في يوم المستهلك الفلسطيني: فقر وبطالة والإنفاق الأعلى على الغذاء..عبد الناصر النجار

السبت 16 مارس 2019 11:09 ص / بتوقيت القدس +2GMT



في التقرير الصادر عن الجهاز المركزي للإحصاء لمناسبة يوم المستهلك الفلسطيني الذي يصادف الخامس عشر من آذار أرقام إحصائية يجب التوقف عندها، لأنها تحمل كثيراً من المخاطر، تستوجب من صانعي القرار أخذ هذه الإحصاءات بجدية عند وضع خططهم للسنوات المقبلة.
تشير الإحصاءات إلى أن الفلسطيني ينفق 31% من دخله على الطعام، بواقع 29% في الضفة الغربية و36% في قطاع غزة، ما يعني أن أكثر من ثلث دخل الفلسطيني يذهب إلى المأكل والمشرب (إحصاءات العام 2017).
وحسب المعطيات العالمية، فإن الدول الأكثر فقراً هي التي ترتفع فيها نسبة الإنفاق على الغذاء. وعلى سبيل المثال فإن نسبة إنفاق الأميركي على الطعام لا تتجاوز 7% من دخله، وفي أوروبا الغربية لا تتعدى النسبة 12%، أما في الدول العربية فهناك تفاوت، ففي الكويت تبلغ النسبة 6ر18%، وفي الإمارات 4ر14% وفي البحرين 1ر14%، وفي مصر  6ر43%، وفي الأردن 4ر40% وفي المغرب 5ر 40% (حسب إحصاءات العام 2016).
الأرقام توضح أنه في الدول محدودة الدخل ومن بينها فلسطين فإن الطعام يظل الهم الأساسي للمواطن، وأن تدني الدخل السنوي للفرد هو السبب في ارتفاع الإنفاق على الطعام.
الإحصاءات الفلسطينية تظهر تغييراً في نمط الاستهلاك خلال السنوات الست الماضية من خلال الارتفاع الواضح للإنفاق على المواصلات والاتصالات على حساب الطعام، فقد انخفض الإنفاق على الطعام من 36% في العام 2011 إلى 31% في 2017، بينما ارتفع الإنفاق على المواصلات والاتصالات نحو 8% من العام 2011 إلى عام 2017.
المشكلة هنا أننا نغرق في نمط الاستهلاك الرأسمالي دون أن ينعكس ذلك على الإنتاج، فأعداد السيارات الخاصة في ازدياد، بحيث أصبحنا نشاهد أمام كل منزل سيارة واحدة على الأقل، وبالنسبة للاتصالات فإن كل فرد بالغ يملك جهاز اتصالات وهذا له تكلفته، وكثير من الشباب والفتية يحولون مصروفهم اليومي لشراء خدمات الاتصال.
والسؤال، ما دمنا في مرحلة تحرر وطني واقتصاد هش، فكيف يمكن التوفيق بين استحقاق التحرر والنمط الاستهلاكي الرأسمالي؟!
الأخطر بالنسبة للمواصلات أن جزءاً كبيراً من الإنفاق يأتي من القروض الشخصية التي باتت تثقل كاهل معظم الموظفين في القطاعين العام والخاص، ويظهر ثقل هذه القروض مع كل هزة مالية، وربما أزمة الرواتب الحالية تكشف عمق ما يعانيه المواطن من قروض السكن والمواصلات.
بالنسبة لقطاع غزة فإن الأرقام كارثية، حيث نلاحظ أن معدل الإنفاق الشهري للفرد في الضفة الغربية يصل إلى 220 ديناراً أردنياً مقابل 91 ديناراً في قطاع غزة (للعام 2017)، علماً أن معدل الإنفاق الشهري للفرد في القطاع في العام 1011 كان 110 دنانير أردنية، ما يعني أن الإنفاق انخفض في السنوات الست الماضية بما يقارب 12% في الوقت الذي ارتفع فيه إنفاق الفرد في الضفة من 188 ديناراً في العام 2011 إلى 220 ديناراً في 2017، ما يعني أن الفجوة تتسع بين الإنفاق في الضفة والقطاع.
والأخطر في الإحصاءات هي أن أكثر من نصف سكان القطاع فقراء حيث وصلت نسبة الفقر إلى 53% من مجمل عدد السكان، بينما لا تزيد نسبة الفقر في الضفة على 14% (في العام 2017)، أي أن الفقر في غزة يقارب أربعة أضعاف ما هو في الضفة. علماً أن نسبة الفقر في غزة لم تتجاوز 37% في العام 2011.
وتشير إحصاءات العام 2017 إلى أن أكثر من ربع الشباب فقراء وفقاً للمفهوم الوطني للفقر الذي يستند إلى التعريف الرسمي كما هو موضح في العام 1997، وما استند إلى الاحتياجات الأساسية للأسرة التي تتألف من خمسة أشخاص وهم الوالدان وثلاثة أطفال، حيث يبلغ خط الفقر 2470 شيكلاً والفقر المدقع للأسر 1974 شيكلاً. وإذا ما قارنا دخل الأسر الشابة في القطاع، فإننا نلاحظ أن أكثر من نصفها أقرب إلى خط الفقر المدقع، خاصة أنه في إحصاءات سابقة تشير إلى أن أكثر من نصف المشغلين في القطاع الخاص لا يلتزمون بدفع الحد الأدنى من الأجر للمستخدمين.
وبالنسبة للبطالة فالحديث يطول، سواء بالنسبة لبطالة الخريجين أو العمالة الماهرة وغير الماهرة حيث تزيد على 50% في القطاع مع حصار خانق متواصل منذ العام 2006.
الأرقام والإحصاءات هي مؤشرات على انفجار شعب مضغوط حتى الرمق الأخير. وفي القطاع المؤشرات هي مكونات لقنبلة موقوتة تحتاج فقط لإشعال الفتيل وقد يأتي لسبب غير متوقع ودون إنذار!!.