الأهداف الكامنة وراء شيطنة النظام الإيراني... سليم ماضي

الإثنين 24 يونيو 2019 10:04 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الأهداف الكامنة وراء شيطنة النظام الإيراني... سليم ماضي



يوحي العنوان للوهلة الأولى للقارئ أن النظام الإيراني نظام مثالي أو أخلاقي وتم شيطنته، لكن للحقيقة أن النظام الإيراني له أطماع وأهداف توسعية خاصة في المنطقة العربية وبالتحديد في منطقة الخليج العربي والذي مازال يطلق عليه "الخليج الفارسي" باعتباره جزء من بلاد فارس الاستعمارية التوسعية، والنظام الايراني لا يخفي حقيقته التوسعية ولا تدخله في الشؤون الداخلية للمنطقة؛ فهو ينص في دستوره علانية على مبدأ "تصدير الثورة الايرانية" وهو يحدد المنطقة العربية بالدرجة الأولى باعتبارها تربة خصبة لاستقبال مبادئ الثورة حسب رأيه. وهو يسعى إلى امتلاك الأسلحة النووية لأغراض عسكرية بهدف محاولة قيادة المنطقة والسيطرة عليها، كل هذا جعل الدول العربية تنظر لإيران نظرة عدائية.

لكن شيطنة النظام الإيراني ورفع حدة التوتر والتصعيد العسكري من قبل الولايات المتحدة، بنشر السفن الأمريكية وحاملة الطائرات "أبراهام لينكولن" وتداعيات اسقاط طائرة الاستطلاع في الخليج العربي وفي المنطقة المحيطة به، والتهديد بشن حرب مزعومة عليها في هذا الوقت بالذات، إلى جانب التحريض الاعلامي والسياسي الاسرائيلي واتهام ايران بالدولة المارقة التي تزعزع استقرار المنطقة وتؤثر على الأمن القومي لمنطقة الشرق الأوسط، هذا التحريض والتصعيد له دلالات وأهداف خبيثة أهم هذه الاعتبارات والأهداف:

أولاً: تحاول الادارة الأمريكية جاهدة إلى تمرير ما يسمى ب "صفقة القرن" التي يرفضها الشعب الفلسطيني بكل أطيافه كما ترفضها القيادة الفلسطينية، ومن أجل ذلك تعمل الإدارة الأمريكية على خلق بيئة عربية يسودها جو العداء والحرب، وتحتاج إلى مخلص وحامي لكيانها السياسي، غير مكترثة بما سيحدث في المنطقة وكما ضاعت فلسطين في غفلة من الزمن كما يدعي الايرانيون، فسيضيع ما تبقى منها في حالة من الخداع الصهيوأمريكي.

ثانياً: تغيير بوصلة الصراع، فبعد مرور قرن على "وعد بلفور المشؤوم" والذي ظل راسخاً في الذاكرة العربية خلاله بأن إسرائيل هي العدو المركزي للعرب، تأتي صفقة القرن لتقلب البوصلة، وترسم في الذاكرة بأن العدو الأول والحقيقي هو إيران وليس إسرائيل.

ثالثاً: محاولة رسم صورة مثالية عن إسرائيل في العقل السياسي العربي، تقوم على اعتبار أن إسرائيل دولة ديمقراطية وأخلاقية وهي لا تعتدي على أحد، وهي حليف للعرب وليس عدو، تجعهما قواسم مشتركة أهمها: الدفاع عن مصالحهم وأمنهم القومي من إيران النووية.

رابعاً: اشعار الدول العربية خاصة الخليجية بأن الخطر الايراني الداهم أتِ لا محالة، وأن المخلص والحامي لهم هي إسرائيل والولايات المتحدة، والعمل على زج الدول العربية في حرب دينية مع إيران، وسيكون بالتأكيد المستفيد الأكبر منها أمريكيا؛ وذلك بهدف الابتزاز وبيع الأسلحة بمئات المليارات من الدولارات، والمستفيد الثاني اسرائيل التي ستتملص من استحقاقات التسوية السياسية دون ثمن، كما سيتم استيعابها كقائدة للمنطقة بعد التخلص من المنافس الرئيس لها وبعد اضعاف العرب نتيجة غرقهم في حرب مدمرة مع إيران.

خامساً: فرض ما يسمى ب "صفقة القرن" أو ما يسمى "بالحل الاقليمي" والتي تبدأ ب "الحل الاقتصادي" على الفلسطينيين الذين سيصبحوا ضعفاء بلا ظهير عربي.

سادساً: قد لا تنجح الادارة الأمريكية في تمرير "صفقة القرن" بشكلها ومفهومها العام، لعدة أسباب منها الموقف الفلسطيني الصامد والثابت وأيضاً موقف الدول الإسلامية في القمة الأخيرة بمكة والتي تمثلت في رفض الصفقة ودعم حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال، لكن الادارة الامريكية نجحت في فرض قواعد جديدة لا يمكن تجاهلها اطلاقاً وهي:

- نقل السفارة الأمريكية الى القدس الشرقية وهو ما كان ليحدث لولا ضعف العرب وتواطأهم.

- فرض السيادة الاسرائيلية على المستوطنات في منطقة "سي".

- تغيير بوصلة الصراع، وزج اسرائيل بوجه أخلاقي في المنطقة.

- محاولة القفز عن القيادة الفلسطينية وفرض حلول اقليمية جاهزة.

كل ذلك ما كان ليحصل لولا أطماع إيران التوسعية وتدخلها في الشؤون الداخلية للمنطقة، لكن يبقى السؤال ما هو الحل؟

باعتقادنا أن الولايات المتحدة لن تخوض حرب ضد إيران لأنها المستفيد الأكبر من وجود إيران، ولكنها ستبقى ترعب العرب من البعبع الايراني بهدف ابتزازهم، والحل يكمن في احتواء العرب لإيران، وحل الأزمات معها بالطرق والوسائل والقنوات الدبلوماسية.