يوما بعد يوم والأمور المعيشية في قطاع غزة تزداد سوءا كنتيجة مباشرة للانقسام والحصار وللحروب التي انهكت الجميع , وللأسف فان هذه العبارة (أنت في غزة) أصبحت دارجة في قطاع غزة بشكل كبير...وأصبحت تسمعها من العديد من المواطنين وأصبحت تنم عن أمور ليست جديرة بأن يتم استخدامها أو انتشارها بشكل يسئ الى قطاع غزة بالرغم من سوء الأوضاع في كل المجالات...
وعندما تستغرب عن حدث معين غير جيد وينم عن عمل سيء يحدث أمامك وتستفسر عنه ..لماذا يحدث ذلك !! يقال لك ...انت في غزة..وكأن غزة أصبحت يضرب بها المثل لهذا السوء ولا نية للاصلاح !!!.
فمثلا عندما تسأل لماذا يقوم المواطن ( رجل او امراة او طفل ) بقطع الطريق بالإشارة الحمراء أو من أماكن غير أماكن المشاة وهو يتحدث بالجوالأو أنه يستعمل الطريق العام بدلا من الرصيف امام السيارات في اماكن تكدس البسطات على الأرصفة والتي تحد من مرور الأفراد على الأرصفة؟ ..
يقال لك.. أنت في غزة....
وعندما ترى روث الحيوانات وسط الشوارع ومن بينها الشوارع العامة حيث الكارات التي يجرها حيوان وتستخدم وسط هذه الطرق لبيع منتجاتها من الخضار والفواكه والمكسرات وتعطل المرور ولا تلتزم باشارات المرور او اتجاه السير وهي تصدح بميكروفوناتها المزعجة جدا لتعلن عن سلعها.
يقال لك..أنت في غزة....
وعندما تمر بعض السيارات في الشوارع بسرعة كبيرة في فصل الشتاء والمطر.. وترشق المياه على المواطنين المارين على الأرصفة أو جوانب الطرق.. وعندما لا يحترم السائقون خطوط المشاة.. وعندما تسير بعض السيارات من نوع معين بسرعة تزيد على 120 كيلومتر في الساعة أثناء سفرها بين مدن قطاع غزة..
يقال لك..أنت في غزة....
وعندما تلاحظ سيارة تنفث السموم بدخانها وعندما تقف سيارات الملاكي التي تنقل الركاب بالاجرة في وسط الطريق لنقل الركاب او تنزيلهم وعندما تزاحم الكارات التي يجرها حيوان السيارات الأخرى في الطرق الرئيسية , وعندما تستخدم سيارات المعاقين الكهربائية الطريق العام وعندما تصادف اطفال يقودون دراجاتهم الهوائية او يتزلجون في الطرق الرئيسية بطرق بهلوانية وغبر منضبطة .
يقال لك ..أنت في غزة....
وعندما تسأل عن عدم احترام ساعات تزويد المواطنين بالكهرباء حيث يتم قطعها وإعادة وصلها دون التزام بمواعيد محددة بالرغم من الأموال القطرية الممولة للوقود ...حتى تعطى فرصة للمواطن باتخاذ الحيطة خاصة في فصل الشتاء البارد جدا هذا العام وعندما يتعطل عداد الكهرباء مسبق الدفع الذي قامت شركة الكهرباء بتركيبه مجانا لضمان استيفاء أثمان استهلاك الكهرباء مسبقا ...يقولون لك اذهب لشراء عداد جديد .. بحجة أن صفقة العدادات التي وزعتها الشركة سابقا كانت من نوعية سيئة ( بالفعل قمت بتغيير 3 عدادات ) وتسأل لماذا يجب ان اشتري عداد جديد؟ .
يقال لك.. أنت في غزة....
وعندما يقوم مواطن بإغلاق طريق ونصب سرادق لأي سبب كان..أو تقوم مضخة للخرسانة بإغلاق طريق رئيسي في وسط النهارأو أن تقوم سيارات توزيع المنتجات على المحلات والسوبر ماركت في منتصف النهار وتعطل المرور وتؤدي الى أزمة مواصلات.
