قد يكون تطرقي لهذا الموضوع غريبا بعض الشئ ولكن كان لا بد في نهاية هذا العام الملئ بالاحداث العظام ان يكون للمراقب كشف حساب مع السلطة الفلسطينية ومكونها الرئيس حركة فتح في ظل الاستقطاب الداخلي والاقليمي والدولي وما تبعه من تجليات حاسمة على الارض من استمرار الانقسام ونقل السفارة الامريكية وتهديد الاونروا والاستيطان والتهويد ومحاولة الاحتلال العنصري البغيض تغيير طبيعة التاريخ والحقيقة في تسارع غير مسبوق.
ومن بديهيات القول ايضا ان اهتمام الجمهور الفلسطيني في ناطقي الفصائل يتجاوز كثيرا اهتمامهم بناطقي الحكومة فما يصدر عن الفصائل وناطقيها يعبر بصورة حقيقة عن الموقف الرسمي سواء في غزة والضفة وينعكس بصورة اساسية على مزاج الرأي العام وتطورات السياسة لما لبعض هؤلاء من اطلاع ومعرفة ببواطن الامور.
الاحزاب الفلسطينية المختلفة والايديلوجية منها خاصة كحماس والجهاد والشعبية لها ناطقيها الرسميون والذين يعبرون عن موقف حركاتهم وتنظيماتهم ولا يستطيع احد ان يشكك في مواقفهم مطلقا فمثلا لا يشكك احد في مواقف " برهوم وداوود شهاب ومزهر وغيرهم من قيادات الصف الاول في تلك الفصائل والتي يعبر المتحدثون باسمها عن رؤية الفصيل بما بات يعرف بورقة " الموقف".
وفي الجانب الاخر من الصورة والذي تمثله " فتح" كفصيل رئيسي على الساحة الفلسطينية وصاحب الشعبية الاكبر نجد الصورة مختلفة تماما فالحديث يدور عن حركة عملاقة يصاحبها ندرة في قدرة ناطقيها على متابعة الحدث وتجلياته مع استثناء " اسامة القواسمي" والذي يعطيك دائما احساسا بانه الاذكى والاقرب والمطلع على تفاصيل اكثر اهمية ويبدو وكانه يعبر عن الموقف الحقيقي للرئيس وفتح والسلطة.
ان مشكلة السلطة وفتح تكمن في انها تسير ضمن منظومة اعلامية تقليدية تعتمد على ردود الافعال وليس المبادرة بخلق الحدث والتعبير فعلا عن ارادة الرئيس والحركة فيما تشعر احيانا بتناثر الرؤى وتعدد الروايات للحدث والموقف الا ما رحم ربي في الاستثناء المذكور اعلاه.
ولا يقلل هذا ابدا من المواقف التي تصدر عن بعض قيادات فتح " العالول، الرجوب وغيرهم" ولكن ملامح " الموسمية" في التصريحات تجعل من الحركة الاكبر متاخرة الى حد في معركة الاعلام والسجال الداخلي الفلسطيني والاسرائيلي والدولي، ما ينعكس سلبا على جمهورها المتعطش دائما لموقف يقترب اكثر من هموم الناس ومتابعاتهم السياسية والحياتية.
ومن الواضح ايضا ان فتح الرسمية تغيب عن منظومة وسائل التواصل الاجتماعي وهي الاكثر اهمية وفاعيلة في الوصول الاسرع الى الجماهير الفلسطينية في الداخل والخارج فيما يتولى جمهورها ومؤيدوها هذه المهمة بعشوائية تلقائية تغيب عنها الرؤية والتركيز عكس معظم الفصائل الفلسطينية التي كونت منظومات متكاملة لمخاطبة الجمهور واقناعه بمواقفها وباتت معظم الفصائل تملك ما يعرف بـ"الجيش الالكتروني" والذي يشكل خط الدفاع الاول عن الحركة والمكلف رسميا وشعبويا بتسويق الفكرة والرواية والموقف.
ومما لا شك فيه ان العام 2019 سيشكل تحديا مركزيا للشعب الفلسطيني وفتح بالتحديد في ظل تطورات متسارعة اقليميا ودوليا واعادة تشكل تحالفات كبرى ما يتطلب من تلك الحركة العملاقة الارتقاء لمستوى التحديات وبالذات الاعلامية منها والتي تتطلب رؤية متجددة وتجنيد اصيل للطاقات والقوى البشرية قبل فوات الاوان.