ابحث عني تجدني !! د. نيرمين ماجد البورنو

الإثنين 17 ديسمبر 2018 03:00 م / بتوقيت القدس +2GMT
ابحث عني تجدني !! د. نيرمين ماجد البورنو



يشكل الفقر هاجسا مقلقا للمجتمعات ويعاني الكثير من الأطفال في بقاع الارض من فقر مدقع  بين مطرقة الإهمال وسندان الحرمان , وذلك بسبب التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية وغيرها من التأثيرات, ويعد الفقر أحد أهم العوامل التي لها تأثير كبير على حياة الأطفال بل الأخطر على مستوي العالم والتي تحاربها جميع الدول وتضعها ضمن أولوياتها من أجل التخلص منها بطريقة أو بأخرى , ليست فقط بما يخص قله المال وانما تعدي ذلك الى تأثيرات نفسية وسلوكية , فان الفقر يعد حاجزاً أمام الأطفال وأسرهم لأنه يمنعهم من الانخراط داخل المجتمع ويعقيهم من الابتكار والتطوير في المستقبل لان الأهالي في بعض الأحيان يجبرون أطفالهم على ترك التعليم لعدم قدرتهم على الانفاق على مراحل التعليم المختلفة , فينتهي بهم الحال الى حياة مأساوية يعانون فيها من أميتهم التي كانت سببا في امتهانهم لأعمال ثانوية وغير مستقرة فلا يقدرون على القراءة والكتابة وهو الأمر الذي يوضح لنا مدى خطورة هذه الافة التي تعرف بالفقر ومدى تأثيرها على التعليم والذي بدوره يؤثر على كافة النواحي الاخرى  , ولقد كشفت تقارير الأمم المتحدة أن هناك 1.3 مليار شخص في 104 دول يصنَّفون على أنهم تحت خط الفقر، ومن بين هؤلاء هناك 662 مليون طفل.

إن ما يترتب على الفقر داخل الأسرة الفقيرة لا يمكن اجماله فقط في قلة المال , والمسكن غير الصالح للعيش , والتغذية السيئة , فكلها أمور خطيرة , الا أن الأخطر منها يتمثل في نشأة الطفل في بيئة مؤججة بالسلوكيات الخاطئة والتربية النفسية الغير الصحيحة , وشبه انعدام الوعي والثقافة والرقابة بشكلها الصحيح التي يجب ان نراها داخل الاسرة , فيقع الأطفال فريسة الفقر مما يجلهم يقلدون غيرهم من الكبار ويختلطون معهم فيما يقومون به من أمور مرفوضة مثل الانحراف والجريمة  والتي تؤثر بشكل سلبي على التحصيل الدراسي للأطفال فتكثر مشاكل الهروب من المدرسة والرسوب المتكرر والانقطاع عن الدراسة , وغيره من الأمور المشينة مثل التنمر والسرقة والتي تودي بنهاية المطاف الى القتل والاجرام والانتحار .

مما لا شك به ان الفقر هو الداء الاعظم والافة الكبرى التي يعاني منها المجتمعات لان تأثيرات الفقر تمتد الى كل ما يمكن ان يتقدم بالمجتمعات ويزدهر ويتطور وهو العائق الاكبر أمام تنمية الانسان  حيث يقف الإنسان الفقير عاجزًا أمام الكثير من الأمور التي يمنعه فقرُه من استغلالها، فلا يتمكن من تطوير نفسه، ومواكبة التطورات الهائلة في العصر الحديث، ويحرمه من الرفاهية التي يتمتع بها غيره، الأمر الذي يجعله ينعزل عن المجتمع بشكل كبير , فيجب العمل على انتشال هؤلاء الأطفال من الفقر المدقع والعمل على تلبية كافة المتطلبات التي تساعدهم على التنشئة الصحيحة سواء كانت من الناحية البدنية او النفسية أو  المعرفة أو العقلية ولعل السلاح الوحيد القادر على مواجهته هو التعليم.