الحق في الصحة وتشريع نورمبيرج ،،، بهجت الحلو

السبت 27 أبريل 2019 12:56 م / بتوقيت القدس +2GMT
الحق في الصحة وتشريع نورمبيرج ،،، بهجت الحلو



حماية الحق في صحة الجسم والعقل من أهم الواجبات التي يجب ان تنهض بها مؤسسات الدولة الادارية والتشريعية والقضائية، لأن الصحة ترتبط بحياة الانسان تقدماً ونكوصاً، ويجب ان تبذل من اجل حماية هذا الحق التدابير مهما غلت تكاليفها.

وللنهوض بالحق في الصحة، يجب تشجيع انشطة البحث العلمي الهادف الى الحفاظ على صحة الانسان، والوصول الى العلاج المناسب للشفاء من الامراض. والبحث العلمي الاصيل هو بحث قائم على اجراء التجارب والتي لا ننكر انها قد تنطوي على مخاطر حتى وان صفت النوايا، ومهما كانتاجراءات الإحاطة واليقظة.

لقد كان الحق في الصحة في صلب انتباه المشرع الدولي قديماً وحديثاً، فحديثاً يعتبر الحق في الصحة أحد اهداف التنمية المستدامة 2030 التي تضمنت توظيف التكنولوجيا الطبية في الابحاث  الطبية لخدمة الانسان. وقديماً تم وضع تشريع دولي خاص بالأبحاث الطبية سمى تشريع نورمبيرج روعيت فيه مبادئ أساسية تستجيب لمفاهيم اخلاقية وقانونية تستند الى دراية المريض وموافقته المسبقة لإجراء البحث عليه وترجيح عدم الحاق الضرر به، وضمان كفاءة الباحث الطبي، ويجب ان يكون الشخص المجرب عليه موافق على اجراء التجربة، وهذا يقتضي ان يكون الشخص مكلف حسب القانون يعي اختياراته ومسؤوليته عن أفعاله النافعة نفعاً محضاً، والضارة ضرراً محضاً، ويتمتع بالأهلية والمسؤولية الكاملة، وان يكون قادر على اتخاذ قراره بدون أي نوع من التأثيرات الخارجية كالضغط والخداع او العنف او التزوير او أي محاوله اقناع او غصب تؤثر على قراره، والأهم كذلك أن يكون مدركاً وفاهماً لتفاصيل التجربة.

لقد نظم تشريع نورمبيرجهذه المسالة بصفته  أحد المبادئ الاساسية للأخلاق في التجارب على الإنسان، حيث تم وضع هذا التشريع ( او هذا الكود ) خلال محاكمة أطباء النازية في مدينة نورمبيرج الألمانية بعد هزيمة الالمان في الحرب العالمية الثانية، ويعتبر حتى اليوم ، الأساس في مجال اعداد وتنفيذ التجارب الطبية والنفسية على بني الانسان.ومبادئ تشريع نورمبرج بشان اجراء التجار بالطبية على الانسان هي:

  1. يجب أن تحمل التجربة هدفاً ايجابياً للبشرية ، هدفا لا يمكن الوصول اليه الا عبر هذه الطريقة.

  2. ينبغي أن تبنى التجربة على معرفه سابقة، كتجارب على الحيوانات أو معلومات طبيعية، مما يجعل إجراء التجربة مبررا.

  3. ينبغي ان تتم التجربة بطريقة يتم خلالها تجنب الأضرار النفسية والجسدية التي لا تلزم.

  4. غير مسموح بإجراء أي تجربة من الممكن أن تؤدي إلى الموت أو إلى إعاقة دائمة، إلا إذا كان المجرب هو نفسه الشخص المجرب عليه.

  5. ممنوع وبشكل مطلق أن تغلب الأضرار الناجمة عن التجربة على الفائدة المرجوة منها في اطار الحدود الانسانية.

  6. الاعداد للتجربة لابد أن يتم بشكل لائق، بحيث يتم تجنب الاضرار الجسدية أو الموت على الاقل للشخص المجرب عليه.

  7. يجب أن يتم اجراء التجربة من قبل أشخاص مؤهلين، ولابد من التزام الاحترام والحذر في جميع مستويات التجربة ومن قبل جميع الاشخاص.

  8. يجب أن تكون للشخص المجرب عليه الفرصة لإنهاء التجربة في أي وقت، عندما يشعر انه غير قادر على المواصلة من الناحية الجسدية أو النفسية.

  9. يجب على مجري التجربة أن يكون مستعداًلإنهاء التجربة في أي وقت، اذا ما شعر من خلال خبرته المتخصصة أن مواصلتها ستؤدي إلى إصابة الشخص المجرب عليه أو إعاقته إعاقة دائمة أو موته.

إن الانسان يتمتع بكرامة متأصلة فيه، يجب احترامها وصيانتها في كل وقت دون تمييز او انتقاص، وان المحافظة على صحة الانسان وحمايتها أمر جوهري، والسعيلإجراء تجارب طبية تسهم في تعزيز وحماية هذا الحق أمر ضروري، ولكنها عملية تخضع لتنظيم القانون وحماية القضاء وفق قواعد ومعايير المساءلة والمحاسبة وجبر الضرر والتعويض.