قبل أن تجرفنــا العاطفة ، و يرتفع منســـوب الأدريـــناليــن في دمنــا ، و نحن نتابع أحداث الضـفـة الغربيــة الحبيبــة و نرجو الله مخلصين أن يحمي أهلنا هنــاك و يثبت أقدام الفدائيين و يسدد رميهم .. نرجوا الله أيضــاً أن يبعدنــا عن الشطط ، و عن النفاثات في العقد و الوسواس الخناس ، من الطابور الخامس ، و المتحذلقين المحللين الأمنيين و العسكريين ، و الخبــراء المراقبين الجهابذة ، الذين يفسرون على قدر مساحة الشاشة أو المقال ، أو الشيك لحامله ...
إن الرجــال الرجــال ، الذين يتصدون بصدورهم ، و أسلحتهم المتواضعة لترسانة عسكرية جهنمية ، في الضفة ، لا أعتقــد أنهم في حاجــة منا إلى تزكية ، رغم أننـــــــا و بعد إرتقائهم ، كل همنا أن نتخطفهم لقوائم تنظيماتنا و فصائلنا ، و لأسباب عديدة منــها التجارة بهم و بدمائهم في حلبة الصراع السياسي الحزبي ، و المعاندة و المعايـرة .. ولست أنا ولا أنت من يقرر ، أو يعرف الأسباب الحقيقية التي دفعت بهذا الرجل أو ذاك ، للتقرب من هذا التنظيم أو ذاك .. سوى أن المنطق ، و الحسابات العقلانية تقول ، أن إلتقاء الأهداف الكبرى من حيث مقارعة المحتل و تحرير الأرض و حماية العرض ، و توفر الوسيلة ، قد يكون سبباً من أسباب هذا التواصل و التقرب ، وليس الإنتماء العقائدي أو الفكري . و ساحة الجهاد و المقاومة شهدت و تشهد المئات بل الآلاف من الأمثلة على هــذا النزوع و السلوك .
و ربمــا أن جلال الحدث ، و روعة الموقف ، تأبى عليّ ، و تمانع بشدة ، أن أقوم بتفنيد ذريعــة التنسيق الأمني ، التي لم ولن يتوانَ مطلقيها عن إثارتها لبث الفرقة و التشكيك ، و الفت في عضد الصف الفلسطيني الموحد .. و النيل من الشرعية ، مهما كان لنا عليــها من ملاحظـــأت و مآخذ ، ولكن كما قلت ، جلال الحدث يمنع و يرفض إستعراضها زماناً و مكاناً . و أيضاً عملية المقاربة أو المقارنة ، بعملية القوات الخاصة بغزة ، و منع تغلغلها بالقوة و إستشهاد كوادر من المقاومة أثناء التصدي ، يجب أن لا تكون ذريعة ، و من الأفضل طلب الستــر و إقفـــال بابها نهائيــاً ، فلن نتحدث عن المدة التي مكثت خلالها القوة الإستخبارية في قلب قلب غزة ، وكم قوة و مجموعة إنتشرت و تنتشر حتى الآن ؟!! و لن نتحدث عن الشركة التي أقامتها المجموعة التي تم إكتشافها ، و عن العمال ، و عن القراءة و الإستطلاع اليومي ، بل اللحظي ، وأيضاً لن نتحدث عن تنسيق وصول المساعدات المالية ( الرواتب ) بتسيق أمني رفيــع المستوى و عن بصمة الإصبع و صورة الهوية المجددة بمعرفة بل بأمر الإدارة المدنية لجيش الإحتلال و سلطته ، وبواسطة سفير إرم ذات العماد .. وغيرها الكثير من المعطيــات التي تضيق بها صفحات و مجلدات .. كل هذا ، لا يجب ان يكون محل نقاش ـ أو توقف ولو لبرهة ، فالخطب عظيم ، و المخطط لئيـــم .. و عمليات تسخين في الضفة ، بأمر أو بردة فعل عفوية ، لكنها تثير التساؤل حول إمكانية تخفيف الضغط عن ما يحدث في شمال فلسطين المحتلة ، و إستهداف حزب الله ، و أيضاً تساؤلاً له من الحظ الكثير ، هل هذا يصب في تكريس تنفيذ صفقة العصــر ، بعصر القضية و إخنزالها ، و تقزيمها بتخليق كيان مشوه ، مرتزق في غزة ، و تفتيت الضفة فوق تفتيتها ، و تقسيمها إلى كانتونات يعيث فيها المستوطنون فساداً ، لتسقط سلطة منظمة التحرير ، و تنتهي بحكم روابط القرى أو أي شكل من أشكال الحكم اللحدي؟
إن الإيمان بأن المقاومة بكل الأشكال ، شرف ، يجب أن يلتف حولها كل الشعب ، و رد كيد المحتل ، واجب لا يمنعنا في الوقت نفسه وفي هذا التوقيت ، أن نأخذ بعض المضادات المانعة لزيادة الأدرينالين ، و نهدأ ، و نفكر ..