2018 تجاوز المصالحة ..خالد صادق

الإثنين 31 ديسمبر 2018 09:55 م / بتوقيت القدس +2GMT
2018 تجاوز المصالحة ..خالد صادق



آمال كبيرة راودت الفلسطينيين بأن يكون العام 2018م عام المصالحة الفلسطينية, ونهاية للانقسام الداخلي الفلسطيني, وتعاظمت هذه الآمال مع المبادرات التي قدمتها حركة حماس لإنجاح المصالحة, واللقاءات التي جمعت رئيس حركة المقاومة الإسلامية حماس في قطاع غزة القائد يحيى السنوار بكافة الشرائح الاجتماعية الفلسطينية, وإصراره الكبير على إنجاح المصالحة والمضي قدما فيها, ولقائه مع قيادات متنفذة في السلطة الفلسطينية وحركة فتح والتي كانت تنتهي بتصريحات ايجابية كبيرة عن التوصل إلى نقاط تفاهم بين طرفي الانقسام من شأنها ان تنهي كل الخلافات بين الطرفين, وتتجاوز كل العقبات, وهو ما خلق حالة من التفاؤل الكبير والفرحة لدى الفلسطينيين الذين استبشروا خيرا بانتهاء فترة الانقسام, والتوحد على برنامج وطني مشترك تجمع عليه السلطة والفصائل الفلسطينية لمواجهة كل مخططات ومؤامرات الاحتلال ضد شعبنا.

العام 2018م انقضى دون ان تتحقق المصالحة الفلسطينية, وهناك أسباب عدة منعت إنجاح جهود المصالحة رغم الجهود الكبيرة التي بذلتها مصر وقطر وتركيا وغيرها لإنجاح المصالحة وتجاوز الانقسام منها

أولا: مصطلح «التمكين» الذي فسرته السلطة الفلسطينية بمفهومها الخاص, وفسرته حماس بمفهوم مختلف تماماً, فكان ذلك نقطة الخلاف الأولى بين الطرفين, فكان يجب منذ البداية تحديد مفهوم كلمة «التمكين».

ثانيا: التفجير «المسرحي» لموكب رئيس الوزراء رامي الحمدلله أثناء قدومه إلى غزة, والذي اتضح فيما بعد ان أجهزة امن السلطة تقف وراء هذا التفجير, والغرض من ذلك نسف جهود المصالحة وإبقاء حالة الانقسام.

ثالثا: تدخلات خارجية إسرائيلية وأمريكية وعربية للضغط على السلطة بعدم التوافق على المصالحة مع حماس إلا بتسليم سلاح المقاومة, وحل الأجنحة العسكرية للفصائل الفلسطينية, وإغلاق مواقع التدريب ومستودعات الأسلحة, والتوقف عن تطوير إمكانيات المقاومة, وهو ما رفضته كافة الفصائل الفلسطينية.

رابعا: استمرار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في فرض العقوبات الاقتصادية على قطاع غزة, واستمرار التنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال الصهيوني, وهو ما يتعارض مع رؤية الفصائل ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية التي دعت لوقف التنسيق الأمني لأنه يضر بمصالح الفلسطينيين.

هذه أهم الإشكاليات التي اعترضت المصالحة الفلسطينية, والغريب والعجيب ان السلطة الفلسطينية متمسكة بنزع سلاح المقاومة وتجريمها, وهى تعتبر ان المقاومة الفلسطينية المسلحة أضرت بالقضية الفلسطينية وأدت لتراجعها عشرات السنين إلى الوراء كما تحدث بذلك رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس, وهو يعتبر ان السلام خيار استراتيجي لا بديل عنه, وانه لا يؤمن حتى بالمقاومة السلمية ويقصد بها مقاومة «الحجر والمقلاع», وهذا التباين الكبير في رؤية السلطة الفلسطينية ورؤية الفصائل الفلسطينية المقاومة لشكل وطبيعة الصراع مع الاحتلال, توحى بأن المصالحة لا يمكن ان تتحقق في مثل هكذا أجواء, وان الحل يكمن في إجراء انتخابات فلسطينية حقيقية ونزيهة تعطي الشعب الفلسطيني الحق في تحديد ممثليه, والمضي ببرنامجه الوطني الذي تجمع عليه كل الفصائل الفلسطينية, لكن الانتخابات تحتاج إلى أجواء ايجابية وعادلة, وتتطلب ان يديرها طرف نزيه ومحايد حتى تكون نتائجها معبرة عن إرادة الشعب الفلسطيني الحقيقية.

إذا كانت هناك نوايا حقيقية لجعل العام 2019م عام المصالحة الفلسطينية, فإن هذا يتطلب خطوات ايجابية من السلطة الفلسطينية أولها العودة إلى اتفاقية العام 2011م, والدعوة لانعقاد الإطار القيادي الموحد الذي يجمع كل الفصائل الفلسطينية, وإعادة تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية وفق المتغيرات الحاصلة على الساحة الفلسطينية, والدعوة لإعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني بالانتخابات المباشرة, فهذه الأمور إن حدثت فإنها ستؤدي في النهاية إلى فرز جديد على الساحة الفلسطينية, وانتخاب قيادات حقيقية تعبر عن رؤية الشعب الفلسطيني وتتبنى قضاياه وتتحدث بلسانه, إن الإقدام على هذه الخطوات تحتاج إلى إرادة صادقة من السلطة ورئيسها محمود عباس, وتقبل حقيقي لخيارات الشعب الفلسطيني فيمن يمثله, فهل انتم فاعلون؟!.