تيسير خالد : نحن في مواجهة تحديات داخلية وخارجية خطيرة تحتاج الى صف وطني موحد

الأربعاء 10 أكتوبر 2018 01:36 م / بتوقيت القدس +2GMT



رام الله / سما /

انتقد تيسير خالد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ،  بشدة مراوحة جهود المصالحة في المكان رغم عديد الاتفاقيات والتفاهمات التي تم التوصل اليها برعاية الاشقاء في مصر وبتغطية وطنية بين حركتي فتح وحماس ، وأكد  إنّ الانقسام الفلسطيني أفسد ودمّر الحياة السياسيّة والدستوريّة ، وسمح بتحويل النظام السياسي لنظام رئاسي ديكتاتوري يتحكّم في السلطات ويشيع الفوضى في مفاصلها ، مُضيفًا أنّ لا مخرج من هذا الوضع سوى الذهاب الى  انتخابات عامة  رئاسية وتشريعية

وفي حوارٍ مع وسائل الاعلام  ، أضاف أنّ حالة التدهور امتّدت إلى منظمة التحرير حيث التفرّد والتنكر لمبادئ القيادة الجماعية والشراكة الوطنية ، وإلحاق الشلل المتعمد بمؤسسات المنظمة والاستهتار بقراراتها وتعطيل تنفيذها

وأكّد أن "الانقسام الفلسطيني المُدمّر يُسهّل على الإدارة الأمريكية وحكومة إسرائيل تنفيذ مخططاتهما ، لذا يجب أن ينتهي ، لتنتهي معه حالة الضعف التي لا تساعد على التصدي لهذه المخططات".

وأضاف أنّ "الحالة الفلسطينية بحاجة لمعالجة حتى نتمكّن من الصمود في وجه السياسة الإسرائيلية حيث الاستيطان المُتصاعد وتهويد القدس والقوانين العنصرية ، ولمواجهة صفقة القرن التي يجري تنفيذها خطوة خطوة ، بتعاون كامل بين الإدارة الأمريكية وحكومة الاحتلال ، لتصفية القضية الفلسطينية ، لافتًا إلى أنّ ملامح هذه الصفقة كانت واضحة منذ سنوات".

وفيما يتعلّق بالاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال قال "إن ما جرى منذ البداية هو ما أوصلنا لهذا الحال ،.. احتلال بدون كلفة ، وارتهانٌ لإرادة المُحتل وسلطة بدون سلطة ، بل سلطة تريدها اسرائيل ان تعمل تعمل كوكيل ثانوي لحماية المصالح الإسرائيلية ، وهذا هو مغزى التنسيق الأمني".

وأكّد خالد أنّ المشكلة مع "سياسة الإدارة الأمريكية تتجاوز قضية الاعتراف بالقدس عاصمةً للكيان وقرارها بشأن الأونروا..، إلى مخططاتها للنيل من حقوق الشعب الفلسطيني وارتباط هذا بترتيبات إقليمية تخدم أساسًا المصالح المشتركة للإمبريالية الأمريكية وأداتها العدوانية في المنطقة ، إسرائيل".

ورأى أنّ لدى الفلسطينيين الآن فرصة استثنائية للتحرر من قيود أوسلو المُذلّة ، وكذلك التحرر من جميع التفاهمات مع الإدارة الأمريكية، وذلك لما تنتهجه هذه الإدارة عبر مواقفها وقراراتها المنحازة بشكل فاضح لكيان الاحتلال.

وتطرّق للموقف الذي عبرّت عنه الديمقراطية ، من خلال مقاطعتها الدورة الأخيرة للمجلس المركزي الفلسطيني ، لافتًا إلى أنّه جاء بعد تقديم الجبهة رؤيتَها لعقد مجلس مركزي فعّال وناجح ، كي لا يكون تكرارًا لما سبقه ، لكن لم تتم الاستجابة لهذا المطلب. وأشار إلى أن المنظمة لا تُدار بنجاح بعيدًا عن الشراكة السياسية والديمقراطية التوافقية.

وحول مسيرات العودة ، دعا إلى إيجاد إستراتيجيّة وطنية توافقية تُحدد الأهداف ، والأدوات ، وتُوفّر الضمانات الكافية لأمن وسلامة المشاركين ، بما يضمن تحجيم الخسائر وتوفير زخم متصاعد للمشاركة ، وتطرّق للأسباب التي حالت دون توسّع وامتداد هذه المسيرات لسائر محافظات الوطن والشتات.