يقال لك.. أنت في غزة....
وفي غزة أصبحت تجد معظم سيارات النقل قد قامت بتركيب أضواء جديدة من "الليد" سواء من الأمام أو من الخلف او كلاهما وكذلك الموتورسايكلات والتوك توك والجرافات وهذ النوع من الأضواء ممنوع قانونيا لأنه يعمى الأبصار أثناء القيادة ليلا..
وهذا تتضرر منه فقط ...لأنك أنت في غزة....
وعندما ترى كارة يجرها حيوان أو موتورسايكل يركبه شخصان أو ثلاثة وربما عائلة كاملة أو توك توك كلهم بدون رخصة وبدون تأمين وبلا رقم يقودها أطفال او رجال يستخدمون الموبايل اثناء القيادة ويسيرون في الشوارع والطرقات بطرق بهلوانية وغير منضبطة أدت في حالات كثيرة الى حوادث ومنها ما أدى الى الوفاه وكلهم لم يقدموا امتحان للحصول على رخصة قيادة لمعرفة قوانين المرور ولا يملكون أرقام لهذه المركبات للتعرف عليهم في حال هروبهم من موقع حدوث حادث أو لأي سبب آخر ( في الماضي كان هناك فحص لمثل هذه المركبات وكان هناك فحص لسائقيها ومنحهم رخص لقيادتها كما ان البلديات كانت تقوم باعطاء أرقام للكارات التي كانت تجوب الطرق الفرعية فقط وكانت ممنوعة من المرور بالطرق الرئيسية ).
يقال لك.. أنت في غزة....
واذا توقفت بسيارتك على خط المشاة أو خرجت من بنك أو محل صرافه او مول او محلات البقالة وبيع اللحوم والدواجن يحيط بك مجموعة من الأطفال والرجال والنساء فمنهم من يريد مسح زجاج سيارتك واخر يبيع الدخان وغيره يبيع ورق محارم..وجميعهم يريدون أن تشترى منهم أو أن تعطيهم مما أعطاك الله.. وفي بعض الأحيان اذا لم تعطهم ما يريدون فربما تتلقى دعوة ضدك أو ضد عائلتك!! فظاهرة التسول أخذت منحنى خطير نتيجة الوضع الاقتصادي المتدهور وعندما تتساءل لماذا لا يوضع حل لهذه الظاهرة التي تحولت الى مهنة !!
فيقال لك.. أنت في غزة....
وإذا رأيت بائعي الدخان يبيعون السجائر للسائقين والاخرين ومنهم الأطفال بالسيجارة الواحدة وهم موجودون ويقفون في معظم نواصي وتقاطعات الطرق والشوارع تقريبا وهم يعرضون ويبيعون السجائر لمن يريد ويعملون على تعطيل السير في بعض الأماكن الهامة عند وقوف السيارات بجوارهم لشراء السجائر أو السيجارة الواحدة...فلماذا انتشرت هذه الظاهرة؟.
يقال لك.. أنت في غزة.....
وعن البسطات لا تسأل !!!! فقد أصبحت محلات دائمة على الأرصفة والطرق الرئيسية ولأنها تغلق الأرصفة فهذا يجبر المواطنين على استخدام الطريق العام للمرور في بعض الأماكن وهذه البسطات لا تخلو من توك توكات ثابتة مزروعة في الطرق الرئيسية , وهذه البسطات والتوك توكات بالاضافة الى انها تعطل مرور المشاة على الأرصفة المخصصة للأفراد بالاساس , أصبحت تزاحم المحلات في عمليات البيع للمواطنين بأسعار تنافسية لمواد ربما لا تكون جيدة وأدت في كثير من الأحيان الى اغلاق بعض المحلات لعدم قدرتها على منافسة تلك البسطات التي لا تقوم بدفع أجرة محل ولا كهرباء ولا ضرائب ( هناك بسطات على أرصفة شارع عمر المختار مساحتها أكبر من المحلات الرسمية والقانونية في نفس الشارع ) ..
