توصلت إسرائيل وحركة حماس إلى اتفاق أولي يقضي بالتزام الهدوء التام في قطاع غزة مقابل إدخال الوقود والمال القطريين إلى القطاع.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» اللندنية، إن اتفاق التهدئة الذي يفترض أن تصادق إسرائيل عليه اليوم يستند إلى اتفاق 2014 الذي وقع في مصر بين إسرائيل وفصائل فلسطينية.
وأكدت المصادر أن الاتفاق يقوم على قاعدة الهدوء يقابله هدوء مع السماح بإدخال الوقود القطري إضافة إلى منحة قطرية مخصصة لرواتب موظفي حركة حماس. ووصفت المصادر الاتفاق بأنه مؤقت أو أولي إلى حين عقد اتفاق مصالحة بين حركتي «فتح» و«حماس»، يجري بعدها توقيع اتفاق هدنة رسمي وطويل.
ووصفت المصادر الاتفاق بأنه مؤقت، أو أولي، إلى حين عقد اتفاق مصالحة بين حركتي «فتح» و«حماس»، يجري بعده توقيع اتفاق هدنة رسمي وطويل، يشمل صفقة حول الجنود والمواطنين الإسرائيليين المحتجزين لدى «حماس»، ويسمح بإعادة إعمار القطاع، وفتح جميع معابره بشكل كامل.
وبحسب المصادر، فإنه جرى الاتفاق على وقف المسيرات والهجمات المتبادلة، بما في ذلك البالونات الحارقة، مقابل استمرار عمل معبري رفح للمواطنين وكرم أبو سالم للبضائع، إضافة إلى توسيع مساحة الصيد إلى 9 أميال، ثم 12 ميلاً بحرياً، إذا استمر الهدوء. وشمل الاتفاق السماح باستمرار إدخال الوقود الصناعي لمحطة كهرباء غزة، وتحويل إسرائيل أموال المنحة القطرية المخصصة لرواتب موظفي «حماس» بشكل يستمر حتى تحقيق مصالحة (خلال 6 شهور)، على أن يخضع تحويل الأموال لآلية رقابة أمنية. كما اتفقت الأطراف على أنه في حال صمد الاتفاق، سيكون من الممكن تنفيذ مشاريع إنسانية في القطاع.
وأكدت إسرائيل و«حماس» أنهما على وشك الحصول على اتفاق، فيما قال خليل الحية، نائب رئيس الحركة في القطاع، إن «الجهود توشك على النجاح»، وأضاف: «نراقب مثلما أنتم تراقبون تلك الوعود المقدمة لشعبنا، والوسطاء تحت المتابعة، والاحتلال تحت الامتحان، ونقول للعالم: مسيراتنا مستمرّة حتى ينتهي الحصار، ويأتي الخير ويعمّ على الجميع».
ويفترض أن تحسم إسرائيل المسألة اليوم عبر اجتماع للمجلس الأمني والسياسي المصغر (الكابنيت). وقال مصدر سياسي رفيع المستوى في إسرائيل إن صفقة بوساطة مصر قد تبلورت، وإن «الصفقة تشمل الوقود القطري، ورواتب موظفي (حماس)، مقابل التهدئة».
وأكد المسؤول أن إسرائيل كانت تفضل نقل تلك الأموال القطرية عبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وأن يكون مسؤولاً عن نقلها، كما كان الوضع في 2014، لكن نقلها بهذه الطريقة الآن «يهدف إلى تحقيق الهدوء».
وشدّد المسؤول الإسرائيلي، في البيان الذي وزع على وسائل الإعلام، على أن «إسرائيل لن تتنازل عن آليات المراقبة، لضمان عدم وصول الأموال إلى الإرهاب»، وأضاف: «ستكون هناك مشاريع إنسانية مقابل الهدوء، ولن يكون هناك ميناء أو مطار أو غيره لحين عودة جنودنا»، وتابع: «التهدئة من شأنها تحسين الوضع الإنساني في غزة، باعتباره أمراً ضرورياً».
وهدد المسؤول الإسرائيلي بأنه في حال فشلت الجهود، فإن إسرائيل «مستعدة لكل الخيارات والسيناريوهات، واستخدام قوة كبيرة». وتعد هذه حدود الاتفاق الأولي، من دون أن تشمل قضايا أخرى كانت مطروحة في السابق، مثل رفع الحصار وبناء مطار أو ميناء.
وقالت المصادر إن إسرائيل ربطت أي تقدم آخر بإعادة رفات جنودها ومواطنيها المحتجزين لدى حماس، وتفضل أن يوقع الاتفاق النهائي مع السلطة الفلسطينية، وليس مع أي طرف آخر. وكان هذا أحد شروط الرئيس الفلسطيني محمود عباس من أجل الموافقة على أي اتفاق تهدئة، لكن بعد أن يتم توقيع اتفاق مصالحة. ورفض عباس سابقاً محادثات التهدئة، وهدد باتخاذ إجراءات إضافية ضد قطاع غزة، إذا وقعّت «حماس» اتفاقاً منفصلاً في القطاع. ويشترط عباس مصالحة كاملة، تشمل تسليم غزة للسلطة، مع سلاح واحد وقانون واحد، ثم توقع القيادة الفلسطينية اتفاق تهدئة في غزة، وليس أي فصيل آخر.
وثمة غضب في رام الله على «الشركاء» الذين ساعدوا في توقيع اتفاق الهدنة، باعتباره قد يساهم في تقوية حركة حماس، وفصل القطاع عن الضفة الغربية. وهاجم عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، جمال محيسن، حركة حماس، قائلاً إنها «تسعى إلى إقامة دولة مسخ في غزة، تكون مركزاً لخلافة مزعومة ضمن صفقة القرن»، واتهم «حماس» بالسعي للتوصل إلى تهدئة مع حكومة الاحتلال، في سياق مخططها لإبقاء سيطرتها على غزة، مؤكداً أن التهدئة يجب أن تكون عبر القيادة الفلسطينية.
ويفسر موقف عباس وحركة «فتح» تعليق الأطراف لاتفاق نهائي باتفاق مصالحة أولاً. ومن غير المعروف ما إذا كانت السلطة ستوافق على الخوض في مباحثات جديدة من أجل توقيع اتفاق مصالحة بعد إعلان التهدئة الجديد.
ويتوقع أن يرد عباس بتشديد الإجراءات ضد القطاع، إذا لم تسلّم «حماس» قطاع غزة كما يريد. وتحوّل السلطة إلى قطاع غزة شهرياً نحو 96 مليون دولار للرواتب والمصاريف التشغيلية وبدل مشتريات ودعم. وعلى الرغم من موقف عباس المتشدد، تريد إسرائيل تجنب حرب في القطاع، والتخلص من صداع مسيرات يوم الجمعة.
وكبحت جماح مسيرات الجمعة الأخيرة، كبادرة حسن نية بانتظار موافقة إسرائيلية نهائية. ومنعت «حماس» أي متظاهرين من الوصول إلى الحدود، كما منعت شن هجمات أو إطلاق بالونات حارقة. ولأول مرة منذ انطلاق هذه المسيرات في نهاية مارس (آذار) الماضي، زار الوفد المصري «مخيّم العودة»، في جباليا، الواقع على السياج الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل، وتفقد المسيرات السلمية هناك. وسجلت الجمعة الأخيرة كأهدأ جمعة على الإطلاق، إذ أصيب فقط 7 متظاهرين بالرصاص، ونحو 25 شخصاً بحالات اختناق. وقتل 218 فلسطينياً، وجندي إسرائيلي واحد، في المواجهات المتواصلة منذ 30 مارس الماضي.