حذرت دراسة جديدة من أن قلة النوم في ليلة واحدة يمكن أن تجعل الناس أكثر حساسية للألم.
وتقول الدراسة إن قلة النوم تنشط الخلايا العصبية في منطقة من المادة الرمادية التي تستشعر الآلام، وتوقف تلك الخلايا التي تثبطها.
ويشير الباحثون إلى أن النتائج التي توصلوا إليها توفر أول تفسير يستند إلى الدماغ، ويقترحون إيلاء المزيد من الاهتمام بالراحة لأهميتها في انتعاش المرضى في المستشفيات.
ويقول أطباء الأعصاب، إن ليلة نوم مضطربة يمكن أن تطيل ألم المرض والإصابة، وأوضح الدكتور ماثيو والكر، وهو أخصائي في النوم من جامعة كاليفورنيا في بيركلي: "إذا أدى ضعف النوم إلى زيادة حساسيتنا للألم، كما توضح الدراسة، فإن النوم يجب أن يكون ذا أهمية كبرى في ما يتعلق برعاية المرضى، خاصة في أقسام المستشفيات".
وخلال الدراسة، أجرى الباحثون بقيادة والكر وطالبه، آدم كراوز، تجارب على أكثر من 20 مشاركا من البالغين الأصحاء، وفحصوا أدمغتهم بواسطة الرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، ووجدوا أن الآليات العصبية التي تلتقط وتقيم وتنشط إشارات الألم الطبيعية، تتعطل عند عدم الحصول على مقدار النوم الكافي.
ولم تكن زيادة حساسية الألم في قشرة الدماغ الحسية الجسدية، مفاجأة، لكن ما صدم الفريق كان رد الفعل المتدهور في "النواة المتكئة"، وهي منطقة المكافأة التي تطلق الدوبامين الكيميائي الذي يحقق "الشعور الجيد" للحد من الألم.
وقال الدكتور ووكر: "لا يؤدي فقدان النوم إلى تضخيم مناطق تحسس الألم في الدماغ فحسب، بل يمنع أيضا مراكز التسكين الطبيعية".
ولإجراء اختبار إضافي لصلات الألم بالنوم وسيناريوهات الحياة اليومية الأكثر شيوعا، قام الباحثون بمسح لأكثر من 230 بالغا من جميع الأعمار بواسطة المنصة الإلكترونية "Amazon's Mechanical Turk online marketplace"، وطُلب من المشاركين في الاستبيان الإبلاغ عن ساعات نومهم الليلية بالإضافة إلى مستويات الألم اليومية في غضون أيام قليلة.
وأظهرت النتائج أنه حتى التغييرات الطفيفة في أنماط النوم والاستيقاظ كانت مرتبطة بتغييرات حساسية الألم.
وقال كرواز: "تظهر النتائج بوضوح أن التغييرات الطفيفة للغاية في النوم الليلي، لها تأثير واضح على عبء الألم في اليوم التالي".
وأظهر التصوير الدماغي بعد ليلة بلا نوم، زيادات ملحوظة في النشاط في القشرة الحسية الجسدية وإلغاء التنشيط في النواة المتكئة والقشرة المعزولة، وهذا يشير إلى خلل في الآليات العصبية التي تدير الاستجابات الفسيولوجية للمؤثرات المؤلمة.
ويوضح الدكتور ووكر أن النوم يعد "مسكّنا طبيعيا يمكن أن يساعد في تخفيف الألم وتخفيضه"، مشيرا إلى أنه من المفارقات أن البيئة التي يعاني فيها الناس من الألم هي أسوأ مكان للنوم، وهي المستشفيات، والتي تهدف نتائج الدراسة إلى دفعها نحو إنشاء المزيد من المرافق الداخلية المناسبة للمرضى".