مسارات :مناقشة مقاربات تحقيق الوحدة الوطنية وأهمية توفر حاضنة رافضة للانقسام

الإثنين 26 نوفمبر 2018 04:17 م / بتوقيت القدس +2GMT
مسارات :مناقشة مقاربات تحقيق الوحدة الوطنية وأهمية توفر حاضنة رافضة للانقسام



البيرة، غزة /سما/
 
 

 بحث مشاركون في لقاء حواري الأفكار والمقاربات المختلفة لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، وأسباب فشل الجهود الرسمية والأهلية التي بذلت لإنهاء الانقسام، وأكدوا أهمية مقاربة الرزمة الشاملة التي توفر معالجات لمختلف الملفات المتعلقة بالوحدة الوطنية، مع الأخذ بعين الاعتبار التطورات التي استجدت على المستويات الفلسطينية والعربية والدولية، لتطوير بعض محاور الرزمة الشاملة، دون أن يعني ذلك تطبيق بنود الرزمة مرة واحدة، بل يمكن أن تُطبق بالتدريج والتوازي، ولكن ضمن جدول زمني ملزم ومتفق عليه.

ألبوم صور

وطرح المشاركون آليات متعددة لدعم تحقيق الوحدة، مثل العمل من الأسفل للأعلى مع مختلف الفئات والقطاعات، وبخاصة الشباب، والاستفادة من أدوار مختلف الأطراف والمجموعات الناشطة في مجال تحقيق المصالحة والمنظمات النسوية والحراكات الاجتماعية في سبيل بلورة حراك شعبي ضاغط لإنهاء الانقسام، يضم المجموعات الشبابية والنشطاء في مختلف الحراكات الوطنية، من لجان حق العودة ومقاومة الجدار والاستيطان وحركة المقاطعة وحملة "ارفعوا العقوبات" وغيرها.

كما حث بعض المشاركين مركز مسارات على الاهتمام بدراسة اتجاهات الرأي العام ومعرفة كيف يفكر وماذا يريد، إضافة إلى إجراء دراسات وأبحاث حول الوحدة الوطنية وكيفية تفعيل المساءلة القانونية كإحدى وسائل توفير الحماية للناشطين في الحراكات المناهضة للانقسام، وعقد ورشات ومؤتمرات مناطقية تتوج بمؤتمر  وطني شعبي يبحث آليات تطبيق مقاربة الرزمة الشاملة. وقدم آخرون اقتراحات لتطوير دور وتأثير "مسارات" كمركز تفكير إستراتيجي يعتمد منهجية تشاركية في الإنتاج الفكري وإدارة الحوارات الوطنية، مثل إطلاق قناة مسارات الفكرية على "اليو تيوب"، وإنشاء "منظومة مسارات الإلكترونية لاستطلاع الرأي"، إلى جانب إطلاق إذاعة تركز على إدارة الحوارات الفكرية والسياساتية.

وتم التنويه إلى أهمية استمرار عمل مركز مسارات في استشراف المستقبل ودراسة السيناريوهات المحتملة واقتراح السياسات الكفيلة بدرء المخاطر والسيناريوهات الأشد خطورة في ظل الشروع في تنفيذ ما يسمى "صفقة القرن"، وتسارع المخططات الإسرائيلية لتعميق الاحتال والاستيطان، وبخاصة في ضوء مخططات تكريس انفصال قطاع غزة، مع التأكيد على ضرورة عدم تجاهل وضع خطة عاجلة لمعالجة التدهور الكارثي للأوضاع في القطاع.

كما أكد عدد من المشاركين على أهمية مراجعة وتقييم تجربة عمل لجنة المتابعة وتشكيلتها بما يخدم دعم تحقيق الوحدة الوطنية، إضافة إلى إعداد ورقة شاملة تركز على حصر القوى والأطر والمجموعات الفاعلة في المجتمع ذات المصلحة في إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية، وإدارة حوار حول وسائل تعزيز التشبيك بينها، واقتراح آليات لتفعيل دور المثقفين والكتاب في التأثير على الرأي العام باتجاه دعم الوحدة، وبلورة آليات للترويج لمقاربة الرزمة الشاملة في مختلف التجمعات الفلسطينية داخل فلسطين التاريخية وخارجها، وكذلك تنظيم حوار بين الفاعلين الشباب حول كيفية تطوير دورهم الريادي في إعادة بناء الوحدة والتمثيل الوطني على قاعدة التمسك بالمشروع الوطني وبرنامج القواسم المشتركة.

وكان المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات) نظم اللقاء الحواري على مدار يومين في البيرة وغزة عبر "الفيديو كونفرنس"، لإجراء مراجعة لبرنامج الوحدة الوطنية الذي ينفذه المركز، بحضور العشرات من أعضاء لجنة متابعة دعم الوحدة الوطنية والشخصيات السياسية والأكاديمية والنشطاء الشباب.

