اعتبر شلومو سافيرسكي المدير الأكاديمي لمركز "أدفا"، أن التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وأجهزة الأمن الإسرائيلية ساهم في انتعاش الاقتصاد الإسرائيلي بما لا يقل عن دور بنك إسرائيل أو الحكومة الإسرائيلية.
وكتب سافيرسكي في "غلوبس" الاقتصادية، أنه في الأسابيع الأخيرة انتشرت في الصحافة الاقتصادية مقالات تناقش النمو الاقتصادي في العقد الأخير، وذلك على خلفية الانتخابات، وعلى خلفية المخاوف، في إسرائيل والعالم، من تباطؤ قريب.
وأضاف أن هذا النمو نسب إلى عدة جهات، بينها السياسة الصارمة لبنك إسرائيل، وتشدد وزارة المالية في الحفاظ على إطار الميزانية، وعلى عجز منخفض، ونسبة إيجابية بين الديون والإنتاج، إضافة إلى رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو. وهنا يشير إلى تناسي عامل آخر، وكأنه غير موجود، وهو رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس.
وفي حديثه عن العلاقة بين الرئيس عباس والاقتصاد الإسرائيلي، يشير سافيرسكي إلى أنه منذ وصوله إلى رئاسة السلطة الفلسطينية تبنى خطا معارضا للكفاح المسلح، الأمر الذي حقق الهدوء النسبي الذي يسود الضفة الغربية، وهذا الهدوء أتاح ولمدة سنوات طويلة زيادة في النشاط الاقتصادي في داخل الخط الأخضر.وفق قوله.
و لفت إلى أن انتخاب أبو مازن جاء في أعقاب الانتفاضة الثانية، التي استشهد فيها أكثر من 3000 شهيد، بحسبه، وآلاف الجرحى ودمار شامل لبنى تحتية ومصانع ومبان.
في المقابل، كانت خسائر إسرائيل أقل بكثير، ولكن اقتصادها تلقى ضربات قاسية. ويشير في هذا السياق إلى أن الانتفاضة الثانية ترافقت بما وصفه "بنك إسرائيل" أزمة اقتصادية هي الأخطر التي تواجهها، وبضمن ذلك سنتان من النمو الاقتصادي السلبي، وثلاث سنوات من النمو الاقتصادي السلبي للفرد الواحد، وتقلص الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتراجع السياحة، وارتفاع نسبة البطالة إلى نحو 11%، وانخفاض المدخولات من الضرائب، وارتفاع العجز إلى نحو 6%، وارتفاع الدين إلى أكثر من 100% من الناتج المحلي الخام.
ويتابع سافيرسكي أن الحكومة أجرت تقليصات ميزانياتية واسعة، شملت مخصصات التأمين الوطني، وبالنتيجة ارتفعت نسبة الفقر من 17% إلى أكثر من 20%، وكان الثمن الاقتصادي باهظا، وكذلك الثمن الاجتماعي الذي دفعه، أساسا، الإسرائيليون من ذوي الدخل المنخفض.
ويضيف أن الانتفاضة الثانية لم تكن "حادثا منفردا"، وإنما جاءت بعد سنوات من المواجهات، التي بدأت بالانتفاضة الأولى، والتي تسببت في حينه بأزمة اقتصادية حقيقية. وخلال الانتفاضتين واجهت إسرائيل عدة موجات من المواجهات، كتلك التي حصلت في أعقاب مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل.
وقال إن عباس وضع حدا للمواجهات العنيفة، بمساعدة قوات الأمن التي تتعاون مع إسرائيل، والتي يتم تمويلها من قبل الولايات المتحدة، بنحو 60 مليون دولار سنويا.وفق قوله. وهنا يشير إلى أنه بالنتيجة فإن الخزانة الأميركية تستحق "كلمة طيبة" في سياق النمو الاقتصادي في إسرائيل .
وبحسب سافيرسكي تتركز اليوم، المواجهات العنيفة فقط حول قطاع غزة، بينما "القتل والدمار" من نصيب الفلسطينيين، في حين أن مستوطنات الغلاف تعيش في حالة طوارئ لا تتوقف، بيد أنها ليست جزءا من صورة النمو الاقتصادي في إسرائيل، حيث أنه بالنسبة لكثير من الإسرائيليين فإن "مستوطنات غلاف غزة تقع هناك خلف جبال الظلام، ولكن الصاروخ الذي أطلق من قطاع غزة وأصاب منزلا في مشميرت في وسط البلاد كان تذكيرا بأن الأراضي الفلسطينية موجودة هنا، وأن عدم الهدوء هناك سيكون ملموسا داخل الخط الأخضر".
و يضيف أنه "طالما لا يوجد تسوية سياسية فإن اقتصاد إسرائيل سيظل على جبل بركاني. وأن نتنياهو وجد من الصواب حث ناخبيه بتعهد أنه سيطلب من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على المستوطنات، بما في ذلك المستوطنات المعزولة، وهو، أي ترامب، يحب توزيع الأراضي على الأصدقاء، بينما ترحب الحكومة الإسرائيلية بخطواته. والسؤال هو كيف سيرد الفلسطينيون والحديث عن أراضيهم؟ ربما سيكتفون برفع الأكتاف (دلالة على الرفض) لكونهم معتادين على التضييق يوميا. ولكن عندما ينتهي الهدوء ستتعكر أجواء الانتعاش الاقتصادي".