وانتقد خالد أوضاع اليسار الفلسطيني ، ورأى أنّه غير قادر على قيادة الوضع الفلسطيني ، والنهوض بهذه المسؤولية العظيمة ، وذلك لعدّة اعتبارات ذاتية وموضوعية ، تطرّق إليها تفصيلًا خلال حديثه لبوابة الهدف ، كما استعرض آليات الخروج من هذا النفق.

وفيما يلي نصّ الحوار بالكامل:

ردا على سؤال حول التحدي الأكبر الذي يواجه القضية الفلسطينية وشعبها اليوم وهل ما يسمى بـ«صفقة القرن» بدأ بالفعل بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس وما تبع ذلك من إجراءات الأمريكية مثل إلغاء دعم وكالة الغوث، مقترح الوحدة الكونفدرالية مع الأردن، والحديث عن تعويض اللاجئين وتوطينهم خارج فلسطين التاريخية، وماذا يملك الفلسطينيون من أوراق سياسية لرفض الحلول الأمريكية اوضح خالد :  

 تحيات عدة يواجهها الوضع الفلسطيني ، بعض هذه التحديات أوضاع البيت الفلسطيني ، الذي يزداد صعوبة وتعفيدا وتراجعا ، والبعض الآخر العلاقة مع دولة الاحتلال وممارساتها والميل المتسارع في أوساط نخبها السياسية الصهيونية نحو الفاشية وانعكاس ذلك على أوضاعنا الفلسطينية وتحديات على المستوى الدولي وخاصة سياسة الادارة الاميركية والهجوم غير المسبوق لسياسة الادارة على حقوق ومصالح الشعب الفلسطيني .

في الاوضاع الفلسطينية الداخلية ما زال الانقسام المدمر يلقي بظلاله على الحياة السياسية الفلسطينية وعلى وحدة النظام السياسي الفلسطيني . وباختصار يمكن القول أن هذا الانقسام افسد الحياة السياسية الفلسطينية ودمر الحياة الدستورية وسمح بتحول هذا النظام الى نظام رئاسي كاريكاتوري ولكنه يتحكم في مفاصل السلطات ويشيع الفوضى في أوصالها ، فلا وجود لحياة دستورية ، فالمجلس التشريعي معطل ومغيب والسلطة القضائية تحولت الى امتداد للسلطة التنفيذية او حتى لما يسمى مؤسسة الرئاسة ، وغابت أدوات الرقابة على نظام الحكم بما في الصحافة الحرة ووسائل الاعلام الحرة والمستقلة واصبح لدينا ما يشبه " الصحف القومية " ووسائل الاعلام القومية بوظائفها المعروفة ، لا حيز فيها للرأي والرأي الآخر ، وتراجع الهامش الذي كان متاحا للحريات العامة والديمقراطية وغير ذلك من أمراض ابتلي فيها النظام السياسي بفعل هذا الانقسام المدمر ، ويبدو ألا مخرج من هذا الوضع غير التوجه لانتخابات عامة رئاسية وتشريعية تكون مدخلا لترميم الصورة ومعالجة ما آلت اليه اوضاع نظامنا السياسي في السلطة الوطنية الفلسطينية

وعلى مستوى منظمة التحرير الفلسطينية لا يبدو الوضع مشرقا ، بل على العكس من ذلك . فقد امتدت حالة التدهور إلى الاوضاع في منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت مؤسساتها بالأصل تعاني من التكلس والتآكل والتهميش لصالح أجهزة السلطة. واصطدمت محاولات إحياء وترميم تلك المؤسسات بممارسات التفرد والاستئثار والتنكر لمبادئ القيادة الجماعية والشراكة الوطنية ، وإلحاق الشلل المتعمد بمؤسسات المنظمة والاستهتار بقراراتها وتعطيل تنفيذ تلك القرارات وبخاصة ما يتعلق منها بالخروج من مسار أوسلو والتحرر من قيوده المجحفة. وتؤدي تلك الممارسات إلي تسميم العلاقات بين فصائل المنظمة وإضعاف مكانتها التمثيلية وصب الماء في طاحونة محاولات اصطناع البدائل لها ، ما يشكل تهديداً خطيراً لوحدانية التمثيل التي هي الانجاز الأهم لمسيرتنا الوطنية طيلة نصف قرن.

