سورية وسيناريو «الــســتــاتـيـكـــو»..عريب الرنتاوي

الإثنين 29 أبريل 2019 09:39 ص / بتوقيت القدس +2GMT
سورية وسيناريو «الــســتــاتـيـكـــو»..عريب الرنتاوي



لا يعترف المسؤولون الروس بوجود حالة "ستاتيكو" في سورية، هذا سيناريو مرعب، وقد يملي عليهم الكثير من الأعباء الأمنية والاقتصادية والاجتماعية ... مع أن مؤشرات عديدة، إن لم نقل كافة المؤشرات، تدفع على الاعتقاد بأن هذا السيناريو بات الأكثر ترجيحاً، وحتى إشعار آخر.
ثمة "فيتو" أميركي لحسم الموقف في شرق الفرات، لا أحد يعرف متى ستنهي واشنطن وجودها العسكري هناك، ولا كيف، ومن غير المحتمل أن تشرع دمشق وحلفاؤها في تنفيذ عملية عسكرية كبرى لاسترجاع هذه المناطق، طالما ظل فيها جندي أميركي واحد، على الرغم من التصريحات النارية التي تصدر من هنا أو هناك.
وثمة "فيتو" تركي، مزدوج هذه المرة، يرفض في شقه الأول أي تفاوض حول مصائر "غصن الزيتون" و"درع الفرات"، أما في شقه الثاني، فيهدف إلى تسييج محافظة إدلب وجوارها، حتى بعد أن صارت قاعدة لأكبر تجمع للإرهابيين منذ أفغانستان وثمانينيات القرن الفائت.
أما الـ"فيتو" الثالث، فتشهره الولايات المتحدة وحلفاؤها، في مواجهة "عودة اللاجئين" و"إعادة الإعمار" و"الانفتاح العربي على سورية"، وهو فيتو مرشح لمزيد من التطورات الحادة، وفقاً لمنطوق "قانون قيصر" الذي يفرض عقوبات خانقة على سورية، تسبب في مراحله الأولى في استحداث أكبر أزمة طاقة ووقود تشهدها البلاد، طيلة سنوات الحرب الثماني.
ميدانياً، ثمة حالة من الجمود، حتى لا نقول "الستاتيكو" تهيمن على الساحة السورية، ولولا اشتباكات متفرقة بين الحين والآخر، لأمكن القول إن المدافع قد صمتت نهائياً في سورية، وأن خطوط التماس قد "ترسمت" على نحو يكرس تقاسم الحصص والنفوذ.
في مواجهة هذا المشهد، تتحرك موسكو بنشاط على خط إحداث المصالحات السورية – العربية، والسورية – التركية، والسورية (العربية – الكردية) ... لا خيار أمام موسكو سوى أن تفعل ذلك، فالملفات ثقيلة، وهي وحدها لن تستطيع حملها وتحمّل تبعاتها، وقد تجهز على المكتسبات التي حققتها روسيا الاتحادية خلال السنوات الأربع التي انقضت على تدخلها العسكري في الأزمة السورية.
لا جديد يذكر على ملف المصالحات العربية السورية، "التقدم بطيء"، هكذا تتحدث موسكو ... هنا مؤشرات إيجابية، بيد أنها غير كافية لمواجهة التعنت الأميركي أو التغلب على خطوط واشنطن الحمراء ... بعض العرب أبدوا استعداداً كبيراً للانفتاح على دمشق، بيد أن واشنطن وبروكسل على حد سواء، أعاقا هذا المسار، إن لم نقل أحبطتاه.
أما على المسار التركي – السوري، فالوسيط الروسي لا يعمل منفرداً، طهران بدورها دخلت على الخط، وسعت في توظيف علاقاتها الجيدة مع الجانبين من أجل حفزهما لتجاوز التأزم في علاقاتهما الثنائية ... لا تطور نوعياً حصل هذا المسار أيضاً ... تركيا لم تسلم بعد بالحقائق الجديدة التي تم فرضها على الأرض خلال العامين الفائتين.
والحركة على طريق القامشلي – دمشق، ليست أفضل حالاً من مثيلها على المسارين السابقين ... للأكراد سقف مرتفع من المطالب والتطلعات، وللنظام نظرة تنقصها المرونة في التعاطي مع الملف الكردي، رغم حاجته "الخانقة" لاستعادة سيطرته على حقول النفط الغنية فيها، أقله لمواجهة الحظر الأميركي الخانق ... هنا، وهنا أيضاً، يطل الـ"فيتو" الأميركي برأسه من جديد، وبين الطرفين المتخاصمين، تقف موسكو في وضع لا تحسد عليه.
حتى الضربات العسكرية الإسرائيلية لأهداف تزعم تل أبيب أنها تابعة لإيران و"حزب الله"، لا يبدو أن لها نهاية وشيكة، فلا موسكو بوارد تسليم دمشق أسلحة كاسرة للتوازنات، ولا هي تمتلك القدرة على ثني حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل عن الكف عن عدواناتها المتكررة للعمق السوري، والتي باتت محرجة لدمشق وحلفائها، وبدرجة أقل لموسكو ذاتها.
لا أحد لديه تقدير للآجال الزمنية التي ستنقضي قبل أن تعرف الأزمة السورية، طريقها لحل سورية، وقبل أن تنجح سورية في تطبيع علاقاتها مع جوارها والمجتمع العربي، باعتبار ذلك متطلباً ومدخلاً لإعادة الإعمار وعودة اللاجئين وإتمام العملية السياسية.