جعجعة بدون طحين !! محمــد يوســف الوحيـــدي

الثلاثاء 25 يونيو 2019 01:07 ص / بتوقيت القدس +2GMT
جعجعة بدون طحين !! محمــد يوســف الوحيـــدي




عاني الفلسطينيون على منذ بداية القضية من آثار مواقف إتسمت بالعاطفية و المزاجية ، و النزق . 
و شكلت تكتيكات الغضب و " الحرد " و المقاطعة أسلوباً و منهجاً ، ربما إشتهرت به أكثر التيارات اليسارية و اليمينية التي كانت تظن أنها " راديكالية"  ، بينما إتهم التيار الوسطي أو الذي إرتضى لنفسه ألقاباً مثل ( الواقعي ، العملي ، البراغماتي .. )  إتهم بالنكوص ، و الأنبطاح و الإستسلام في عدة مفاصل و منعطفات مرت بها قضية فلسطين . 
و الأمثلة على ذلك كثيرة ، ولاحاجة أن أذكر بموقف  العرب و الفلسطينيين من قرار التقسيم ( 181 )- و  لاءات مؤتمر الخرطوم الشهيرة ، و إلقاء إسرائيل في البحر .. وحتى قرارات التنظيمات الفلسطينية ذات التوجهات الثيوقراطية ، و اليسارية من المشاركة في فعل البناء على الأرض و من ثم تراجعهم و إنخراطهم ، بل و إتغماسهم في السلطة و الحكم على حساب اللاءات و الصمود و التصدي .. حتى بات الصمود في وجه التيارت الفلسطينية المخالفة ، و التصدي لمحاولات تغييرهم ولو بالطرق الديمقراطية .. 
ولست هنا بصدد سرد تاريخي ، للمواقف و الأحداث التي تجلت فيها سياسة الغضب و الجموح و الرفض ، دون بديل .. 
- إن رفض التفاوض يعني نقيضه ، فهل اعدت الجهات الرافضة العدة ؟ و هل قياس الفعل المقاوم العسكري جاء كبديل ناجع و ناجح عن التفاوض ؟  
- حتى و إن سلمنا ( جدلاً ) بأن عقدين من التفاوض باء بالفشل .. فما هي النجاحات ، أو حتى  النجاح الذي أسفر عنه الكفاح المسلح؟
- و هل كان الكفاح المسلح بالفعل كفاحاُ مسلحاً وطنياً جامعاً ، أم شابته بعض الشبهات الإسترزاقية ، و الإقليمية ، و خدمة الأهداف الحزبية ؟ 
لنكن صرحاء ، على الأقل بيننا و بين أنفسنا عند الإجابة على تلك التساؤلات التي أعتقد أنها تدور في راس كل واحد منا .. 
ولا أعني هنا ، أننا يجب أن ننكسر و نيأس ، فاليأس خيانة ، ولكن أعني و بصراحة ، أننا يجب أن نتعلم من الدرس ، الذي علم في أبداننا فضلاً على نفسياتنا ، درس في منتهى القسوة و الصعوبة ، على مدى قرن من الزمان ، تتكرر فصوله ، منذ الكتاب الأبيض ، إلى مدريد إلى كامب ديفيد و واي بلانتيشن ، إلى أوسلو ، إلى صفقة القرن .. نرفض ، أو نفاوض ، و ليس لدينا أي خطط بديلة ، و إن وجدت فهي مصابة بعوار منهجي ، و شلل حركي .. 
- صفقة القرن ، و مقدماتها سواء كانت إقتصادية أو إنسانية أو تحت أي عنوان كان .. مرفوضة لأسباب وجيهة من كل زاوية ينظر إليها ، وطنياً و قومياً و دينياً و إنسانيا و سياسياً و قانونياً و إجتماعياً .. فكيف نواجهها ، كيف يمكن للفصائل ، و التنظيمات  و النخب السياسية و الدينية و التي تحتفل سنوياً بعيد إنطلاقة ، و إنفجار ، و بزوغ ، وطلوع ، و إنبعاث و إنبلاج .. هلا تعلن خلاله عن خطط وبدائل جامعة موحدة ، مدروسة و موزونة و ضامنه لإحداث تقدم ، و إختراق ، يصب في الصالح الوطني العام . 
أم أن علينا أن نسمع الجعجعة ولا نرى الطحين ؟ 
ولا شك أن هذه الحالة ، من التشرذم ، و إعتماد أسلوب التسول ، و قبول مساعدات إنسانية ، و الإدعاء بأن القضية هي قضية حصار ومعابر و تجارة .. و الصوت العالي بدون فعل مؤثر ، هي من أهم أسباب تبجح الآخر، بطرح صفقة القرن ، و لا شك ، أن كل المجعجعين ، و كل من لا يقدم أي حل عملي مضمون النتائج ، سواء نضالي كفاحي مسلح ، أو شعبي سلمي مقاوم ، أو تفاوضي ، هو مشارك بطريق غير مباشر في صفقة القرن . 
فهل الإنتفاضة ، هي الحل ؟ و هل إذا ما إنتفض الشعب هذه المرة سينتفض ضد صفقة القرن ، و الإحتلال ، أم ضد الأخضر و اليابس ؟ 
هل ستسمح التنظيمات الفلسطينية بقيام إنتفاضة شعبية ، و من سيقودها ؟ 
هل سيقودها تنظيم ، أم قيادة موحدة ؟ و إن كانت قيادة موحدة ، فمن له الكلمة العليا و النصيب الأكبر في تلك القيادة ؟ 
هل ستتلقى الدعم من إيران ، أم قطر ، أم السعودية أم حزب الله ، أم الإمارات ؟ أم ستعتمد على ذاتها ؟
هل ستسمح و تأمن التنظيمات الفلسطينية اندلاع إنتفاضة شعبية ، لها قياة شعبية ، لا تنتمي لأي منها ؟ 
 إن كلمة السر في هذه المرحلة ، هي الوحدة الوطنية ، و نسف قواعد و أفرع الإنقسام ، و محو ملامحه من الذاكرة الفلسطينية و للأبد .. و الرضوخ لإنتخابات عاجلة ، تفرز قيادة برلمانية و رئاسة جديدة .. وفق برنامج تكون أولى نقاطه إجابة السؤال : 
كيف سنسقط صقة القرن ، و بأسلوب و منهاج لا يسقط الصفقة ، و يسقطنا معها بطريقة شمشونية ، بل بمنهاج واضح ضامن لمكاسب وطنية مترتبه على إسقاط الصفقة .