محمد العمادي .... كفى! مهند عبد الحميد

الثلاثاء 29 يناير 2019 10:00 ص / بتوقيت القدس +2GMT
محمد العمادي .... كفى! مهند عبد الحميد



كوشنير، غرينبلات، فريدمان هم أعضاء الفريق الأميركي المعني ببلورة صفقة القرن التي وعد بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تلك الصفقة بدأت بضم القدس وشطب اللاجئين ومعهم الأونروا وفتح كل الأبواب أمام التغلغل الاستيطاني في الأرض الفلسطينية والباقي أعظم. 
ولا يجانب الصواب أي متابع للصراع الفلسطيني الإسرائيلي إذا ما أضاف محمد العمادي السفير القطري للفريق الأميركي، وبخاصة بعد أن توقف الفريق أمام مهمة كسر حلقة غزة كحلقة مهمة من حلقات الصفقة. 
هذه ليست تهمة متسرعة فهناك الكثير من المواقف والتصريحات لإسرائيليين نافذين سياسيين وأمنيين وإعلاميين يتحدثون عن أهمية الدور الذي يضطلع به العمادي، فضلا عن أدائه الميداني والفعلي.  
مصدر سياسي في حكومة نتنياهو قال لصحيفة» إسرائيل اليوم» يوم 25  الجاري، إن الإنجاز الكبير الذي حققه نتنياهو من خلال سماحه بإدخال المال القطري إلى قطاع غزة هو فصل غزة عن الضفة»، ويضيف: إسرائيل تراقب كل دولار يدخل إلى القطاع وتعرف هوية كل شخص يتلقى الأموال «ويختم» نجحنا في فصل قطاع غزة وهو أكبر الإنجازات لنا». 
فصل قطاع غزة عن الضفة لم يكن وليد هذا العام، فقد مر بمراحل وأشواط وتراكمات سابقة وتقاطعات مصالح أطراف فلسطينية وإقليمية ودولية، لكن اخطرها كان الطرف الفلسطيني، تأكيدا لمقولة «القلاع لا تسقط إلا من داخلها». 
العمادي ساهم في بلورة اتفاق التهدئة بين حركة حماس ودولة الاحتلال. ذلك الاتفاق الذي يتضمن في مرحلته الأولى هدوءا (وقف إطلاق البالونات والطائرات الحارقة وإنهاء أو تبريد مسيرات العودة) تحققه حركة حماس، مقابل أموال قطرية تُنقل عبر موكب العمادي إلى غزة،  وتوزع على موظفي حركة حماس بعد خضوع القوائم لتدقيق إسرائيلي.
تقول التقارير الإسرائيلية إن 150 ألف دولار من الدفعة السابقة لم يتسلمها أحد وتطالب السلطات الإسرائيلية معرفة مصيرها.  
التعثر النسبي في تطبيق هذه المرحلة من الاتفاق جاء بسبب اشتراطات إسرائيلية إضافية على خلفية النقد المتزايد الذي تعرض له نتنياهو في موسم الانتخابات الحافل بالمزايدات.  
وبحسب موقع المونيتور الإخباري «طلب العمادي من المسؤولين الإسرائيليين وحركة حماس منحه الوقت للتوصل إلى طرق مبتكرة ! لنقل الأموال دون التسبب في إثارة الرأي العام الإسرائيلي، وتفجير موجة غضب فلسطينية جديدة. غير أن المصادر الإسرائيلية تقول، «إن المسار الجديد لنقل الأموال القطرية أعدته إسرائيل وقطر معا» من خلال  العمادي، ويقضي بتحويل الأموال في مسربين، الأول : البنية التحتية - كهرباء وماء - تحت رقابة دولية  والثاني، التوزيع للعائلات الفقيرة - 100 دولار لـ 10 آلاف عائلة.  
هل هذا يعني التوقف عن دفع رواتب موظفي حماس المدنيين؟ أم يعني إدماجهم ضمن قوائم التوزيع بشكل أو بآخر، وغض النظر عن أجزاء من المبالغ التي قد تحول للموظفين دون جلبة على شاكلة الـ 150 ألف دولار.
المرحلة الثانية من اتفاق التهدئة الذي كان عرابه العمادي تنص على تنفيذ سلسلة من المشاريع الكبيرة التي تتعلق بإمدادات الكهرباء ومرافق تحلية المياه، وصولا إلى ميناء عائم ومطار ينفذان  برعاية دولية وعربية، والتي تشكل مقومات لدولة في قطاع غزة هي الدولة الفلسطينية الموعودة، التي تتوج عملية فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية كمرحلة أخيرة من اتفاق التهدئة طويل الأمد الذي ساهم العبادي في إخراجه. 
