حذر تيسير خالد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في حوار مع وسائل الاعلام، من خطورة استخدام بنيامين نتنيباهو الانتخابات الاسرائيلية المبكرة كمنصة انطلاق لهجوم استيطاني واسع في الضفة الغربية بما فيها القدس.
وأضاف في تعقيبه على مصادقة سلطات الاحتلال على توسيع مستوطنة "أفرات " فوق 1200 دونم من اراضي محافظة بيت لحم، أن حكومة اسرائيل تعمل على تنفيذ خطة بناء واسعة النطاق في مستوطنة افرات جنوب بيت لحم من شأنها أن تحاصر المدينة وتمنعها من التوسع العمراني، خاصة بعد ان تم تخصيص 1200 دونم لصالح الخطة المذكورة والتي تنص على إنشاء حي جديد لتوسيع مستوطنة افرات باتجاه مدينة بيت لحم، وكانت الإدارة المدنية قد قامت بتخصيص هذه المنطقة ونقلها لصالح وزارة البناء والإسكان الشهر الماضي في خطوة تهدف الى السماح بالشروع في عمليات التخطيط لإقامة هذا الحي والذي سيطلق عليه اسم "جفعات عيتام"، مضيفا أن إنشاء هذا الحي الاستيطاني الجديد يتطلب القيام بعدة أعمال، خاصة بشق طرق جديدة وبنى تحتية، توطئة لإقامته، وأن 14 وزارة ستقوم برصد أموال من ميزانياتها لدعم هذه الخطة.
وبين: تعتبر الخطة هذه امتدادا لمشروع استيطاني واسع كانت حكومة اسرائيل تجري الاستعدادات له منذ سنوات، فقد كان جيش الاحتلال قد صادر 1700 دونم عام 2009 من اراضي المواطنين في المنطقة من أجل توسيع تجمع “غوش عتصيون” الاستيطاني.
وأكد أن السلطات الإسرائيلية تهدف من خلال مصادرة الأراضي والتعامل معها باعتبارها “أراضي دولة” إلى تمهيد الطريق أمام المستوطنة للشروع في إجراءات الحصول على موافقة الحكومة لبناء 2500 وحدة سكنية فيها، وهذا المشروع، يأتي في إطار مساعي نتنياهو لكسب أصوات اليمين الإسرائيلي.
وأوضح، يوصف مشروع توسعة “أفرات” بأنه مخطط E2، تشبيها بمخطط E1 شرقي القدس الذي يهدف إلى عزل المدينة المقدسة عن الضفة الغربية المحتلة ؛ عبر ربط القدس بمستوطنة “معالي أدوميم”، وصولا إلى البحر الميت، ما يعني تقطيع أوصال الضفة الغربية وعزل القدس تمامًا عن محيطها الفلسطيني .
وأكد انه من الواضح أن حكومة الاحتلال الاسرائيلي تعمل بوتائر مرتفعة خاصة على ابواب الانتخابات المبكرة للكنيست الاسرائيلي لفرض وقائع على الأرض من خلال التعجيل في عملية البناء والتوسع الاستيطاني والمصادقة على مخططات استيطانية إضافية لم نعهدها من قبل بهدف إحكام السيطرة على الارض الفلسطينية في الضفة الغربية بما فيها القدس.
وفي سياق المخططات الاستيطانية المتواصلة قال إن حكومة الاحتلال الاسرائيلي تعتزم في سياق المعركة الانتخابية طرح خطة توسع في بناء المزيد من الوحدات الاستيطانية قرب “مستوطنة افرات “جنوب بيت لحم، ببناء نحو 2500 وحدة استيطانية على اراضي خربة النحلة جنوب بيت لحم، في المشروع الذي أطلق عليه اسم (اي 2) ، وهو محاولة لمنع أي تطوير أو توسيع في مدينة بيت لحم، التي تمنع مستوطنة “هار حوما” توسيعها بالفعل من المنطقة الشماليّة، ما يعني إعاقة أي توسعة للمدينة شمالا وجنوبا، فيما تسمح ما تسمى “الادارة المدنية” الاسرائيلية للمستوطنين بانشاء “مزرعة زراعية” في الخلة، اضافة الى نشر اخطارات على موقعها الإلكتروني تؤكد أنها تعتزم التخطيط لبناء مئات الوحدات السكنيّة على 1182 دونما من الأراضي في المنطقة. وأضاف أنه في حال تم بناء 2500 وحدة استيطانية إضافية، يمكن للمشروع تحويل المستوطنة إلى مدينة جديدة، لتنضم إلى أربع مستوطنات تم تصنيفها كمدن إسرائيلية؛ هي “عيليت” (جنوب القدس المحتلة) و”بيتار عيليت” (جنوب القدس وغربي بيت لحم) و”معاليه ادوميم” (شرقي القدس ) و”ارئيل” على اراضي محافظة ومدينة سلفيت جنوب نابلس (شمال القدس المحتلة).
