريبة على الوقود الذي نشتريه منها، بما يصل الى نحو 55.5 مليون دولار شهريا.
اما لماذا تفعل هذا فهناك قولان: الاول ان إسرائيل لا تريد للسلطة ان تنهار والمخاوف من ان يؤدي ذلك الى خروج الاوضاع الأمنية عن السيطرة في الضفة الغربية، والثاني ان إسرائيل تسعى الى تثبيت قرارها المتعلق باقتطاع مخصصات اسر الشهداء والأسرى من اجل تجريم النضال الفلسطيني.
الراجح ان إسرائيل تريد تحقيق القولين، وان كان هناك فارق بين الاثنين على مستوى المؤقت والدائم.
فإسرائيل وان كانت الترجيحات ان تنتهى ازمة المقاصة او الضرائب الفلسطينية مع أوائل السنة المقبلة أي بعد الانتخابات الإسرائيلية وتشكيل حكومة في تل ابيب، تسعى الى إيجاد الحلول المالية للسلطة ليس حبا فيها او خوفا على انهيارها كما يقال وانما من اجل تثبيت عملية خصم مخصصات اسر الشهداء والجرحى وبالتالي وسم النضال الفلسطيني وتثبيت ذلك رسميا امام العالم وعلى المدى البعيد وهذا هو الدائم الذي تريده اسرائيل.
اما المؤقت فهو عدم رغبة إسرائيل في انهيار السلطة الفلسطينية على الأقل في المدى المنظور خاصة مع حالة الضعف التي تعيشها اليوم وما يتيحه ذلك من مساحة واسعة ومريحة لها كي تتحرك سياسيا وميدانيا على الأرض لرسم حدودها كيفما تشاء بعيدا عن أي اتفاقات وقعتها مع الفلسطينيين دون ادنى مسؤولية لها على من يعيشون تحت احتلالها، لا بل وفوق ذلك هناك جسم رسمي فلسطيني يمكن القاء اللوم عليه كلما اقتضت الضرورة ذلك.
لكن الغريب في الامر انه وبعد ان نقضت إسرائيل جميع اتفاقاتها مع الفلسطينيين ولم تبق منها الا ما ينفعها، ما زلنا نهدد بعدم الالتزام بهذه الاتفاقيات إذا لم تلتزم هي بها، وما زلنا أيضا نتحدث عن خيارات بديلة ان لم تستجب إسرائيل وأميركا للشرعية الدولية.
سنوات عدة مضت ونحن نسمع من قيادتنا عن تلك الخيارات، وفرحنا كثيرا في احدى المرات عندما كانت واحدة من هذه الخيارات الانضمام الى محكمة الجنايات الدولية التي كنا نحلم بان تنصفنا، لكننا لم نكن نعلم او نحاول الا نعلم ان اسرائيل لا تكترث بالهيئات الأممية رغم أهميتها السياسية بالنسبة لنا ولا بهذه المحكمة التي هددت اميركا قضاتها.
نحن اليوم احوج ما يكون لدينا خيارات غير التي سمعنا عنها مرارا، كتغيير تحالفاتنا على سبيل المثال، التي احترقت في ورشة البحرين وبات من الضروري استبدالها والدخول في لعبة التكتلات الجارية في الخليج ولكن من الجهة المقابلة للتحالف الاميركي الإسرائيلي الخليجي، اعتقد وقتها ستكون الصورة مغايرة.