معركة غزة للتلميع ليس إلا! صابر عارف

الأربعاء 27 مارس 2019 09:46 ص / بتوقيت القدس +2GMT
معركة غزة للتلميع ليس إلا! صابر عارف



تستطيع ان تسمي ما يحصل هذه الايام  على غزة من عدوان وقصف متبادل منها وعليها بما في ذلك من قصف للطيران الصهيوني وبما شمله القصف حتى صباح اليوم الثلاثاء ، وبعد ان بلغت الغارات التي شنتها طائرات الاحتلال أكثر من ٥٠ غارة استهدفت بالقصف بنايات سكنية ومقرات مدنية ومواقع للمقاومة وأراض زراعية، وأسفرت عن قرابة 10 إصابات بين المواطنين. وتدمير مقر زعيم حركة حماس اسماعيل هنيه ..تستطيع تسميته بالمعركة المحسوبة او بالقصف الموقعي المتبادل ، أو اي شيء أخر  ، لكنك لا تستطيع تسميته ابدا بالحرب . لا تستطيع تسميته بالحرب الشاملة على غزة ولا بالحرب من غزة ، فواضح من مجريات الأحداث وتسلسل الضربات المتبادلة وما يرافقها من مواقف وتصريحات سياسية واعلامية ، وما يرافقها احيانا من وقف لإطلاق النار لساعات بفضل وساطات مصرية ودولية ، بما في ذلك اعلان نتنياهو عن نيته قطع زيارته لواشنطن ثم التراجع عن ذلك ، ما هو الا دليل وتاكيد على اننا أمام معركة للتلميع ليس إلا .  يسعى فيها كل من الطرفين ، ومن موقفه وموقعه وحتما بدون تنسيق متبادل لتحسين صورته الداخلية أمام جمهوره الانتخابي كما عند نتنياهو ،  أو لامتصاص غضبه الشعبي كما عند حماس في غزة ، ويتم ذلك كله بحساب كومبيوتري دقيق محسوب فيه حساب لكل شاردة وواردة غير قابل للخطأ ، كما أخطأت صاعقة حماس الربانية بداية الأمر واطلقت الصاروخ على كفار سابا شمال تل ابيب الذي أثار الزوبعة ،وان كانت ليست بفنجان.  فليس اي من الطرفين يسعى ويريد الحرب هذه الايام بالرغم من الجعجعة الاعلامية والتحشدات العسكرية والتهديدات المتبادلة  ، وتحديدا نتنياهو الذي لا يريدها خلال فترة الانتخابات التي قد تشوش عليها ، ان لم تعطلها وتوقفها  صواريخ غزة  . والذي سيعتبر داخل اسرائيل هزة كبيرة لكيانها! .
استغل نتنياهو وحماس ، كل على طريقته وبمفرده صاروخ الصاعقة الحمساوي ليدخل الأول في معركة محسوبة مع غزة في لعبة انتخابية داخلية لكسب المزيد من الاصوات في انتخابات الكنيست الصهيوني بعد اقل من اسبوعين للفوز بانتخابات الكنيست بشكل يمكنه  من تشكيل حكومة يمينية متطرفة في أجواء وتصويت مريح ، واستغلت حماس رد الفعل الصهيوني بقصف محدود ومحسوب لغلاف غزة الاستيطاني لصرف الأنظار الداخلية عن جريمتها بقمع وتكسير أطراف المشاركين في مظاهرات ،، بدنا نعيش ،، التي شملت القطاع احتجاجا على مجمل سياسات حماس في القطاع وما تفرضه من غرامات وضرائب على عامة الناس .
يبدو أن نتنياهو الطامح بالفوز في الانتخابات الإسرائيلية يدرك ويعرف تماما طبيعة المزاج الصهيوني الذي لا يقنعه ولا يشبعه الا العدوان على الفلسطينيين والعرب ، فلم يكتف بدعم الرئيس الامريكي دونالد ترامب وادلائه بصوته لصالحه عبر توقيعه على مرسوم يعترف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان التي احتلتها إسرائيل من سوريا في حرب عام 1967م خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض لتحقيق الحلم الصهيوني منذ عام 1981م الذي ضمت فيه الجولان ولاعطاء  دفعة لنتنياهو قبيل انتخابات التاسع من أبريل نيسان المقبل…لم يكتف نتنياهو بدعم ترامب المطلق والذي لم يتوقف منذ اعترافه بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال ومسلسل الدعم المتواصل الذي حطم فيه كل القوانين والاعراف والاخلاق الدولية وصولا لقراره بالاعتراف بحق اسرائيل بضم هضبة الجولان السورية .
لا يبدو اننا امام حرب شاملة هذه الايام على غزة ،  فلم يحن وقتها الاسرائيلي بعد ، فما يحققه الحصار الاسرائيلي الفلسطيني العربي لغزة وما يحققه الانقسام الفلسطيني وما يحققه الدعم الامريكي بدون منغصات أهم وأفضل لاسرائيل ويجب عندها قطف ثمار كل هذا دون أي خسائر .
كاتب فلسطيني
saberaref4@gmail.com