العدوان الإسرائيلي والخطابين الشعبي والرسمي..ماجد سعيد

الإثنين 17 ديسمبر 2018 03:02 م / بتوقيت القدس +2GMT
العدوان الإسرائيلي والخطابين الشعبي والرسمي..ماجد سعيد





موجة التصعيد الحاصلة في الضفة الغربية ذكرتني في انتفاضة الحجارة لجهة التضامن الشعبي الذي عاشه الفلسطينيون آنذاك مع اختلاف شكل المقاومة واسلوبها بين الزمنين.
الهبة الشعبية لنجدة من تقطعت بهم السبل نتيجة الحصار واغلاق الطرق واعتداءات المستوطنين عكست حالة التعاضد والتلاحم، في وقت خشي فيه الكثيرون من التفتت بسبب الانشغالات الفردية عن الهم الجمعي، والاحباطات السياسية والداخلية المتتالية وفقدان الامل بغد مختلف.
ردة الفعل على الاغتيالات كانت سريعة، والغضب الفلسطيني ترجمه شبان حملوا ارواحهم على اكفهم، نجحوا في رد الصاع للجيش الذي لا يقهر، قبل ان يتمكنوا من الانسحاب، فيما السياسيون فراح البعض منهم ينتظر تدخلا عربيا ودوليا لوقف العدوان. 
ان ما جرى خلال اليومين الماضيين اظهر البون الشاسع بين المستويين الشعبي والرسمي، فقد تجلى العجز الرسمي بأسوأ صوره، صحيح ان هناك من المسؤولين والقادة كانوا عند مسؤولياتهم بمواقفهم وتصريحاتهم التي كانت تعبر  على ما يبدو عن رأيهم الشخصي اكثر منه الرسمي، الا ان البيان الرسمي الصادر عن الرئاسة وما حمله من ادانة لما اسماه العنف يعكس العجز الرسمي وتراجعا في المواقف، فلا يمكن المساواة بين عنف وإرهاب الاحتلال والفعل المقاوم بتسميته عنفا، ولا يمكن اعتبار استهداف جنود الاحتلال او المستوطنين في الضفة الغربية عنفا فهو حق للمقاومة، اما العنف والإرهاب فهو ما يمارسه الاحتلال بحق المواطنين.
تفهمنا وما زلنا نتفهم بيانات الإدانة التي تصدر عن الموقف الرسمي للعمليات في الداخل الفلسطيني، وقلنا انها السياسة، اما ما يتعلق بالضفة الغربية التي نقول انها ارض دولة فلسطين فلا يمكن ان ينجر الامر عليها ويدان الفعل المقاوم فيها.
ان حالة التغول الإسرائيلي ما كانت لتصل الى ما وصلت اليه لولا هذا التراجع في المواقف، والتمسك بخيار السلم والسلام كخيار استراتيجي بمعزل عن وسائل داعمة واوراق ضاغطة تجبر العدو على اخذ مواقفنا على محمل الجد.
نتنياهو وحسب وسائل اعلام إسرائيلية وجه رسالة للرئيس عباس طالب فيها بضرورة تدخل الأجهزة الأمنية الفلسطينية من خلال اتخاذ إجراءات لمنع المزيد من التصعيد في الضفة الغربية، وانه لن يسمح باستمرار الوضع الحالي غير المقبول، على حد قول الاعلام الإسرائيلي.
واذا ما صح هذا القول فان نتنياهو الذي يصور نفسه بالضحية فيما نحن الجناة، لم يكن ليجرأ ان يتحدث بهذه اللغة لولا حالة التراجع التي نعيشها ويعيشها العرب والعالم، لم يكن ليجرأ قول ذلك لولا تمسكنا بمظاهر سلطة بلا سلطة ونفوذ ينتهي مع وقوفنا امام اول جندي إسرائيلي.
ان على قيادتنا اليوم احداث مراجعة شاملة لسياساتها واستراتيجياتها وتحديدا ما يتعلق بالشأن الداخلي، عليها تحصين نفسها وإعادة الهيبة لها بتعزيز عناصر قوتها انطلاقا من الهم الداخلي وتحسس هموم الناس واحتياجاتهم، عليها اصلاح نفسها بمحاربة الفساد والمفسدين، عليها كسب ثقة المواطن بالعدالة، فالمواطن هو الأساس في البناء والعطاء وهو الذي يعطي القوة لاي سلطة، ولا يمكن ان تعمر سلطة تعيش بعيدا عن نبض الشارع.