بعد تقرير قدمه نحو 102 من الضباط الصهاينة في كافة القواعد العسكرية ومواقع القوات البرية من أجل فحص استعدادات الجيش الإسرائيلي وجهوزيته لأي احتمالات للحرب خلص هؤلاء إلى أن الجيش الإسرائيلي مستعد للحرب, وأعلن ما يسمى بالمراقب العسكري الإسرائيلي إيلان هراري جاهزية الجيش لخوض أي حرب قادمة. وأكد هراري في توصية قدّمها لرئيس الأركان الصهيوني غادي آيزنكوت، أن الجيش الإسرائيلي مستعد للحرب، جاء ذلك بعدما كشفت وسائل إعلام عبرية مؤخرا عن وثيقة سرية مكونة من 200 صفحة، أعدها لواء احتياط يتسحاق بريك أكد من خلالها عدم جاهزية الجيش للحرب.
«إسرائيل» التي لا تتوقف عن التدريبات والمناورات العسكرية المشتركة, وهى التي تصعد على الجبهة الشمالية والجنوبية وجبهة سوريا أصبحت تتشكك في إمكانياتها العسكرية وقدرتها أو عدم قدرتها على الدخول في حرب جديدة, وهل من الممكن ان تخوض غمار الحرب وتخرج منها منتصرة وتحقق أهدافها, ورغم ان تباين المواقف بين تقرير هراري وبريك, إلا ان حالة التشكك هذه من المفترض ان تعري «إسرائيل» أمام العالم, وخاصة عالمنا العربي والإسلامي الذي يرى فيها قوة لا تقهر, لكنهم وللأسف الشديد يتلقون الضربات من هذا الكيان المجرم, وينتهون إلى العبارة الشهيرة والممجوجة «سنرد في الوقت والزمان المناسبين».
يبدو ان «إسرائيل» مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بإظهار قدراتها العسكرية, وتعظيم إمكانياتها وقدراتها واستعداد جيشها على مواجهة العرب مجتمعين وتحقيق انتصارات مدوية عليهم, وذلك لأسباب عدة.
أولا: الانسحاب الأمريكي المفاجئ والمربك لإسرائيل من الأراضي السورية والذي سيؤدي حسب تقديرات الاحتلال إلى زيادة النفوذ التركي والإيراني في سوريا مما يهدد امن «إسرائيل».
ثانيا: تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي تحدث فيها عن ان مبرر وجوده في منطقة الشرق الأوسط هو لحماية «دولة إسرائيل» مما أوحى للعالم ان «إسرائيل» لا تستطيع ان تحمي نفسها, وأنها تستعين بأمريكا لأجل حمايتها, ولو تخلت عنها الإدارة الأمريكية ستنتهي إلى الأبد, فأرادت «إسرائيل» ان تقول بأنها قادرة على حماية نفسها من خلال تهويل حجم إمكاناتها وقدراتها العسكرية .
ثالثا: تأثر الجبهة الداخلية الصهيونية «الرخوة» بعدم قدرة الجيش الصهيوني على تحقيق انتصارات في حروب ثلاث خاضها ضد غزة, والصور التي أظهرتها فصائل المقاومة خلال العدوان الصهيوني الأخير على غزة, عبر وسائل الإعلام, والتي أظهرت للإسرائيليين مدى هشاشة جيشهم وفشله المتكرر على الجبهة الشمالية أمام قدرات المقاومة اللبنانية, لذلك أراد الجيش الصهيوني ان يشعر الإسرائيليين بالأمان من خلال تعظيم قدراته العسكرية عبر وسائل الإعلام المختلفة, وإعادة الثقة للإسرائيليين في جيشهم.
«إسرائيل» تقف على مفترق طرق, وهى تفكر في تحديد خياراتها الآن, وقد تمضي في تصعيد عسكري قريب على أي من الجبهات الثلاث, أو تختار طريقا آخر تركز فيه على دعم علاقاتها بدول عربية وافريقية, وفك عزلتها في المنطقة, وربما تفكر في استئناف المفاوضات مع السلطة على قاعدة نأخذ ولا نمنح غيرنا شيئا بالمفاوضات, وهى في كل الأحوال تبحث عن مكاسب لها, لذلك جاء قرار تبكير موعد الانتخابات الإسرائيلية حتى يأخذ الحزب الفائز في الانتخابات فرصته كاملة عندما يسلك أياً من الطرق الثلاثة,
«إسرائيل» تبحث اليوم عن حماية نفسها, ولكننا لا يمكن ان نقول بأن الإدارة الأمريكية تخلت أو ستتخلى عنها ولا حتى تغير سياستها نحوها, لكن المعضلة تكمن في ان هناك متغيرات غير مضمونة النتائج قد تشهدها المنطقة, وقد تؤثر على التحالفات بين الدول, ولا يعرف احد على أي شاطئ سيقذف به الموج, خاصة ان الأحداث تعصف بالمنطقة العربية والشرق أوسطية, ان اشد ما يقلق «إسرائيل» هو المجهول, لذلك هي تبحث عن تأمين نفسها بتعزيز قدراتها في شتى المجالات العسكرية والأمنية والاقتصادية, والتخلص من عزلتها في المنطقة .. ولكننا على يقين أنها لن تنجح في ذلك.