«قانون القومية وراءنا وصفقة القرن أمامنا وليس لنا من خيارات غير الوحدة». و»ان بقاءها (القائمة المشتركة)، اليوم، خاصة بعد سن قانون القومية وجملة من القوانين العنصرية الأخرى، اصبح ضروريا اكثر».
هذا مما صدر عن الاجتماع التشاوري بين رئيس لجنة الوفاق الوطني ورئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية محمد بركة، ورئيس اللجنة القطرية للسلطات المحلية العربية مضر يونس وبمشاركة ممثلين عن لجنة الوفاق الوطني.
من جهته، قال ايمن عودة رئيس القائمة المشتركة، «يتعين على الأحزاب العربية من منطلق المسؤولية خوض الانتخابات المقبلة في إطار واسع قدر الإمكان والحفاظ على القائمة المشتركة لمنع تشكيل حكومة يمينية متطرفة».
وفي أول حديث له بعد انتخابه رئيسا لقائمة «الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة»، قال أيضا، «المهمة الآن هي وحدة القائمة العربية بكل مركباتها للمساهمة بمنع تشكيل حكومة اليمين المتطرف، وهذا واجبنا الوطني، وهذا ممكن».
بالمقابل، فقد تمسكت الحركة العربية للتغيير برئاسة أحمد الطيبي خوض الانتخابات المقبلة بقائمة مستقلة «القائمة العربية للتغيير» وانضم إليها تحت نفس الاسم قائمتا «النقب» و»ناصرتي» وقامت بانتخابات تمهيدية انتخبت فيها أعضاء قائمتها. والتفسير الوحيد الذي أعلنته لهذا الموقف كان «رفض الأحزاب المُشكّلة للقائمة المشتركة معنا لمطلبنا باشراك الناس في تركيبة القائمة المشتركة من خلال استطلاعات مهنية او انتخابات تمهيدية (برايمرز)...».
لم تفلح بالحفاظ على القائمة المشتركة وانخراط كل مكوناتها تحت لوائها كل الأقوال والمواقف المذكورة أعلاه. ولم تفلح في ذلك، مساعي الرئيس أبو مازن حين استدعى رئيس بلدية الناصرة علي سلام لمقابلته مساء 17/2 ليبلغه ان تشكيل القائمة المشتركة قبل 4 سنوات أحيا الروح المعنوية للشعب الفلسطيني ولسائر الوطنيين العرب الذين يعيشون إحباطا شديدا بسبب التمزق الفلسطيني والانقسام.
ولم تفلح في ذلك، استجابة علي سلام ومبادرته لدعوة قادة الأحزاب الأربعة المكونة للقائمة المشتركة (الجبهة الديمقراطية، والحركة العربية، والحركة الإسلامية، والتجمع الوطني) ونجاحه فعلا البدء باجتماعات ماراثونية للاتفاق على صيغة محددة لإعادة الوحدة.
الذي حصل وتحقق، هو التوصل الى اتفاق ثنائي اقتصر على «الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة»، و»الحركة العربية للتغيير» لخوض الانتخابات في قائمة واحدة، وبرئاسة مشتركة من ايمن عودة واحمد الطيبي، وإجمالي أعضائها 12.
والاتفاق كما اعلن عنه وعن بعض تفاصيله يمكن وصفه بـ»التوافقي» ويمكن للبعض الذهاب أبعد من ذلك ووصفه بـ»التساومي». وهذا النوع من الاتفاقات يحمل في طياته احتمالات عدم التقيد والالتزام، واحتمالات التنافس والخلاف. والذي حصل وتحقق أيضا، اتفاق «العربية الموحدة» و»التجمع الوطني الديمقراطي» على خوض الانتخابات بقائمة موحدة أخرى برئاسة منصور عباس وإجمالي أعضائها 8.
واصبح هذا الأمر نهائيا منذ ليل الخميس الفائت، موعد تقديم القوائم الانتخابية الى لجنة الانتخابات المركزية. وهكذا سيكون خوض الانتخابات بقائمتين متنافستين بدل القائمة المشتركة الواحدة.
الغريب، ان مكونات القائمة المشتركة لم تقم بعملية تقييم جماعي لتجربتها ودورها وأدائها ودرجة توافقها وانسجامها. والغريب أيضا، انه بدا واضحا، عدم وجود خلافات حول البرنامج السياسي والأهداف بين الأحزاب. وان كل الأمر هو خلافات من نوع: من يقود القائمة، وكم عدد مقاعد كل حزب، وموضع ترتيب أسمائهم في القائمة.
وهذا أمر يغيظ ويقلق الناخبين، فيهدد الكثير منهم بالامتناع عن التصويت وتهدد قلة بالتصويت لقوائم انتخابية صهيونية.
وهذه اخطر نتائج النزول بأكثر من قائمة. فتراجع كثافة تصويت الناخبين (كانت 84% في الانتخابات السابقة) سيعني تراجع عدد الأعضاء العرب في الكنيست وقوة حضورهم وتأثيرهم، وتراجع ترتيبهم بين قوائمه.
وعدم حصول إحدى القائمتين مثلا على الحد الأدنى من الأصوات اللازمة لنجاحها (145000 صوت تقريبا) يعني، إضافة الى خسارتها، ضياع هذه الأصوات هباء وخصمها من رصيد المرشحين العرب ونتائجهم الإجمالية.
هذا الحال لا يبعث على الرضا والارتياح في نفوس الجماهير الفلسطينية أينما تواجدت، بل يبعث على الترقب المتخوف.
مبعث ذلك، ان تجربة القائمة المشتركة ظلت تحظى بإعجاب وتأييد هذه الجماهير بوصفها تجربة عمل وحدوي مميزة وناجحة في زمن الانقسامات والرعب من تفشيها وانتشارها. وظلت تبعث على الأمل والاعتزاز.
فرضت بذلك، درجة عالية من المتابعة والاهتمام بالدور والفعاليات التي تقوم بها في الكنيست وبين الجماهير، على المستويين المحلي والوطني.
فتجربة القائمة المشتركة:
- أمّنت نسبة تصويت غير مسبوقة من ناخبي مناطق 1948.
- وحققت افضل نتائج لجهة عدد الأعضاء الناجحين (13)، واحتلت بذلك موقع الكتلة البرلمانية الثالثة في الكنيست.
- واسهم تشكيلها ونجاحها بنسبة عالية في حسم الجدل حول المشاركة في انتخابات الكنيست او مقاطعتها لجهة المبدأ. وأساس الجدل كان، القناعة بطبيعة ودور الكنيست كمؤسسة من مؤسسات الكيان الصهيوني المحتل والعنصري. وقد حسم الجدل لصالح المشاركة، بوصف الكنيست ساحة نضال ومنازلة، وللدفاع عن جماهير مناطق الـ 48 وحقوقهم ومصالحهم. ودون ان يلغي ذلك استمرار القناعة بطبيعة الكنيست ودوره الموصوفين. ودون ان يلغي أيضا، استمرار قناعة البعض بوجوب مقاطعة انتخاباته.
حتى الآن، لا بدايات ولا مؤشرات لمشاحنات ولا حتى تلاوم بين القوى المتنافسة. والأمل ان يبقى الأمر كذلك. وهذا ما يبقي باب الأمل مفتوحا للنضال بشكل متضامن وموحد في أعمال الكنيست وخارجه. وهذا، ما يبقي السؤال حول إمكانية تشكيل قائمة موحدة داخله قائما وملحا.