هذه الحالة التي تعكس صورة نظامنا السياسي سواء في السلطة الوطنية ام في منظمة التحرير تحتاج الى معالجة حتى نتمكن من الصمود في وجه السياسة العدوانية الاستيطانية التوسعية لحكومة اسرائيل والصمود في وجه سياسة التهجير والتطهير العرقي ، التي تمارسها اسرائيل في القدس وفي الأغوار الفلسطينية ومناطق جنوب الخليل وغير من مناطق الضفة الغربية ومواجهة قوانين اسرائيل العنصرية ، كقانون القومية ، الذي يؤسس لبناء دولة الهيكل الثالث في ظل أجواء من التعبئة الفاشية المتطرفة ، التي تحصر حق تقرير المصير في هذه البلاد باليهود فقط وتنكره على سكان البلاد الأصليين لأسباب باتت معروفة وأهداف لا تخفى على أحد . وحتى نتمكن كذلك من مواجهة ناجحة لما يسمى صفقة القرن الاميركية والتي يجري تنفيذها خطوة خطوة بتنسيق وتعاون كاملين بين الادارة الاميركية وبين حكومة اسرائيل كصفقة تستهدف تصفية القضية الفلسطينية وتصفية الحقوق والمصالح الوطنية للشعب الفلسطيني بعيدا طبعا عن القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية . ملامح التسوية التي تسعى الادارة الاميركية لفرضها باتت واضحة وهي في الأصل كانت واضحة حتى قبل الاعتراف الاميركي بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال ونقل السفارة الاميركية من تل أبيب الى القدس وقبل قرار وقف المساعدات التي كانت تقدمها الولايات المتحدة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين .

إن المشكلة مع سياسة الادارة الاميركية ليست فقط  في اعترافها بالقدس عاصمة لدولة الاختلال وفي وقف الولايات المتحدة دعمها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” على خطورة ذلك ، بل في ما يجري من مخططات للنيل من حقوق الشعب الفلسطيني وارتباط ذلك بترتيبا اقليمية تخدم اساسا المصالح المشتركة للاميريالية الاميركية واداتها العدوانية في المنطقة ، اسرائيل . ومن يقول أنه لم يطلع على خطة صفقة القرن ليبرر موقفه السلبي منها يقع في الخطأ  . فصفقة القرن كانت ملامحها واضحة منذ جرى الاعلان عن النية لطرحها كمشروع للتسوية السياسية وأصبحت مع الوقت اكثر وضوحا. لقد وقع البعض في الخطأ عندما تردد منذ البداية عن إعلان موقف واضح وصريح من الصفقة : بل إن البعض أخذ في البداية يلوم حكومة بنيامين نتنياهو ويدعي أن تلك الحكومة تكثف من نشاطاتها الاستيطانية لتقطع الطريق على الادارة الاميركية وخطتها للتسوية السياسية ، بينما قلنا منذ اللحظات الاولى أن الرسالة تقرأ من عنوانها وأن الملامح العامة للصفقة وعناصرها الجوهرية واضحة خاصة بعد أن استبعدت الادارة الاميركية الجديدة من جدول أعمالها الاعتراف بما يسمى حل الدولتين وقررت من جانب واحد أن الاستيطان لا يشكل عقبة في طريق السلام وإدعت أن حل الدولتين عمل يعود لاتفاق الطرفين (الفلسطيني والإسرائيلي) دون الإلتزام بقرارات الشرعية الدولية، وكأن لسان حالها يقول: دعوا الذئب والحمل يتفقان أيهما يأكل الآخر، وعدم إقرار إدارة ترامب بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران 67، ومن ثم تطوره بشكل درامي خطير عندما اعترفت بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل وقررت نقل سفارة بلادها من تل أبيب الى القدس المحتلة، وأتبعت ذلك بالموقف من حقوق اللاجئين ووقف دعم وكالة الغوث

