وحدة الموقف الوطني ... الأساس لأي إنجاز...صادق الشافعي

السبت 15 ديسمبر 2018 01:52 م / بتوقيت القدس +2GMT



ما حصل في الأمم المتحدة بإسقاط مشروع القرار الذي تقدمت به الولايات المتحدة لإدانة حركة حماس كان إنجازا وطنيا فلسطينيا مهما.
وقبله كان اكتشاف تسلل قوة من الاستخبارات العسكرية الى قطاع غزة والاشتباك معها وقتل قائدها إنجازا وطنيا مهما أيضا، لا يقلل من قيمته استشهاد عدد من مقاومينا. وكانت كذلك، ولا تزال، عمليات مقاومة جريئة عديدة ينفذها بالغالب مقاوم منفرد ضد قوات الاحتلال او المستوطنين في اكثر من موقع في الضفة الغربية.
وكانت ولا تزال، إنجازات سياسية متتابعة ومتراكمة تحققها حركتنا السياسية ودبلوماسيتنا. ومعها الإنجازات المتلاحقة التي تحققها "المقاطعة - BDS" على اكثر من صعيد تضامني شعبي، اقتصادي وسياسي وعالمي.
كلها وغيرها، إنجازات حقيقية ومهمة بالتأكيد تقلق دولة الاحتلال بدرجة اكبر مما يحتمل كل إنجاز بمفرده، وتقلق معها حلفاءها. بل ان بعض هذه الإنجازات يصل بدولة الاحتلال درجة الاستفزاز ويدفعها الى الخوف والتحدي والعدوانية والفاشية السافرة.
يحق للكل الفلسطيني ان يفاخر بهذه الإنجازات ويرى فيها "انتصارات وطنية" وان يسميها بهذا الاسم. خصوصا وانها تتحقق باسم الوطن وعلى أرضية الوطنية الجامعة والصمود الشعبي العظيم، وبمشاركة الكل الوطني فيها.
ومفهوم، قيام البعض بتضخيم هذه الإنجازات او بعضها، حتى لو كان وراء التضخيم دوافع استهدافات تنظيمية وتنافسية.
لكن ذلك، يجب ألا يحجب عن الجميع رؤية والتنبه الى ردات فعل العدو وحلفائه، والتي تأخذه الى مواقع التحدي والعدوانية على كل الصعد السياسية والعسكرية والإجرائية والتآمرية. وإلا يحجب أيضا رؤية ما قد يكشفه قرار بعينه من مستجدات او تغييرات مفاجئة تفرض الانتباه الشديد لها والتعامل السريع والواعي معها لمواجهتها او تداركها، خصوصا اذا كانت ناتجة عن عدم الاهتمام الكافي او عدم القيام بالعمل المطلوب.
سقوط مشروع القرار الأميركي في الجمعية العمومية مثلا، بقدر ما شكل انتصارا وطنيا فلسطينيا وعربيا أيضا، فإنه شكل هزيمة سياسية دبلوماسية لأميركا في الأمم المتحدة. وهذا ما يفرض ضرورة التنبه والاحتياط الى هجمات مضادة لها تستعمل فيها أميركا إمكاناتها وإغراءاتها وتهديداتها، وفي ساحة الجمعية العمومية بالذات.
وموضوع إسقاط القرار نفسه يكشف أيضا، عن تصويت بعض الدول لصالح مشروع القرار الأميركي بشكل بدا مفاجئا. خصوصا وان تلك الدول معروفة بتأييدها المبدئي للقضية الوطنية الفلسطينية.
هذا ما يدعو للشك في تعرض بعضها للضغط او الابتزاز من أميركا ومن دولة الاحتلال. واحتمال عدم توافق بعضها الآخر في جزئية أشكال معينة لأسلوب نضالي معين نؤمن نحن به وبشرعيته ونمارسه ضد الاحتلال.
إسقاط مشروع القرار الأميركي في الأمم المتحدة، كما بقية الإنجازات، لم يكن ممكنا ان يتحقق لولا وحدة الموقف الوطني الشامل الذي توفر له.
وشتان بين موقف التعالي عن تعبيرات ومرارات الانقسام والانحياز الكامل للمنطق الوطني الجامع الذي حكم موقف الشرعية الفلسطينية وكل تنظيماتها المكونة وأجهزتها (وبشكل خاص بعثة فلسطين الدائمة لدى الأمم المتحدة، ولها الشكر والتقدير) والذي شكل الأساس المتين لموقف التصدي لمشروع القرار الأميركي وإسقاطه.
شتان بين ذلك، وبين موقف التشكيك بشرعية رئيس الشرعية والدعوة الى سحب غطاء الشرعية عنه على المستوى الدولي كما نادى بها البعض، وفي التوقيت الذي كان ذاهبا لمخاطبة المجتمع الدولي باسم فلسطين وشعبها. 
لا يمكن ان نعدد من بين الإنجازات/ الانتصارات، تفاهمات التهدئة التي سعت لها وسارت فيها حركة حماس مع دولة الاحتلال في قطاع غزة.
وبدون الدخول في التفاصيل، فقد بقيت هذه التفاهمات مثار جدل خلافي على المستوى الوطني قامت بها حركة حماس بمفردها ولم تحظ بتوافق ودعم وطني فلسطيني لا من الشرعية الفلسطينية ولا من التنظيمات ولا من المجتمع الوطني وقواه.
ولا يمكن قبول قول الأخ الدكتور محمود الزهار، ان "وقف إطلاق النار بين إسرائيل و(حماس) مجّاني من غزة".  
فليست دولة الاحتلال في وضع المهزوم المندحر لتعطي أي شيء مجانا، وهي التي تأخذ وتسلب وتستولي ولا تعطي أبدا، والتي لم تعرف لها أي صلة بالكرم وأيّ من تجلياته.
وهل يوجد ثمن تقبضه دولة الاحتلال، اهم لها من ثمن إبقاء الانقسام الفلسطيني قائما ويتعمق بين غزة وضفة، و"حماس" وشرعية وطنية؟ ولا يمكن قبول شهادته "ان قطر لم تطلب منا أي شيء في مقابل هذه الأموال". 
فهل دولة قطر فاعلة خير مجردة عن الهدف ومتحللة من الشروط. وإلا ما معنى ان يقبل وينفذ شرط دولة الاحتلال بالاطلاع المسبق على القائمة التفصيلية لمن سيتلقون المعونة القطرية بأسمائهم الكاملة وبتوقيعهم او بصمتهم. 
بعد الإنجاز في الأمم المتحدة نادت عدة جهات وشخصيات وطنية بضرورة التقاط لحظة الوحدة التي تجلت في الأمم المتحدة وكانت وراء نجاح التصدي لمشروع القرار الأميركي وإسقاطه، والبناء عليها.
لماذا لا تتحول هذه المناداة الى حركة فعل جماهيري واسعة ومستمرة وضاغطة.