وردا على سؤال حول نشاطات اسرائيل الاستيطانية بعد صعود دونالد ترامب الى الرئاسة في الولايات المتحدة الاميركية، أوضح أن النشاط الاستيطاني قد تضاعف عدة مرات مع ادارة الرئيس ترامب، حيث تظهر المعطيات حسب البيانات الاسرائيلية بما فيها تلك التي توثقها منظمات اسرائيلية مناهضة للاستيطان مثل حركة “السلام الآن” أن انخفاضاً في حركة البناء الاستيطاني من حوالي 3066 وحدة سكنية العام 2016 إلى 1643 وحدة العام 2017 نتيجة تراجع مشاريع الاستيطان في العامين الأخيرين من فترة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، في حين قفز هذا العدد بنحو 2.5 ضعفاً إلى 6712 وحدة في الأشهر التسعة الأولى من العام 2018 مقارنة مع العام 2016، أي أن هناك زيادة ضخمة في النشاط الاستيطاني العام الماضي، حيث استحوذت مناقصات البناء على أكبر زيادة في هذا النشاط، وبهذا يكون النشاط الاستيطاني قد قفز الى أعلى مستوى تسجله البيانات عن النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية العام 2002.
وحسب معطيات المكتب الوطني للدفاع عن الارض ومقاومة الاستيطان فإن 87% من الوحدات السكنية الجديدة سوف تبنى في مستوطنات “معزولة”، أي خارج الكتل الاستيطانية، فيما يجري التخطيط لبناء آلاف الوحدات السكنية في مستوطنات تقع شرقي جدار الفصل العنصري في الضفة وبضعة مئات أخرى في مستوطنات تقع غربي هذا الجدار بما فيها 121 وحدة سكنية في مستوطنة “يتسهار” جنوبي نابلس والتي تعتبر معقل المستوطنين المتطرفين ومنظمات الارهاب اليهودي، هذا الى جانب إقامة منطقتين صناعيتين بالقرب من مستوطنتي “أفني حيفتس” و”بيتار عيليت”، في مخططين يقضيان بشرعنة بؤرتين استيطانيتين عشوائيتين وإعطائهما مكانة قانونية وهما البؤرتان “إيبي هناحال” و”غفاعوت”. بينما تقضي خطة أخرى بإقامة مستوطنة جديدة قرب البؤرة الاستيطانية العشوائية “متسبيه داني” على شكل مؤسسة تربوية داخلية تشكل مساكن .