هنا لا بد من التأكيد على أن الانقسام الفلسطيني المدمر يسهل على الادارة الاميركية وحكومة اسرائيل المهمة ولهذا يجب أن ينتهي لأنه جزء من حالة الضعف التي لا تساعد على التصدي لهذا المخطط الأمريكي . كيف لنا أن نواجه المخططات المعادية في ظل هذا الانقسام الذي انعكس على أوضاع منظمة التحرير الفلسطينية فزاد في تدهور أوضاعها وغياب دور هبئاتها ومؤسساتها وعجزها عن معالجة الملفات السياسية المطروحة على جدول أعمالها ؟ ، فاستمرار الانقسام وتعثر بل تعطل الحياة الديمقراطية في مؤسساتنا الفلسطينية في ظل استيطان زاحف في الضفة الغربية وقوانين عنصرية يقدم خدمة لأعدائنا وعليه يجب وضع حد لهذا الانقسام المدمر فذلك يمكننا من معالجة ما نحن فيه حالة ضعف يستفيد منها الأعداء لتمرير مخططاتهم .

وردا على سؤال بعد مرور ربع قرن على توقيع اتفاق أوسلو، وما انتهت إليه الاوضاع في السلطة الفلسطينية وما يعرف بـ"التنسيق الأمني" بين السلطة الفلسطينية وسلطة الاحتلال وكيفية الخروج من المأزق قال تيسير خالد :  

اتفاقيات اوسلو كانت منذ بداياتها الاولى خطأ فادح ، فكل بند من بنود الاتفاقية كان بحاجة الى ملاحق تفسيرية وهذا كان متعمدا من الجانب الاسرائيلي ، الذي لم يفكر أصلا لفلسطينيين ما هو اكثر من حكم اداري ذاتي محدود للسكان دون الارض ، ولهذا جاء اوسلو يقسم الارض في الضفة الغربية على النحو التالي ، هذه لكم مناطق ( ا ) وهذه لنا مناطق ( ج ) وهذه لنا ولكم مناطق ( ب ) ، ولايتكم السياسية المقيدة تمارسونها في حدود المناطق الممنوحة لكم ، وما عدا ذلك فلا ولاية لكم . سجل السكان يبقى تحت سيطرة الكومبيوتر الاسرائيلي وسجل الاراضي ، ولا ولاية لمحاكمكم على غير الفلسطينيين في الشؤون المدنية وغيرها . وما تبع ذلك مثل بروتوكول باريس الاقتصادي فلم يكن أفضل حالا ، وعلى كل فقد كان اتفاقا سلم منذ البداية بضم الاسواق الفلسطينية الى الاسواق الاسرائيلية من خلال مجموعة من الترتيبات بدءا بالغلاف الجمركي الواحد مرورا بترتيبات الاستيراد والتصدير التي يمكن بكل سهولة التلاعب بها وانتهاء برهن أموال المقاصة لقرار المحتل الاسرائيلي . كل هذا كان خطأ وكان يعمق الاحتلال ولا يضع قيودا على الاستيطان . ما جرى منذ البداية هو ما وصلنا اليه في النهاية : احتلال بدون كلفة وارتهان لإرادة المحتل وسلطة بدون سلطة ، بل سلطة يريدها المحتل أن تعمل كوكيل ثانوي للمصالح الأمنية وغير الامنية الاسرائيلية . وهذا هو مغزى التنسيق الأمني . التنسيق الأمني هو ببساطة أن تعمل وكيلا ثانويا عند الاحتلال في خدمة مصالحه الامنية ، هذا ما تمارسه اسرائيل وهذا ما تقول به الادارة الاميركية ، التي اوقفت كل مساعداتها للسلطة والشعب الفلسطيني باستثناء تلك الامنية التي تقدمها وكالة المخابرات المركزية الأميركية .

