ناصر اللحام .. و إستراتيجية الفنكوش .. محــمد يوسف الوحيــدي

السبت 27 أبريل 2019 11:32 م / بتوقيت القدس +2GMT
ناصر اللحام .. و إستراتيجية الفنكوش ..  محــمد يوسف الوحيــدي






كل ما حك الكوز بالجرة ، تجد طابوراً من المفكرين المنغمسين في قراءة أرسطو ، و حكايات نبوخذ نصر ،و الأوديسة ، و بطولات سبارتاكوس ، أوحكايات بيدبا و جدليات ماركس و إنجلز ، و ثورة لينين ، و الأبيض و الأحمر ، و تعديلات ماو أو تجده منشغل بتفكيك برديات الفراعنة ..و فجأة  يستفيقون ، ليحدثوك من خلال عتمة مكاتبهم ، أو صوامعهم الرطبة ، عن الإستراتيجيات ، و الضرورات ، و تجد على هوامشهم قوافل الشعراء ، بالعامية ، و البحور ، و الحر و الحديث ، كل يغني على ليلى .. فذاك يتغنى بالحرية الحمراء ، و هذا ينسج بيوت الشعر بكسر السين في أمجاد ماضٍ و دروس التاريخ الأندلسي .. أما أحبار الأمة ، بعممهم الصافية ، وألوانها الزاهية ، خضراء كانت أو سوداء ، أو حتى تلك البيضاء المخروطية ، أو البيضاء الملفوفة و تلك المسدولة ، يتزينون و يستاكون ، ثم يحدثوك عن فحولة نبينا ، و مقدار ضرب نواشز النساء ، و ضرورة الصيام و القيام و الإمتناع عن الجماع وقت السحر ، و دعاء المطر .. أما الأبارشة و الكهان ، و الغلمان ، و الرهبان ، في كل وقت و آن .. لا يملون من الحديث عن المحبة ، و السلام و عظمة الإخاء ، مع الأصدقاء و الأعداء على السواء ..  أكاد أقسم أن الحكماء و الحكام و الأئمة و الأحبار و الرهبان و الشعراء سواء ..كلهم في واد يهيمون .. و نحن ، نحن الغلابا .. نحن الناس ..في واد آخر ..  
 كنت منذ قليل أتفرج ، على الأخ الكاتب الإعلامي ناصر اللحام ، وهو يتحدث عن سلطة الإدارة المدنية ، و أسماها بالسلطة الظل ، أو الدولة الظل ..  على أساس أن سلطتنا هي الأصل ، و هم الظل .. و تبسمت و أنا أتفرج ، حيث أني شعرت كم هو بحديثه هذا قد لامس ألماً ، ووجعاً في قلوب الناس ، يعرفونه معرفته لأبنائهم و ينكرونه إنكارهم  لأفعال إبليس .. و لكنهم يعرفون أنها الحقيقة ، و الأحق أن الإدارة المدنية الإسرائليلية هي الأصل ، و نحن الظل .. نحن الظل من يوم رضينا بالشباك المعتم على المعابر ، و بوصلة الحاسوب بحواسيبهم .. يوم رضينا بجواز سفر مكتوب عليه وثيقة سفر بالخط الصغير .. و معرف برقم هوية عسكرية صادر عن إدارة الأحوال الشخصية في الإدارة المدنية الإسرائيلية ، و رقم مسلسل ليس إلا رقم الدفتر ، كأي فاتورة  في أي مطعم .. 
نحن الظل ، يوم أن كذبنا ، و ظللنا نكذب على الناس ، حتى صدقنا أنفسنا ، بأن شارون ( هرب ) من غزة تحت ضرب مقاومتنا ، و سحب المستوطنين من كفار دروم ، و نتساريم و غيرها ، بفعل ضربات صواريخنا التي لا ترحم .. 
نحن الظل ، يوم أقنعنا الناس أننا نقاتل بإسم الله .. و لله ، و في سبيل الله ،، نحن الظل يوم رخصنا أنفسنا ، و شوهنا سمعتنا بين الأمم ، بقتالنا على الجيفة ، من يغنم الكبد و من يسرق قطعة لحم الزند و يهرب بالفخذ .. و نسينا أو تناسينا ، و أقنعنا الناس كذباً ، ثم ما لبثنا أن إقتنعنا أنها ليست جيفة .. 
و اليوم أيضاً كنت أتفرج على إسماعيل هنيه .. و الرفاق حوله ، و من أمامه و من خلفه .. وهو يتحدث عن إستراتيجة مواجهة صفقة القرن .. و أتحداه إن عرف  عن أي فنكوش يتحدث .. و أي مواجهة ، و أي إستراتيجية .. و كيف سيقف مع أو ضد من ؟ 
و بين ناصر اللحام ، و حكيم إستراتيجية  الفنكوش ، تبين لي أننا في حالة عبثية ،  فيها الغبي حكيم ، و الفاجر واعظ ، المثلي ثائر ، و الحرامي  حامي .. 
و الأجدر بنا  أن نغلق على أنفسنا أبوابنا ، و ننكفئ على حالنا .. و بعد أن ننتهي من اللطم و البكاء على ما إقترفه قابيل و هابيل .. و بعد أن تشفى الصدور من غل الثأر ، و حقد الإفقار و الظلم  و خطيئة الخيانة المغلفة  بالدين و الوطنية .. أن نفكر ، أو نترك لجيل قادم .. جيل خالٍ من آثار الترامادول .. و من دماء السفاح و المعصية ، جيل أنقى منا .. يفكر بوضع إستراتيجية وطنيه تليق بفلسطين .. أما هذا الجيل ، و ما أتلفه من جيل قادم .. فلا أمل فيه .