حفتر والتراب الوطني ... بقلم / اياد جوده

الثلاثاء 09 أبريل 2019 10:01 ص / بتوقيت القدس +2GMT
حفتر والتراب الوطني ... بقلم / اياد جوده



 منذ ان ذهب نظام القذافي وقد غرقت ليبيا في نهر من الدم الذي لا نعلم كم نحتاج من الوقت حتى ينتهي . لم يكن مبررا بالمطلق كل ما حصل في الجماهيرية العظمى، وكان واضحا جدا حجم المؤامرة العلنية التي قادتها دول وجماعات ضد نظام القذافي ، فلم يكن ذلك النظام بعنجهيته السياسية يروق لأولئك الذين فشلوا في الحصول من النظام على امتيازات في النفط والغاز وغيرها . ولا يمكن ان ينسى احد صورة المسئول الايطالي الاول الذي قبل يد العقيد القذافي ذات يوم . لم يكن الشعب الليبي الذي كانت سنته الميلادية مليئة بالمناسبات وذكرى أعياد الجلاء ينتظر ان ما يسميه حرية وعدالة هو اعادة القوات الايطالية لاحتلال جزء من ليبيا من جديد تحت عنوان المساهمة في حفظ الامن والبلاد . ولم يكن الشعب الليبي شعبا فقيرا وكان بالفعل يمارس كل أفراده بطريقة او أخرى حقه في المشاركة السياسية ولا يزاود عليه احد في ذلك فليس هناك في الوطن العربي أي بلد تمارس التداول السلمي للسلطة عبر الاقتراع الا في لبنان ولبنان حكمتها اتفاقية الطائف. أما تلك الدويلة التي دعمت ما يسمى الربيع العربي والذي هو خريف عربي بكل ما تحمله الكلمة من معنى لم تعرف التداول السلمي للسلطة وليس لديها نظام ديمقراطي بل انقلابات على شخوصها، عائلة تمكنت من السلطة كما تمكن غيرها من السلطة في جغرافيا أخرى فهناك من ادعى انه ملك وهناك من ادعى انه امير وهناك من اتخذ لنفسه لقب السلطان وكل هذه المسميات، مسميات هي باختصار لا تليق بهؤلاء المهزومون والمتخاذلون والذين لم يبدعوا الا في قتل الحلم العربي وضياع القدس وفلسطين . حفتر كان هناك بعيدا عن الساحة الليبية بعد ان قرر ان يبتعد عن كل ما عاشه في الجماهيرية ذات يوم فلقد اتخذ قراره بالابتعاد والرجل عند عودته من الخارج قرر ان يوحد التراب الوطني الليبي من خلال اعادة مؤسسة الجيش الى ما كانت عليه وبطريقة أفضل .

لماذا يمكن احترام تجربة الرجل رغم كل ما يمكن ان يقوله عنه معارضيه ؟ لقد خرج الرجل من البلاد دون أي حوادث وعاد بعد الخريف الذي حصل فيها بسنوات فلم يكن طرفا في أي نزاع او أي محاولة لاقتسام الثروة .

ثم ان الرجل أطلق مبادرته حول توحيد التراب الوطني بعد ان نجح الاستعمار في تفتيت البلاد وحولها الى ولايات في الغرب والشرق وبعد ان تغلغلت عصابات مسلحة ومجموعات عديدة في البلاد لتقتطع كل واحدة جزء من البلاد وجزء من الجزء وتستولي على خيراته والتي كان آخرها اقتطاع طرابلس بضواحيها ، فكان مطلوبا من حفتر وفق ما أسمته الاتفاقيات توافقا وطنيا ان يحمي حفتر منابع النفط في حين ان كل المال يصب في العاصمة طرابلس التي يتحكم فيها بعض المسلحين الذين لا سلطة للساسة عليهم ويعملون على ابتزازهم بالقوة حتى ان السراج نفسه خضع تقريبا للاعتقال اكثر من مرة ومنع من التحرك من تلك المجموعات التي يحتمي بها الان .

لقد تحرك حفتر الى بنغازي وكانت الاولى في التصحيح حيث انطلق منها الى درنة والتي كانت ولاية لوحدها ثم الى الجنوب الليبي فأمن حدود بلاده مع السودان وتشاد والجزائر وهو الان في طرابلس يخوض معارك هنا وهناك تحت شعار انتزاع العاصمة من أيدي المسلحين .

ولنقف دقيقة ونتفكر جيدا هل يجوز لدولة او لسياسي ما ان تكون لديه مجموعات مسلحة ام جيش ؟ ان من يحتمي بهم السراج هم مجموعات لم تكن معه أصلا فهم أكثر من احدى 11 فصيل مسلح تحت مسميات مختلفة كل فصيل يسيطر على جغرافيا ما.

أما تلك الفصائل فهي تنسق ميدانيا مع نفسها لضمان عدم الاشتباك وتتقاسم أرزاق البلاد تحت شرعية النظام المحكوم عليه في طرابلس وليس الحاكم . لقد تداعت الدول الى القول بضرورة احترام الاتفاقيات الموقعة وطلبت الامم المتحدة من الجميع العودة الى الحوار ، ولكن كيف يمكن للدول الاوروبية وللأمريكان وغيرهم مطالبة الجيش الوطني الليبي باحترام الاتفاقيات والحوار مع من تصنفهم إرهابيون في مناطق أخرى ؟ ان هذا السلوك ان دل على شيء فلا يدل الا على ان هناك مستخدمون في السياسة الدولية ولذلك على الجميع ان يعي حقيقة وخطورة وحساسية الموقف وان يسعى الكل الى توحيد تراب ليبيا فليس هناك ما يستحق ان تبقى ليبيا تحت همجية ما يسمى الخريف العربي .