لو سُئل الجميع عن الوحدة الوطنية لأجاب بأهميتها وضرورة تحقيقها، لكن عند السؤال عن إمكانية تحقيقها تجد الغالبية العظمى يعتقد أن ذلك مستحيل، من واقع التجربة في الماضي التي بُذلت فيها جهود ومحاولات وعُقدت مفاوضات ووقعت اتفاقات وباءت بالفشل ،
وعادت الأمور في كل مرة لنقطة الصفر بل تجاوزت ذلك، ونار المناكفة وتحميل المسؤولية حرقت حشيشة قلوب الناس .
المشكلة بأن المصالحة أوكسجين وطعام وماء، والحالة التي يمر بها شعبنا ويدفع ثمنها ما هي إلا نتاج ما صنعته أيدينا، وما عشناه في الماضي القريب من حالة من الأمل إلا ثمار الهجوم الإيجابي لتحقيق المصالحة .
هذا يؤكد بشكل قاطع أن شعبنا توّاق لتحقيقها، مرتبط بتصوراته لما ستؤول حياته إيجابياً نتاج ثمارها ، فلتستمر المحاولات الإيجابية بدفع كبير وقوة عظيمة باتجاه تحقيق الوحدة والمصالحة على أساس أن اختيار المصالحة بأدوات المناكفة لا يصلح، فللمصالحة أجوائها وبيئتها وفضاء تتنفس فيه، تحتاج لصبر ومراكمة، وطول نفس وبناء على ما تحقق وعدم الهدم والتراجع عن ما أُنجز .
الوحدة الوطنية تحتاج لطرفين، لكن تبريد الأجواء وصناعة الفضاء المناسب يمكن أن يصنعه طرف واحد، وقد فعلت ذلك حركة حماس قبل أشهر ، ومن المفيد للمصلحة الوطنية وللمستقبل الفلسطيني ولحماية القضية الوطنية صناعة ذلك مرة أخرى والكل ينتظر هجوماً جديداً من حماس يجدد الأمل ولربما حركة فتح تلتقط الرسالة.
إن الإجراءات التي تُتخذ من أجل إضعاف الطرف الآخر، أو إفقاده للشرعية ومحاصرته لإجباره على إبداء التنازلات من أجل قيادة الدفة على أرضية الاستسلام تُعمق الفجوة وتنكأ الجراح.
وإن منطق أوسلو قد فشل، واعتباره كأن لم يكن وتجاهُل انعكاساته في الواقع لا يساهم في البناء الذي يتجاوز الإجراءات، وأن استحقاق المقاومة مُكلف والعودة إليها يُدمر ما أنجزناه ويعيدنا إلى نقطة الصفر التي لم نغادرها في الواقع، إغلاق للأبواب وهدم للجسور، فليكن الانطلاق من النقطة التي نحن فيها بما نستطيع ويتحمل المشهد الفلسطيني والإقليمي، وننطلق بهدوء خطوة بعد خطوة لو فصلت بين الأولى والتي تليها سنوات ، على أن نُحرم المواجهة بأدوات غير سياسية من شتم وتخوين ومناكفة تُضعف الوضع وتُزعزع الثقة وتقتل الأمل .
لا خيار أمامنا إلا الوحدة والوحدة يجب أن تصل إلى نقطة قوة، تجمع الشعب الفلسطيني يتحدث بلسان سياسي واحد، ويقود عملية نضالية مُتوافَق عليها ، فتأخير الوحدة لو أخر النصر لكان مقدوراً على تحمل أعبائه ودفع ثمنه، لكنه يعجل الهزيمة ويفاقم الارضاع الاقتصادية والاجتماعية سوءاً مما يجعل من نضالنا جهوداً متناثرة لا تُحوصَل ولا تترجم انجازات تخدم صمود الشعب وحماية القضية الفلسطينية .
إن الثمن المدفوع بنفسية ومعنويات الشعب الذي يُتآكل في وعاء الانقسام نحن مسؤولون عنه، وإن فقدان الامل والثقة بالمستقبل والقدرة على مواجهة المحتل نتيجة للفرقة ، وإن بريق القضية وسطوعها ومظلوميتها ومكانتها إقليمياً ودولياً يتعرض للخطر بسبب الانقسام .
"قل هو من عند أنفسكم"
فيا أيها الفلسطينيون إلى متى هذا العار سيلحق بنا، إلى متى سندفع ثمن انقسامنا!!
الويل لنا
الويل لنا
الويل لنا
" واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا"
واعلموا أن يد الله مع الجماعة وأنه لا يحدث في ملك الله إلا ما أراد الله
بقلم: