ريا الحسن ... أول وزيرة عربية للداخليةالتنازلات المتبادلة..مهند عبد الحميد

الثلاثاء 05 فبراير 2019 10:39 ص / بتوقيت القدس +2GMT
ريا الحسن ... أول وزيرة عربية للداخليةالتنازلات المتبادلة..مهند عبد الحميد



ترسيم انفصال الضفة عن القطاع يقترب، ومن مظاهره هنا في رام الله: حل التشريعي، وحكومة اللون الواحد - فصائل منظمة التحرير-، وانتخابات تشريعية في الضفة، واستمرار الإجراءات كاقتطاع الرواتب، وانسحاب الحكومة من المعابر في قطاع غزة.  
ومن مظاهره هناك في غزة، اتفاق تهدئة بما في ذلك إعادة الإعمار ووعود ببناء ميناء ومطار من طرف واحد، وإعادة نظام الجباية الحمساوية من طرف واحد، والكلام عن إعادة عمل اللجنة الإدارية - حكومة القطاع -، فضلاً عن الاعتقالات والتضييقات المتبادلة في الضفة والقطاع.  
وصول إجراءات الفصل المتبادلة إلى نهايتها الكئيبة يعني ترسيم وقوننة الانفصال بين الضفة والقطاع إلى غير رجعة. 
قد لا يرى كثيرون في القول، إن ترسيم الانقسام يساهم في تفكيك وحدة الشعب الوطنية، ليس فقط بين ضفة وقطاع وإنما سينعكس على علاقة المكونات الأخرى في الشتات وفي مناطق 48 ببعضها البعض، وسينعكس سلبا على الشرعية والتمثيل الفلسطيني ومصداقية الهيئات القيادية في حركتي فتح وحماس. فضلا عن كون فصل الضفة عن القطاع وتكريس الانقسام هو مصلحة إسرائيلية خالصة؛ لأن الفصل يحول دون إقامة دولة فلسطينية، ويقطع الطريق على حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني في مختلف أماكن تواجده، ويضعف النضال التحرري ضد الاحتلال.
ما يهم في زمن التحولات والانعطافات، قطع الطريق على صيرورة الفصل الكارثية، الذي لا يكون بغير تنازلات متبادلة. 
تنازلات ليست من تنظيم لآخر ومن قيادة لأخرى، بل تنازلات لمصلحة السواد الأعظم من المواطنين، تنازلات تشتق من المصلحة العليا للشعب وتوضع في خدمتها، وتدعم مشروع التحرر والخلاص من الاحتلال والتبعية والتدخلات والوصاية والفساد السياسي والإداري والمالي. تنازلات متبادلة كان نموذجها المسؤول وثيقة الوفاق الوطني التاريخية التي صاغها قياديون من سائر الفصائل في سجون الاحتلال العام 2006. 
هؤلاء المناضلون احتكموا فقط لا غير للمصلحة الوطنية العليا وهم يصيغون تلك الوثيقة، ووضعوا المصالح الفئوية جانبا. 
هكذا وعلى ضوء النموذج الشجاع والمسؤول للقادة الأسرى، ما هي التنازلات المطلوبة من كل طرف.   
التنازلات المطلوبة من حركة حماس. 
أولا: التراجع عن اتفاق التهدئة مع دولة الاحتلال وإدارة ترامب ودول إقليمية أخرى، وبلورة رؤية فلسطينية مستقلة تقطع الطريق على العدوان والتدخلات بمشاركة كل القوى والمراكز السياسية الفلسطينية.  
ثانيا: التراجع عن السلطة العميقة وسيطرتها المحكمة في قطاع غزة - أي التراجع عن الانقلاب -، ودعم أجهزة ومؤسسات مستقلة عن التنظيمات، بما يسمح بالتبادل السلمي للسلطة ومركز القرار. 
وما يعنيه ذلك من فصل الجناح العسكري الأمني (كتائب القسام) والكتائب الأخرى، عن الجهاز المدني والشرطة، والاتفاق على أن قرار الرد على العدوان الإسرائيلي والدفاع عن البلد قرار وطني مشترك بمرجعية واحدة. 
ثالثا: تعريف حركة حماس لبرنامج الحد الأدنى الوطني المشترك الذي يحدد الأهداف الوطنية المشتركة، ودعمه وإسنادة بالأقوال والأفعال، وإيجاد نوع من الانسجام بين البرنامج المشترك والبرنامج الخاص، وحل كل تناقض أو تعارض فيما بينهما. 
