أسئلة برسم حل المجلس التشريعي..صادق الشافعي

السبت 29 ديسمبر 2018 02:02 م / بتوقيت القدس +2GMT



أثار قرار حل المجلس التشريعي وما زال حالةً عامة من الجدل الخلافي، واللغط أيضاً.
كما يفرض عدداً من الأسئلة، منها ما يتعلق بشرعيته، وما يتعلق بواقعيته وعمليته وبتوقيته، ومنها ما يتعلق بالانتخابات وبإمكانية إجرائها.
أول الأسئلة، حول شرعية القرار وقانونيته. وهو السؤال الأسرع والأكثر مباشرة بالنسبة للبعض، وجاءت إجابتهم بلا شرعية القرار بنفس السرعة والمباشرة، وعليها تم بناء موقف رافض للقرار والالتزام به، بل ومشككاً في شرعية الجهة التي أصدرته والجهة التي صادقت عليه.
لجهة الشكل الإجرائي، القرار اتخذته المحكمة الدستورية صاحبة الاختصاص وبناء على طلب نظامي من وزير العدل، وتم صدوره عبر مسار قانوني ودستوري سليم تماماً. ولا يجوز، التشكيك بشرعية المحكمة الدستورية وأهليتها وكفاءتها ونزاهة قضائها.
لجهة القرار ومحتواه، وبمنطق وطني مجرد، ودون التطفل على تفاصيل قانونية ودستورية لها أهلها، فإنه يبدو منطقياً وضرورياً ايضا، بل ويمكن القول إنه متأخر، وربما كثيراً.
فمن غير الطبيعي والقانوني الدستوري ان يبقى المجلس التشريعي منذ انتهاء دورته الأولى بتاريخ 5 تموز 2007، أو منذ انتهاء مدته قانونياً ودستورياً بتاريخ 25 كانون الثاني 2010 حتى نهاية 1918 يبقى معطلاً لا يقوم بدوره التشريعي كهيئة دستورية موحدة في الضفة والقطاع.
ما يؤكد موضوعيته ان الجزء من المجلس التشريعي المفعّل في غزة بقرار أحادي من تنظيم بعينه أصبح ومنذ انقلاب 2006 مقتصراً على أعضائه من قطاع غزة، وهم من اعضاء حركة حماس ان لم يكن تماماً وكلياً، فبنسبة تقترب جداً من ذلك. ( هل يتوفر لشرعية انعقاد جلساته العادية نصاب النصف زائد واحد من إجمالي أعضائه في الضفة والقطاع، ولجلسات معينة نصاب الثلثين؟!).
كما يتركز، وربما يقتصر، عمل التشريعي على قطاع غزة، وبشكل أدق، على ما يحتاجه ويطلبه منه حكم "حماس" القائم هناك وعلى مقاسه بالضبط.
استمرار المجلس التشريعي بهذه الحالة يمنع، بالأساس والأهم، إجراء انتخابات تشريعية عامة لعضوية جديدة.
ويشكل بهذا اعتداءً مباشراً على واحد من اهم حقوق المواطن الفلسطيني وأكثرها أساسية وهو حقه في انتخاب ممثليه للمجلس التشريعي وتجديدهم، إضافة الى انتهاكه أحكاماً في النظام الأساسي أهمها توقف دور "التشريعي" الشامل ودوره في إقرار القوانين.
اما التمسك بمادة بعينها في نظام المجلس التشريعي لتبرير استمرار وجوده وعدم جواز حله، فهو تفسير للمادة بشكل حرفي يعزل المادة عن السياق العام ويتم على مقاس الجهة المعينة الرافضة لحل المجلس.
المادة المذكورة وضعت فقط لملأ الفراغ الدستوري للفترة المحددة والقصيرة جداً الفاصلة بين يوم حصول انتخابات عامة دستورية وشرعية، وبين يوم حلف الأعضاء المنتخبين الجدد لليمين للبدء بمزاولة مهامهم.
