باحث في الشأن الاستراتيجي
حل المجلس التشريعي الفلسطيني والتوقيت الذي جاء به في ظل ما يدور حول صفقة القرن - السلام
الاقتصادي، التطبيع، دولة غزة، تفتيت الضفة، عزل القدس – إنمــــا يحمل معاني ومؤشرات خطيرة كونه يفتح الباب على مصراعيه لثنائية《تقسيم الشرعية وتجديد الشرعية》تلك الصيغة التي تريدها الإدارة الصهيوامريكية لتنفيذ المخطط على نحو يجهز على ما تبقى من معالم الوحدة الجيوسياسية، والتي بدونها يستحيل إقامة دولة فلسطينية، إن قرار حل المجلس التشريعي في هذا الظرف العصيب، وبدون توافق وطني، ينــذر بتوجس من عواقبــــه، وحتى تستبين الأمــور في هــــذا الشأن نثيــــر عدة تساؤلات لعلها تفسر
الجـــزع من تبعات حل التشريعي: الأول: كيف يمكن إجراء انتخابات تشريعية، متزامنة في غزة والضفة والقدس، دون توافق وطني، وفي
حال تعثر أجراؤها، وهل سيقبل الكل الوطني بأن يحل المجلس المركزي أو حتى المجلس الوطني بصيغتهما الحالية بديلاً للمجلس التشريعي المنحل ؟
الثاني: قرار حل التشريعي والاعلان عن انتخابات تشريعية فقط، سيفضي إلى مزيداً من الشقاق والتنازع، وماذا لو أُج ِريت انتخابات منفصلة في شطر من الوطن دون آخر، مثلاً في غزة دون الضفة، وأصبح في غزة شرعية جديدة تمتلك تفويض شعبي لإدارة شؤونها، وذهبت تلك الإدارة الذاتية لتفكيك الأزمات الاقتصادية، ومساعدة المواطن الغزاوي للخروج من أزماته المعيشية، كيف يمكن تفسير المشهد ومدى اتساقه بمخطط
السلام الاقتصادي؟؟ الثالث: مآلات حل التشريعي سينتج عنها عدة ثنائيات متناقضة بين الأطراف والفرقاء في الساحة
الفلسطينية: "قبول أورفض أطراف بمبدأ انتخابات تشريعية فقط دون رئاسية ومجلس وطني" ، "تعاطي أونزوع اطراف عن المشاركة في الإنتخابات "، "اجراء وتعطل الانتخابات في شطر من الوطن دون آخر"، " هذه المتناقضات ستؤول إلى مزيد من الشرذمة والتنافـــر، كيف يمكن تفسير ذلك وحروب الجيل الرابع
في خلق دول وكيانات فاشلة تصبح غير قــادرة على المواجهة، ما يسهل تدجينها، والسيطرة عليها. الرابع: هل يدرك صاحب قرار حل التشريعي، وباقي الأطراف الفلسطينية مقاصد تجديد شرعية المجلس التشريعي فقط، دون الرئاسية والمجلس الوطني؛ في ظل الحديث عن صيغ قيادة تشاركية منتخبة تتولى زمام الحكم الذاتي؛ ما يعني تقويض وانحصار سلطة منصب الرئيس رأس الشرعية الموحدة، واضمحلال سلطة
اللجنة التنفيذية، وهذا ما يريده الاحتلال؛ تفتيت القرار الوطني؟؟؟؟ بلا شك الحراك السياسي للأطراف الفاعلة على المستوى (الفلسطيني، الاقليمي، الدولي) في قادم الايام
سيجلي الغموض عن الكثير من اللامعلوم في صفقة القرن، ودور كل طرف. من هنا نقتبس ما ذهبنا إليه في مقالنا السابق:《 أن المصلحة العليا للشعب الفلسطيني تقضي أن تتوقف
كافة الاطراف عن التعاطي مع أي أدوار أو حلول منفردة، تسهم في تمرير المخطط، وليتحمل كل طرف من
الاطراف المسؤولية التاريخية عما يقوم به، وليكـن بمعلوم شعبنا أن تأثيرات دور كل طرف لا تظهر كثيراً في المراحل الأولية للمخطط، وإنما في الصيغة النهائية لنجاح المخطط، وأن الأهداف المضمرة وغير المعلنة لا تصبح جلية إلا عند انجاز المخطط بشكل نهائي، وخير مثال على ذلك انزلاق فتح وحماس ضمن مخطط تناحر الشرعيات ما قبل 2007م، ومآلاته المدمرة على القضية الوطنية》، ﴿ َو َم ْن َي ْك ِس ْب ِإثْ ًما فَ ِإنَّ َما َي ْك ِسبُهُ
َعلَى نَ ْف ِس ِه َو َكا َن َّاللَُّ َع ِلي ًما َح ِكي ًما (١١١) ﴾ النساء هي دعوة أن يبتعد شعبنا فلسطيني عن الوثنية الحزبية، وأن يبصر ما يحيق به، وان ينتصر أحرار
الوطن للقضية الوطنية التي أوشكت على التلاشي، أمام ما يحاك لها، وأن مخطط السلام الاقتصادي - الذي يحاول البعض تسويقه على شعبنا الفقير - ما هو إلا كشجرة خضراء حسنة المظهر، ولكنها تحمل ثمار سامة !! في ظل حالة التيه وانعـدام الرؤية، لاغرابـة أن نسمي محدودية الأفق، براجماتية وإلتصاقا ً بحاجات الناس،
ولاغرابـة أيضاً أن نسمي استنساخ تجارب فاشلة ابداعاً سياسياً. فاليهود هــ ُم اليهود ماضيهم وحاضرهم، حافل بالمؤامرات والوحشية والسرقة والكذب والخداع ، وأسفار
التاريخ تثبت بأنهم ما سلكوا أبداً طريقاً فيه خيراً لغيرهم، تلك هي الحقيقة التي يجب أن لا تغيب عنا، ومن ينكر ذلك فليأتي بدليل واحد على غير ما ذهبنا إليه.
ختاماً الوطنيـــــــة "عقيـــــدة" لا يستدل بها بحزب ينتمى إليه ولا بمنصب يُقلد ولا بنفوذ هنا وهناك ولا بادعاء كاذب، الوطنية مسئولية من اعتقدوا في فلسطين وطناً لهم يملكونه ويملكهم، ومن ورثوا عقيدة الدفاع عن حقوق شعبهم وقضاياه الوطنية، وحقه في إقامة دولته المستقلة.