الغريب في الأمر أن العبادي ممثلا لدولة قطر يتدخل في الشأن الداخلي الفلسطيني متجاوزا الخطوط الحمر التي ليس بوسع أي دولة عربية تجاوزها بهذه السهولة واليسر دون احتجاج أو اعتراض رسمي فلسطيني وغير رسمي من قبل التنظيمات وفي مقدمتها تنظيم فتح ومن قبل قوى المعارضة من داخل وخارج منظمة التحرير. 
إن تمرير اتفاق التهدئة كحلقة من صفقة القرن، تحت شعارات حل الضائقة الإنسانية الحادة لمليوني فلسطيني، يكرس الانقسام ويفصل القطاع عن الضفة، ويصفي حق اللاجئين المشروع بالعودة، وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ويغطي على ضم مدينة القدس ومعظم أراضي الضفة الغربية لدولة الاحتلال. فكيف يجرؤ العمادي ودولته على المشاركة في مشروع من هذا النوع؟ 
السكوت الفلسطيني على دور العمادي الراهن وثيق الصلة بالسكوت على دوره ودور دولة قطر السابق الذي بدأ في العام 2012، وواقع الحال منذ انحياز وتشجيع قطر للانقلاب الحمساوي العام 2007. 
دور العمادي بدأ عندما ترأس لجنة إعادة إعمار غزة المدعومة بمبلغ 400 مليون دولار من خزينة الدولة القطرية. 
تلك الأموال التي وظفت في 110 مشاريع إسكان وطرق وصحة ودعم رواتب حركة حماس وتثبيت حكمها الانفصالي الانقلابي في قطاع غزة. 
وكانت المشاريع التي اشرف عليها العبادي بالتنسيق والتعاون مع حركة حماس وعبر مقاوليها. انحياز العبادي لحركة حماس كان يعني دعم الانقسام، واستفراد قطر في الإعمار بشكل مستقل وموازٍ للأطر الدولية والعربية، بغطاء دعم المقاومة ومساعدة شعب القطاع الذي ترافق مع توطيد علاقات صداقة وتنسيق مع دولة الاحتلال. والسؤال، كيف يستقيم دعم واحتضان المقاومة مع صداقة وتعاون مع الدولة المستهدفة من المقاومة؟ ومع تأييد وتسهيل دولة الاحتلال للدور القطري الداعم للمقاومة في قطاع غزة!. 
وما هي مصلحة قطر في لعب دور الوسيط بين مقاومة واحتلال من موقعها البعيد؟ هل حرصت قطر على «خلق دور فاعل في القضية الفلسطينية، من خلال المال والشعارات الشعبوية، كي تدعم الحل الأميركي الكارثي في نهاية المطاف؟ ما هو غير مفهوم هو نجاح قطر في الحصول على غطاء رسمي فلسطيني بذريعة تقديمها للدعم ربما بدفع استحقاقاتها للسلطة من جهة وبالدفع لحركة حماس من موقع الانحياز لها وتشجيعها على الانقسام. 
وما هو عجيب صمت المعارضين اليساريين والنخب الثقافية والأكاديمية على الدور القطري الخطير. 
تجربة قطر ودول البترو دولار في دعم المنظمة والسلطة، وفي دعم المعارضات العربية وتحديدا المعارضة السورية، يطرح أهمية إعادة النظر في قبول المال السياسي الذي يرتبط بمشاريع إدامة التبعية على صعيد عربي، وتثبيت الاحتلال على صعيد فلسطيني، والمالان يخضعان للرعاية وللأجندة الأميركية. 
ما هو أكثر أهمية هو ارتهان أجزاء أساسية من نخب ثقافية وأكاديمية وأدبية للمال الثقافي عبر الجوائز والنشر والندوات والكتابة في المنابر ودعم الأفلام والمطبوعات والسياحة والسفر والعمل والضيافة. 
ولا شك في أن المال الثقافي أشد خطرا من المال السياسي كونه يشتري الصمت في الوقت الذي تحتاج فيه الشعوب إلى من يرفع الصوت عاليا. بقي القول: لا بد من مطالبة قطر بوقف تدخلها وبوقف دعمها المالي، والأهم سحب سفيرها محمد العمادي.
mohanned_t@yahoo.com