اعتقد الناس لعدة قرون أن شرب الحليب أو تناول منتجات الألبان عند إصابتهم بأعراض البرد، يزيد من حالتهم سوءا عن طريق زيادة المخاط في الأنف والحنجرة.
ومع ذلك، وعلى الرغم من الاعتقاد الشائع، لم يكن هناك أي دليل علمي لدعمه على الإطلاق.
ولكن الآن، أظهرت دراسة (لأول مرة) أن شرب الحليب يزيد الأعراض سوءا، على الأقل لدى المرضى الذين لديهم بالفعل إفراز مفرط للمخاط.
ويقول الأطباء المشاركون في الدراسة التي نُشرت في مجلة Laryngoscope، إن النتائج كانت مفاجئة للغاية، حيث كانوا يتوقعون فضح الأسطورة القديمة التي تربط بين الألبان وإفراز البلغم أو المخاط.
وقال آدم فروش، استشاري الأذن والأنف والحنجرة في مستشفى Lister بـ Stevenage: "كنت متشككا ولم أكن أعتقد أن ذلك حقيقيا".
وفي الواقع، أشار عدد من الدراسات السابقة إلى أن الرابط غير موجود، ولكن يقول السيد فروش: "لقد سُئلت عن ذلك من قبل العديد من المرضى على مر السنين، وشعرت أنني بحاجة إلى دراسة هذا الأمر. وكانت النتائج عكس ما أتوقعه".
وبالنسبة للدراسة الحديثة، قام الباحثون بتجنيد 26 رجلا و82 امرأة في مستشفى Lister، ممن اشتكوا من زيادة إفرازات المخاط. وتم إخضاعهم جميعا لنظام غذائي خال من الألبان، مع عدم وجود الحليب والجبن، أو حتى الزبدة لمدة 6 أيام.
ومن اليوم الثالث، شرب نصف عدد المشتركين 350 مل من حليب البقر كامل الدسم، في كل من الأيام الأربعة المتبقية، بينما شرب الباقي 350 مل من حليب الصويا. وطُلب من المشاركين تقييم إفرازات المخاط على مقياس واحد.
وشهد جميع المشاركين انخفاضا في مستويات المخاط في أول يومين خاليين من الألبان، ولكن خلال الأيام الأربعة التالية، استمرت الأعراض في التقلص لدى المجموعة التي شربت حليب الصويا، في حين تفاقمت لدى المشاركين الذين شربوا حليب البقر.
ويقول فروش: "كان هذا التأثير كبيرا في فترة زمنية قصيرة نسبيا، ومن المعقول أن نخلص إلى أن الشعور بأن شرب الحليب يزيد من إنتاج المخاط، يدعو إلى تقليل تناوله، أو تجربة نظام غذائي خال من الألبان، لمعرفة ما إذا كان ذلك يخفف من الأعراض".
وتشمل إحدى النظريات المتعلقة بتأثير الحليب الظاهر على المخاط، احتواءه على بروتين beta-casein A1، الذي ينشط الجينات المسؤولة عن إنتاج المخاط. ولكن هذا لا يمكن أن يحدث إلا إذا تحررت البروتينات عبر القناة الهضمية ودخلت مجرى الدم، حيث يمكن تنشيط الجينات المعنية.
الجدير بالذكر أنه منذ ما يقرب من ألف عام، كتب الطبيب اليهودي، موسى ميمونيدس، أن الحليب يتسبب في "حشو الرأس" وزيادة أعراض البرد. ومنذ ذلك الحين، استمرت الفكرة واكتسبت أرضية جديدة في عام 1946، عندما قام طبيب الأطفال الأمريكي، الدكتور بنجامين سبوك، بنشر أكثر من 50 مليون نسخة من كتابه حول العالم، يدعو فيها الأطفال المصابين بمشاكل صدرية، إلى تجنب شرب الحليب.