واذا سألت عن هذه الفوضى ؟ ..يقال لك خليهم يعيشوا فالوضع الاقتصادي تعبان..ولا تسمع همسا ممن يمثلون أصحاب المحلات والغرف التجارية ورجال الأعمال حماية لأعضائهم وللاقتصاد الوطني بالرغم من أن بعض البلديات بدأت تحارب هذه الظاهرة وان كانت غير كافية ..
لماذا يحدث ذلك؟ ...يقولون لك .. أنت في غزة....
وعندما تسافر من غزة الى رفح عن طريق البحر الجديد ترافقك رائحة المياه العادمة معظم الطريق لوجود حوالي 15 مصب لمياه المجاري في بحر غزة من كافة المدن المنتشرة على ساحل البحر أهمها تلك الواردة من وادي غزة بالرغم من محاولة تنقيتها جزئيا قبل التخلص منها الى البحر , لا سيما وأنها لا ترتبط بنقص الوقود في محطات ضخ المجاري لانها تستقبل المياه العادمة الخام من كل من منطقتي البريج والنصيرات في وسط القطاع !!! لعدم الانتهاء بعد من انشاء محطة المعالجة الرئيسية التي ستخدم مدينتي غزة ودير البلح بالاضافة الى معسكرات اللاجئين في وسط القطاع ( المغازي- البريج – النصيرات ) .
وأهم ما في هذا الموضوع أن بعض أهالي غزة أصبحوا يخشون من تناول الأسماك التي تعيش بالقرب من الشاطئ والتي يتم صيدها وبيعها للمواطنين في هذه المنطقة لكونها تتغذى على الفضلات الواردة مع مياه المجاري وأصبح البعض يعتمد على مزارع الأسماك التي تستخدم ايضا مياه البحر الملوثة !!! أو الأسماك المستوردة من الدول المجاورة !!
لماذا يجرى ذلك؟ .. يقال لانك أنت في غزة!!
ولا ننسى مجموعات بل عصابات الكلاب الضالة التي تنتشر بعد المغرب وفي الليل ضمن مجموعات تصل الى 5 كلاب أو أكثرفي المجموعة الواحدة وهي تنبح ليلا وتهاجم بعضها وتنشر الخوف لدى معظم من يصلى الفجر بالاضافة الى انها تنثر القمامة من الحاويات او الموجودة على الأرصفة بحثا عن الغذاء , والخوف أن تبدأ هذه الكلاب بمهاجمة الأفراد والبيوت بما تحمله من أمراض ومخاطر لاسيما وانها بدأت بالتجول في الجامعات الفلسطينية التي بدأ البعض منها بمحاربة هذه الظاهرة وقتل تلك الكلاب ..
وهذا أيضا يحدث لأنك في غزة..
ونتيجة للوضع الاقتصادي المنهار في غزة تجد مجموعة من الأفراد يقودون عرباتهم التي يجرها حيوان ويقومون بإخراج النفايات من الحاويات الخاصة بها ويستخرجون منها ما يستطيعون بيعه من الزجاجات البلاستيكية أو علب المشروبات .. أو أي مادة أخرى ولكنهم يفرغون محتويات هذه الحاويات في الشوارع العامة...مما يزيد العبء على عمال النظافة الذين يضطرون لإعادة جمعها وتعبئتها من جديد في تلك الحاويات !!..
وهذا يتم لأنك في غزة ...
وأخيرا وليس أخرا حدثني أحد أحفادي بأن ما كنا نقوله لهم بأن من يكذب يذهب الى النار تغير في مدرستهم , لانهم اصبحوا يقولون من يكذب يذهب ليعيش في غزة !!
والله من وراء القصد ,,,,
م. علي ابوشهلا