والتفسير المشار إليه يتعارض ايضا مع قواعد العمل الديموقراطي الجبهوي.
أما السؤال حول نتائج القرار الواقعية العملية، فالقرار للاسف لن يغير من الواقع القائم شيئاً طالما ظل الانقسام قائماً. فالجزء من المجلس بوضعه القائم في غزة رفض القرار وطعن بشرعيته، وكذلك فعلت حركة حماس وعديد من الجهات المناصرة لها.
وهذا يعني عملياً ان هذا الجزء من المجلس سيبقى قائماً ويمارس عمله كما ظل يفعل، بقوة الأمر الواقع.
قرار حل المجلس التشريعي، يعمق الشكوك والمخاوف لدى الكثيرين من تجيير حركة حماس له لتقوية اتجاهها نحو بناء كيان سياسي في غزة مستقل ومنفصل. بغض النظر عن دقة هذه الشكوك والمخاوف وصحتها وعن توفر إمكانيات تحققها.
سؤال التوقيت، يرتبط بدرجة واسعة مع السؤال السابق. ويستولد بذاته عدداً من الأسئلة المرتبطة به. وهي أسئلة تأتي من دوافع متنوعة: أولها هو الهمّ الوطني، ومنها الشك والتطير ومنها الهدف والانحياز المطلق و..و..
من الأسئلة المستولدة: 
هل توقيت القرار يعني ان المصالحة وانهاء الانقسام وصلا الى طريق مسدود ونهائي، وان الانقسام اصبح واقعاً دائماً بمرارة العلقم الى ان يأذن الله بالفرج؟ 
وهل هناك من الضرورات السياسية الوطنية او المحلية او الدولية ما فرض توقيت قرار الحل؟
ولماذا جاء الطلب الى المحكمة الدستورية من الحكومة ولم يتم بحث الأمر واتخاذ القرار المناسب من المجلس الوطني او المجلس المركزي؟
السؤال عن الانتخابات يلازم السؤال عن قرار الحل. فالقرار بحل المجلس ترافق، كما هو طبيعي، مع ضرورة الدعوة الى انتخابات تشريعية عامة خلال ستة اشهر من تاريخه.
وتتولد من هذا السؤال أسئلة تفصيلية كثيرة. من الأسئلة:
هل سيتم الإعلان عن قرار إجراء الانتخابات خلال ستة اشهر ويتم أجراؤها فعلاً؟
هل سيكون موقف دولة الاحتلال تجاه اجرائها محايداً ام معيقاً، وربما مانعاً؟ 
هل هناك إمكانية واقعية لإجرائها؟ وبالذات إذا رفضت حركة حماس- وربما آخرون متوافقون معها- المشاركة فيها، ومن ثم لم تسمح بإجرائها في قطاع غزة؟ وهل يمكن المضي بالذهاب الى الانتخابات في هذه الحالة؟ 
وهل سيكون ممكناً إجراء الانتخابات في القدس؟ وهل ستجرى الانتخابات اذا ما منعت دولة الاحتلال اجراءها في القدس؟
وهل ستقتصر الانتخابات على المجلس التشريعي ام سيلحقها بسرعة انتخابات في مجالات عدة أصبحت الانتخابات فيها لا تقل ضرورة وإلحاحاً؟
في مواجهة الوضع الناتج عن قرار حل المجلس والأسئلة المتعلقة به والناتجة عنه، تبرز الحاجة الاستثنائية للحكمة الوطنية، ومعها المسؤولية الوطنية، بأعلى درجاتهما وبأصفى نقائهما وتجردهما وبكامل اتساعهما وشمولهما. 
وتبرز بنفس القدر الحاجة للابتعاد عن مواقف ردات الفعل وجموحها وتطرفها، وعن الانغلاق على المصلحة التنظيمية والتمترس عندها. 
كان الله في عون الوطن والوطنية والوطنيين الصادقين.