وفي إجابته عن السؤال بشأن الاستراتيجية الوطنية لمواجهة خطر الاستيطان الاسرائيلي، أجاب تيسير خالد" للأسف الشديد لا توجد استراتيجية وطنية بالمعنى السياسي الشامل لمواجهة خطر الاستيطان وهو خطر داهم يهدد وحدة التراب الوطني مثلما يهدد الوجود الوطني الفلسطيني، ما هو موجود لدى منظمة التحرير الفلسطينية او السلطة الوطنية هو سياسات تتعامل مع الاستيطان بردود فعل تنجح هنا وتفشل هناك، فيما الاستيطان يتوسع ويتعمق وينتشر كالسرطان في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة. اعني بالسياسات معارك متقطعة في الميدان يقدم فيها المواطنون الغالي والنفيس دفاعا عن الارض في مقاومة الاستيطان دون ان يلمسوا بأن المناطق المهددة بالاستيطان هي في السياسة الرسمية الفلسطينية مناطق تطوير من الدرجة الاولى من حيث المخصصات في الموازنات العامة لدعم الصمود وتطوير القطاع الزراعي وخلق فرص عمل للقوى الفلسطينية العاملة تغنيها عن التوجه للعمل في المستوطنات مثلا، مخصصات وزارعة الزراعة مثلا في الموازنة العامة لا تتجاوز في احسن الاحوال واحد في المئة من الموازنة العامة وهكذا هو الحال بالنسبة للوزارات والإدارات العامة المعنية مثلا بتطوير الخدمات والمخططات الهيكلية والبنى التحتية في الريف، فيما تستحوذ النفقات الأمنية على نحو ثلث المخصصات في الموازنة العامة. هذا وضع غير سليم ويحتاج الى تصويب حتى يصبح ممكنا البحث في استراتيجية وطنية لمواجهة خطر الاستيطان. وعلى المستوى السياسي المحلي قيود اوسلو تشكل عقبة كأداء في طريق تطوير استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الاستيطان، فاتفاقيات اوسلو جزأت الضفة الغربية الى مناطق على الطريقة التالية: هذه لك أي للسلطة الفلسطينية ( مناطق ا ) وهذه لي أي للادارة المدنية وهي الذراع المدني لسلطات وقوات الاحتلال (مناطق ج) وهذه لي ولك أي مناطق (ب) . هذا جعل مناطق (ج) وفي حدود معينة مناطق (ب) مجالات حيوية للنشاطات الاستيطانية وفي ظل هكذا تقسيم للضفة الغربية يستحيل الحديث عن استراتيجية وطنية لمواجهة الاستيطان، فشرط البحث في استراتيجية لمواجهة الاستيطان ينعقد إذا ما تحررنا من قيود اوسلو وتوجهنا بكل قوة نحو السيطرة على سجل الاراضي في الضفة الغربية وتحولنا الى سلطة قادرة على فرض قانون لتسوية الاراضي وتسجيلها باسم اصحابها وفي الوقت نفسه مد ولاية القضاء والمحاكم الفلسطينية على جميع المقيمين في اراضي دولة فلسطين تحت الاحتلال كما حددها قرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 67/19 لعام 2012 واستعنا بالقضاء والمحاكم والعدالة الدولية وبالشرطة الدولية (الانتربول) من اجل جلب كل من بتعدى على الارض الفلسطينية الى العدالة الدولية . هذه معركة يستحق ان نخوضها بكل قوة وعزيمة لأنها من اركان استراتيجية وطنية لمواجهة الاستيطان."
وأضاف" انا لا اقلل هنا من أهمية المقاومة الشعبية السلمية للاستيطان التي تجري في اكثر من مكان في الضفة الغربية بما فيها القدس، فهناك امثلة رائعة من الصمود في وجه جرافات الاحتلال وقطعان الاحتلال في بلعين ونعلين والمعصرة والنبي صالح والخان الاحمر ومسافر يطا وغيرها من مناطق جنوب الخليل وفي عزون وعزون عتمه وكفر قدوم وفي بورين وعوريف وعصيره القبلية وقريوت وجالود وقصره وجوريش واللبن الشرقية وغيرها كثير حيث يخوض المواطنون معاركهم ضد الاستيطان ويقدمون تضحيات تستحق التقدير والاحترام، غير انها معارك متناثرة تربك الاحتلال ولكنها لا توقف عجلة مصادرة الاراضي ووقف زحف الاستيطان ، ما يوقف عجلة مصادرة الاراضي وزحف الاستيطان هو بناء جبهة مقاومة شعبية تعم الريف وتستلهم تجربة انتفاضة الحجارة عام 1987 من حيث اتساع نطاق المشاركة فيها وتستلهم انتفاضة البوابات في الحرم القدسي الشريف في تموز 2017، التي كانت تتطور نحو عصيان وطني في وجه اجراءات الاحتلال في القدس دفعته الى التراجع عن مخططاته".