رابعا : قبول حركة حماس المشاركة في مؤسسات منظمة التحرير وعدم شرط الإقرار بالمنظمة كممثل شرعي وحيد، بسيطرة حماس أو إدخال التعديلات على بنيتها دفعة واحدة، ودخول حركة حماس والفصائل الأخرى إلى مركز القرار الوطني، كبديل لمركز الإخوان وأطراف أخرى باعتبارها مرجعية ملزمة في اتخاذ القرارات. كانت حركة حماس خارج الشرعية طوال الوقت وليس من مصلحتها البقاء خارجها، ولا تستطيع الصعود إلى مركز الشرعية إلا من داخلها وبالأسلوب الديمقراطي وبالفوز بثقة الفئات الواسعة من غير الأعضاء والمناصرين.  
خامسا: القبول بالتعدد السياسي والثقافي والديني واحترام مغزى انضمام فلسطين للاتفاقات والمعاهدات الدولية، وتبني خطاب الإسلام العقلاني المتسامح كبديل لخطاب الإسلام المتزمت الذي يُحرِّم ويكفِّر على هواه. 
سادسا: تحريم الاعتقال السياسي والإفراج عن كل المعتقلين على خلفية سياسية، ووقف التدخل في شؤون حركة فتح من خلال دعم وتسهيل نشاط المنشقين التي تعمل باسم فتح وبأجندات خارجية متناقضة مع المصلحة الوطنية، وتنشر الفساد عبر شراء الولاءات.
سابعا: وقف الحملات الإعلامية والخطاب الإعلامي الذي يفكك الثقة ولا يساعد في بناء رأي عام داعم لإنهاء الانقسام.  
التنازلات المطلوبة من حركة فتح: 
أولا: التراجع عن كل الإجراءات التي ألحقت الضرر بالمواطنين الغزيين، والتعامل مع قطاع غزة كمنطقة منكوبة، وتوفير أقصى أشكال الدعم الممكنة لأبناء قطاع غزة وبخاصة توفير الكهرباء والماء، والتراجع عن سحب الموظفين من المعابر. 
ثانيا: التراجع عن سياسة استخدام أموال الصندوق الوطني والموازنة العامة للضغط على التنظيمات أو معاقبتها على مواقفها المعارضة للسياسة الرسمية. 
ثالثا: احترام قرارات المجلس الوطني والمجلس المركزي وعدم استبدالها بقرارات أخرى أو عدم تطبيقها، ووضع قرار وقف التنسيق الأمني، والاعتراف بإسرائيل واتفاق باريس الاقتصادي في حيز التنفيذ، وإعادة العمل باللجنة التحضيرية لعقد الدورة القادمة للمجلس الوطني. 
رابعا: استقلال الأجهزة الأمنية والشرطة والقضاء وعدم تبعيتها أو انحيازها السياسي لتنظيم فتح، واعتماد المهنية والإخلاص للمواطنين كمعايير بديلة للولاء التنظيمي والتعصب والانحياز على حساب النزاهة، وتوفير المقومات المهنية للتبادل السلمي للسلطة ولمركز القرار. 
خامسا: استقلال مؤسسات ودوائر المنظمة الإعلامية (هيئة الإذاعة والتلفزيون ووفا ومركز الأبحاث ومجلة شؤون فلسطينية) ودائرة اللاجئين والصندوق الوطني والسلك الدبلوماسي،  وإفساح المجال لمشاركة أفراد مستقلين وتنظيمات سياسية في تلك الدوائر، وعدم احتكارها لمصلحة التنظيم الكبير، ووضع حد لحظر النقد والناقدين من أي مشاركة. 
سادسا: الإفراج عن المعتقلين السياسيين وتحريم الاعتقال السياسي، ووقف الحملات الإعلامية ضد حركة حماس، والمعرضين للسياسات الرسمية.  
ويبقى السؤال، هل تبادر أو تستجيب حركتا حماس وفتح للتغيير في سياساتهما، انحيازا للمصلحة الوطنية وللديمقراطية ولضرورات الإصلاح والتجديد والتغيير للأحسن؟ أم سترضيان من الغنيمة بالإياب. 
للأسف لم ترتبط المبادرات والاستجابات السابقة بصناعة الثقة وتوفير البضاعة. 
ولم ينشأ معادل أو طرف ثالث يملك قوة ضغط وتأثير من داخل الحركة السياسية، ولا حراكات اجتماعية معلمين وعاملين وشبابا التي اقتصرت حتى الآن على المطالب الخاصة، ولم ترق إلى المطالب الوطنية والسياسية. 
ورغم كل العقبات والعوائق لا بديل عن استمرار المحاولات من قبل القوى والمجموعات والأفراد. 

mohanned_t@yahoo.com