هل قرأتم رسالة الشكر والتقدير التى ارسلها جيسن جرين بلات امس الأول حول الحل الإنساني لغزة ؟ هذا بعد ان قطعت امريكا مبلغ ٣٠٤ مليون دولار من التزاماتها لوكالة الغوث ، التى كانت تقدم خدمات لأكثر من ٧٠ % من سكان قطاع غزة ، المخطط فى تصفية القرن يرتكز إلى فصل قطاع غزة عن الضفة والقدس ، وهذا الذى بدأ به شارون فيما اسماه فك الارتباط ، تراجعا عن التزام إسرائيل بان الضفة والقطاع تشكل وحدة جغرافية واحدة ، كما جاء فى اتفاق أوسلو .
وهذا تحديدا نقطة ارتكاز تنفيذ قانون القومية العنصري . لا اتقن تسجيل النقاط أو الشخصنة ، واعرف أننى لا أستطيع ولا اريد ان اقف حارسا على شفاه احد ، ولكن أرجو من كل فلسطيني ان يقرأ اتفاق القاهرة ١٢-١٠-٢٠١٧ ، حيث يجيب على كل الأسئلة حول الكهرباء والمياه والبنى التحتية ، والتقاعد ، وتحمل حكومة الوفاق الوطني مسؤولياتها كافة وفقا لقانون الخدمة المدنية .هذا الاتفاق جاء بعد اتفاق التهدئة الشاملة التى تمت بالرعاية الكريمة للأشقاء فى جمهورية مصر العربية عام ٢٠١٤ ، وتحت مظلة م ت ف ومشاركة حركتي حماس والجهاد .
ويؤكد أيضا على الوحدة الوطنية والسياسية والحكومية والقضائية للضفة وقطاع غزة وعاصمتهما القدس . أرجو ان يدرك الجميع ان قطاع غزة كان على الدوام منبت ومنبع الوطنية الفلسطينية ، تماما كما القدس البوابة الوحيدة للسماء وكما اريحا اقدم المدن مبنىً ، نحن ابناء لأعظم شعب على الأرض والمطلوب وحدتنا الوطنية ، والسؤال لماذا ترفض حركة حماس المقترح المصري بتطبيق اتفاق ١٢-١٠-٢٠١٧بشكل شمولي غير مجتزأ ؟ علما ان جميع فصائل العمل السياسي الفلسطيني قد وافقت على هذا الاتفاق فى تاريخ ٢٢-١١-٢٠١٧ .
وتطبيق الاتفاق يعنى البدء فى تحقيق الشراكة السياسية الكاملة القائمة على التعددية السياسية وليس تعدد السلطات . للتاريخ ، اروى مايلي فى تاريخ ٢٣-٤-٢٠١٤ ، كنا فى جلسة مفاوضات ثلاثية رسمية , الجانب الاسرائيلي ممثل بتسفي ليفني وإسحق ميلخو ,والجانب الأمريكي ممثل بمارتن أنديك , والاخ اللواء ماجد فرج و صائب عريقات عن الجانب الفلسطيني ، واللقاء فى مبنى فندق الملك داود فى القدس الغربية ، فجأة جاءت ملاحظة خطية لميلخو فخرج من الاجتماع ليعود بعد دقائق ويعلن بصوت مرتفع( ان رئيس الوزراء نتنياهو قرر وقف المفاوضات بشكل تام ، وذلك بسبب قيام السيد عزام الأحمد بتوقيع اتفاق الشاطىء مع حركة حماس ) ، والله على ما أقول شهيد.
. وقالوا أما السلام معنا أو حركة حماس وكان جوابنا واضحا ومحدداوعلى لسان الرئيس محمود عباس ( بأن حركة حماس حركة فلسطينية وليست ارهابية ، ولا بد من تحقيق المصالحة معها وتحقيق الشراكة السياسية لانه لا يمكن ان يكون هناك دولة دون قطاع غزة أو دولة فى غزة ) ، ومنذ ذلك التاريخ لم تستأنف المفاوضات السياسية مع سلطة الاحتلال إسرائيل .