وحول الاجراءات القانونية والسياسية على المستوى الدولي دعا خالد الى اشكال متعددة وواسعة على هذا الصعيد، ففي مواجهة الاستيطان يجب طرق ابواب مجلس الأمن الدولي باستمرار واستثمار الانجاز العظيم، الذي تحقق في مجلس الأمن نهاية العام 2016 بصدور القرار رقم 2334، ويجب تذكير مجلس الامن باستمرار بمسؤولياته في دفع اسرائيل نحو احترام ذلك القرار وغيره من القرارات التي تجرم النشاطات الاستيطانية وتعتبرها غير شرعية وتدعو اسرائيل الى وقفها دون قيد او شرط حتى لو كلفنا ذلك استخدام الولايات المتحدة حق النقض في كل مرة نطرق فيها ابواب المجلس، وتنفيذ القرار 2334 يجب ان يكون معركتنا لعزل اسرائيل ومعها الولايات المتحدة واظهارهما بمظهر القوى الغاشمة التي تعطل القانون الدولي والعدالة الدولية والشرعية الدولية، وإلى جانب مجلس الامن هناك أيضا الجمعية العامة للأمم المتحدة وأهمية طرق ابوابها تحت بند الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة في كل مرة تحاول فيها الادارة الاميركية تعطيل القانون الدولي والشرعية الدولية في مجلس الأمن، وهناك ايضا المحكمة الجنائية الدولية التي يجب أن توضع أمام ضغوط سياسية واسعة من اجل دفعها للتقدم الى امام في معالجة الشكوى الفلسطينية ضد جرائم الاستيطان الاسرائيلية، والتركيز في هذا على المادة الثامنة من نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية التي تعتبر الاستيطان جريمة حرب والاستناد في ذلك الى الشكوى الفلسطينية الرسمية وشكاوى المواطنين للانتقال من الفحص الاولي الى التحقيق القضائي أي نقل هذه الشكاوي الى الشعبة القضائية في المحكمة والطلب منها ان تباشر تحقيقاتها في جرائم الاستيطان الاسرائيلي في الضفة الغربية بما فيها القدس.
وبين: الى جانب هذا المستوى من التحرك في مجلس الامن وفي الجمعية العامة للامم المتحدة وفي المحكمة الجنائية الدولية هنالك ضرورة للتحرك على المستوى السياسي في علاقاتنا نحن والعرب ومع اصدقائنا كذلك مع مجموعات الدول ودعوتها لممارسة دورها في الضغط على حكومة اسرائيل لوقف جرائم الاستيطان واستخدام سياسة ولغة المصالح على هذا الصعيد بما في ذلك استخدام لغة وسياسة المقاطعة الاقتصادية وفي الحد الادنى تجريم وتحريم دخول منتجات المستوطنات الزراعية والصناعية وخدماتها الى اسواق دول العالم مع التركيز هنا على الدول او مجموعات الدول التي تربطها اتفاقيات تجارية او اتفاقيات شراكة مع اسرائيل كما هو حال الاتحاد الاوروبي، وان اتفاق الشراكة بين اسرائيل ودول الاتحاد الاوروبي يشترط على اسرائيل احترام حقوق الانسان في الاراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967 وحيث ان اسرائيل لا تحترم هذا الشرط يجب علينا طرق ابواب دول الاتحاد الاوروبي مجتمعة ومنفردة ودعوتها في كل مناسبة الى استخدام علاقاتها ونفوذها لدفع اسرائيل نحو احترام شروط اتفاق الشراكة المشار اليه، ناهيك عن مطالبة هذه الدول او معظمها بضرورة استجابة حكوماتها لمواقف مجالسها البرلمانية التي دعتها في اكثر من مناسبة لمقاطعة صريحة وواضحة لمنتجات المستوطنات، بدل سياسة وسم هذه المنتجات التي لا تجدي نفعا في الضغط على حكومة اسرائيل هذا الى جانب مطالبتها الاعتراف بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران 1967 وفقا لقرار الجمعية العامة رقم 67/19 لعام 2012 لكبح جموح اسرائيل نحو تدمير ما يسمى بحل الدولتين.
وأكد: اننا بحاجة فعلا الى استراتيجية وطنية لمواجهة خطر الاستيطان الاسرائيلي الذي ينتشر كالسرطان في جسد الفلسطينية، اما عناصر هذه الاستراتيجية الغائبة حتى الآن فهي متشابكة ومترابطة بين متطلبات وقف التدهور في العلاقات الوطنية الفسطينية والدخول في حوار وطني شامل لطي صفحة الانقسام الاسود ومتطلبات فك الارتباط بدولة الاحتلال الاسرائيلي والتحرر من قيود الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين بدءا باتفاقيات اوسلو وانتهاء باتفاق باريس الاقتصادي ومتطلبات تدويل الحقوق والقضية الوطنية الفلسطينية وخوض معاركها في جميع المحافل الدولية المعنية .