وهدف اللقاء إلى عرض ونقاش أبرز التطورات، والإجابة عن سؤال: أين نقف اليوم من جهود تحقيق الوحدة الوطنية؟، والوصول إلى تصور مشترك حول دوافع واحتياجات كل من حركتي فتح وحماس، إضافة إلى حوار حول أبرز المعيقات أمام نجاح الجهود الرسمية لتحقيق الوحدة الوطنية ومتطلبات التفعيل، وحول المقاربات المختلفة التي طرحت لتحقيق الوحدة الوطنية، أو التقليل من مخاطر تحول الانقسام إلى انفصال كامل، واستخلاص المقاربة الأكثر واقعية وفعالية، فضلًا عن نقاش الآليات والأدوات الفعّالة في مجال دعم جهود تحقيق الوحدة الوطنية، واقتراح سيناريوهات لخطة عمل مستقبلي.

واستند اللقاء الحواري إلى ورقة مقدمة من مركز مسارات بعنوان "أفكار أولية لتقييم مقاربات تحقيق الوحدة"، أشارت إلى حرص المركز منذ إطلاقه برنامج "تطوير ودعم مسار المصالحة الوطنية"، على إجراء تقييم دوري له، بمشاركة المركز وعدد من المفكرين والخبراء والسياسيين والناشطين والمشاركين بالبرنامج، بهدف رؤية ماذا تحقق، وكيف يمكن تفعيله وتطويره استجابة للحقائق والتطورات والمستجدات.

وترى الورقة أن من شأن الاتفاق حول التهدئة بمعزل عن التوافق الوطني بغض النظر عن النوايا أن يكرس الانقسام ويدفع به نحو التقدم بسرعة نحو الانفصال، ما لم تطرأ تطورات ومتغيرات فلسطينية وعربية وإقليمية ودولية جديدة توقف هذا المسار الذي يهدد بشكل خطير القضية الفلسطينية والأرض والشعب، كما يهدد ما تسمى "عملية السلام" وما يسمى "حل الدولتين"، ويفتح الطريق نحو الخيارات والسيناريوهات السيئة، وربما الأكثر سوءًا.

وتضيف أنه في سياق عملية التقييم المستمرة لبرنامج دعم الوحدة الوطنية، تم الانتقال من التركيز أكثر على دعم مسار المصالحة إلى إعطاء أهمية متزايدة لتطويره عبر السعي لاستكماله وسد الثغرات، والتركيز أكثر على حل الرزمة الشاملة، التي تتضمن أساسًا الاتفاق على البرنامج السياسي الوطني وقواعد الشراكة، وتجسد حل "لا غالب ولا مغلوب"، وتعالج مجمل الجذور والأسباب والعوامل التي أدت إلى وقوع الانقسام واستمراره، بدلًا من التركيز على أجزاء وفروع وتجاهل الأصل، كما بينت ذلك "وثيقة الوحدة الوطنية".

ومن الاستنتاجات التي تم التوصل إليها أثناء عملية التقييم، ضرورة التركيز أكثر وإعطاء أولوية للعمل من الأسفل للأعلى، وعدم التركيز فقط على العمل من الأعلى، على أهمية استمراره، للمساعدة على توفير البنية التحتية الضرورية لبلورة تيار سياسي وجماهيري ضاغط، يقوم بعمل متراكم يساعد على قيام تيار ثالث يضم كل القوى والأطراف والجماعات والأفراد المتضررين من استمرار الانقسام، بما يعبر عن إرادة الشعب ومصلحته في ضرورة إنهائه على قاعدة برنامج القواسم المشتركة والشراكة السياسية، بما يؤدي إلى توفير متطلبات نشوء قطب ثالث يهدف إلى كسر حدة الاستقطاب الثنائي.

يشار إلى أن مركز مسارات أطلق برنامج دعم الحوار الفلسطيني منذ تأسيسه في العام 2011، وهدف إلى إطلاق حوار بين مختلف مكونات الشعب الفلسطيني على مختلف المستويات، من أجل تذليل العقبات والصعوبات التي تعترض طريق إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية.

وأصدر مركز مسارات ضمن هذا البرنامج 8 إصدارات، وعشرات الأوراق والدراسات، تضمنت اقتراحات وتوصيات حول إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير، وإعادة النظر في طبيعة السلطة وشكلها ووظائفها والتزاماتها وموازنتها وعلاقتها بمنظمة التحرير، وحول مكونات البرنامج السياسي وأهمية الاتفاق عليه، وكذلك حول الاتحادات والمنظمات الشعبية، والعدالة الانتقالية، وكلفة الانقسام السياسية والاقتصادية والقانونية والثقافية، وحول قطاع الأمن بمختلف جوانبه ومستوياته.

كما نظم المركز في ضوء البرنامج عشرات الندوات واللقاءات الحوارية، وعدد كبير من الاجتماعات داخل الوطن وخارجه، إضافة إلى 3 مؤتمرات سنوية شارك فيها أكثر من 100 متحدث، وحضرها أكثر من 2000 شخص.