الان استراتيجية نتناياهو وترامب تستند إلى فصل قطاع غزة عن الضفة والقدس ، والتعامل مع القطاع من نافذة القضايا الإنسانية ، امريكا قطعت جميع مساعداتها عن الشعب الفلسطيني بما فى ذلك وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين Unrwa, المبلغ 304 مليون دولار ، ومساعدات البنى التحتية للضفة والقدس وقطاع غزة ، المبلغ 230 مليون دولار ، مستشفيات القدس الشرقية 35 مليون دولار ، مساعدات طارئة ولمؤسسات المجتمع المدني والأمن المبلغ 90 مليون دولار ، المجموع 669 مليون دولار ، اضافة إلى مساعدات إضافيةبقيمة 175 مليون دولار قام بإلغائها امس وزير الخارجية الأمريكي بامبيو ، ليصبح مجموع ما قطعته إدارة ترامب عام ٢٠١٨ عن السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني ما مجموعه ٨٤٤ مليون دولار ، لماذا لان الرئيس محمود عباس قالها عالية مدوية ( لو لم يكن معنا دولار واحد لدفعناه ، للشهداء والأسرى والجرحى وعائلاتهم ، والإدارة الأمريكية لم تعد شريكا ولا يمكن ان تكون وسيطا فى أي عملية سلام بعد قرارها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة من تل ابيب إلى القدس ، فلا معنى أنت تكون فلسطين دون ان تكون القدس عاصمة لها ) .
صعدت إدارة ترامب بمحاولة تدمير وكالة الغوث ومدارسها ومؤسساتها الصحية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية . ثم ضربت مستشفيات القدس ، وبعدها اغلقت مكتب م ت ف فى واشنطن . صمد الرئيس عباس والقيادة الفلسطينية على مواقفها الثابتة الصامدة الصابرة المثابرة ،وقالت فلسطين والقدس ليست للبيع ، وقضيتنا ليست إنسانية وإنما سياسية بامتياز ووقف العالم اجمع معنا ضد المواقف الأمريكية ، باستثناء بعض الأصوات التى تساوقت مع دعوات ليبرمان وفريدمان وكوشنر وبينت وليبرمان ونتنياهو ، الداعية للتخلص من الرئيس عباس وان السلام لن يتحقق بوجوده ، تلك الأصوات الناطقة بالضاد قالت لن تتم المصالحة بوجود ابو مازن ، والمشكلة ليست بقرارات ترامب اوالاستيطان الاستعماري الاسرائيلي إنما بتفرد الرئيس عباس وديكتاتوريته ، وذهب نفر إلى حد الدعوة لمحاكمة ابومازن .
عبر التاريخ كان هناك من حاول كتابة التاريخ على طريقته ولخدمة مصالحه ولكن فى نهاية المطاف سيأتى بعدنا من يدرس ويبحث ليضع الحقائق كما هي ، فلا يصح الا الصحيح . نحن أمام مخطط أمريكي -اسرائيلي رهيب بتدمير وتصفية المشروع الوطني الفلسطيني ، فلماذا نساعدهم تحت يافطة المساعدات الإنسانية ، ومشاريع بقيمة عدة ملايين تحت يافطة الإغاثة الإنسانية ويعتبرون ذلك انتصارا ، ويتناسون ان عقوبات إدارة ترامب على المواقف الوطنية العظيمة للأخ ابو مازن والقيادة الفلسطينية قد بلغت حتى الان ٨٤٤ مليون دولار ؟ مرة أخرى لماذا يتم رفض الرزمة الشاملة بتنفيذ دقيق وأمين وكامل وتدريجي لاتفاق القاهرة ١٢-١٠-٢٠١٧ ، دون تجزئة ؟ وبما يضمن تلبية جميع احتياجات ابناء شعبنا العظيم فى قطاع غزة ويحافظ على مشروعنا الوطني ، ويسقط صفقة القرن الأمريكية الاسرائيلية الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية ، ويضع حجر الأساس لشراكة سياسية فلسطينية حقيقية ترتكز كما قلنا سابقا إلى التعددية السياسية وليس لتعدد السلطات .
وهل ثمن مسيرات العودة التى سقط فيها ١٨٦ شهيدا وآلاف الجرحى من خيرة ابناء شعبنا تحول من حق العودة إلى الإغاثة الإنسانية ؟
الدكتور صائب عريقات