وقد مر على هذه اتفاقيات حتى الان 25 عاما  ، فقبل خمسة وعشرين عاما تم التوقيع  في حديقة البيت الأبيض في الثالث عشر من أيلول عام 1993 على تلك الاتفاقيات ، وقد دهونا في تلك المناسبة قبل ايام الى التحرر من قيود تلك الاتفاقيات السياسية والأمنية والإدارية والقانونية والاقتصادية بما في ذلك وقف التنسيق الأمني مع دولة الاحتلال ووقف العمل باتفاقية باريس الاقتصادية وفك ارتباط سجل السكان وسجل الاراضي وتحريرهما من سيطرة الجانب الاسرائيلي ، إذ لا معنى لبقاء سجل السكان الفلسطيني مرتبطا بالحاسوب الاسرائيلي أو بقاء سجل الاراضي الفلسطيني موزعا بين جهة اختصاص فلسطينية في بعض المناطق وجهة اختصاص اسرائيلية في بيت ايل او غيرها ، والبدء كذلك من خلال مؤسسات القضاء الفلسطيني بمد الولاية القضائية للمحاكم الفلسطينية على جميع الذين يعيشون في اراضي دولة فلسطين ، واللجوء الى جهات الاختصاص الدولية بما في ذلك ( الأنتربول ) لردع كل التجاوزات والانتهاكات ، التي يمارسها المستوطنون ضد المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم وأرواحهم .

وأعتقد أن الإدارة الأمريكية من خلال قراراتها ومواقفها العدائية الأخيرة المنحازة بشكل فاضح لإسرائيل ، في قضايا حيوية تتصل بالحقوق والمصالح الوطنية الفلسطينية كقضية القدس وقضية اللاجئين ووكالة الغوث ( اونروا ) والاستيطان وسياسة التمييز العنصري والتطهير العرقي ، التي تمارسها اسرائيل في ظل حماية اميركية واسعة ، تمنح الفلسطينيين فرصة استثنائية للتحرر من قيود أوسلو المذلة والمهينة وفرصة للتحرر من جميع التفاهمات مع الادارة الأميركية بدءا بالانضمام الى جميع وكالات ومنظمات الامم المتحدة ، التي تضع الادارة الاميركية فيتو على انضمام فلسطين الى عضويتها مرورا بقطع العلاقات مع الادارة الاميركية بعد القرار الاميركي بإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن بما فيها الاتصالات مع وكالة المخابرات المركزية وانتهاء باستمرار الضغط على المحكمة الجنائية الدولية ودفعها لفتح تحقيق قضائي فوري بجرائم الاحتلال والاستيطان وتقديم المسؤولين عنها الى العدالة الدولية ، بمن فيهم قضاة المحكمة العليا الاسرائيلية الذين شرعوا قبل أيام جريمة تطهير عرقي بتقديم غطاء قانوني لجريمة هدم قرية الخان الاحمر وترحيل سكانها

وفي سياق الحوار تطرق خالد الى مقاطعة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين اجتماع المجلس المركزي الأخير، وكيف تنظر الجبهة الديمقراطية إلى واقع منظمة التحرير الفلسطينية؟ وما هو المطلوب على صعيد إعادة ترتيب وهيكلة أوضاعها فأوضح ما يلي :

نعم ، الجبهة الديمقراطية قاطعت اجتماع المجلس المركزي الأخير ، فعقد تلك الدورة جاء في ذروة الخلاف مع الرئاسة على اسس الشراكة في منظمة التحرير الفلسطينية . نحن من الذين يؤكدون باستمرار بأن الشؤون السياسية والعامة في منظمة التحرير الفلسطينية لا تدار بنجاح بعيدا عن الشراكة السياسية والديمقراطية التوافقية . فمنظمة التحرير الفلسطينية جبهة وطنية عريضة وهي حاملة الحلم الفلسطيني ورافعة نضال الشعب الفلسطيني وهي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني . ونحن في الجبهة الديمقراطية نؤمن بالشراكة السياسية والديمقراطية التوافقية ونرفض الانفراد والتفرد في القرار وقد قدمنا رؤيتنا لعقد مجلس وطني فلسطيني فعال وناجح عندما طالبنا بضرورة الاعداد الافضل لعقده للاتفاق على مخرجاته من جميع النواحي حتى لا يأتي تكرارا كاريكاتيريا لما سبق ، إعادة التأكيد على ما كنا قد أكنا عليه مرارا وتكرارا سوء في مجالس مركزية سابقة او في المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الاخيرة أو في اجتماعات اللجنة التنفيذية ، وعندما وجدنا ان الطرف الآخر لا ينوي الاستجابة لطلبنا هذا قررنا عدم المشاركة في جلسة المجلس . نحن منسجمون مع انفسنا ، لسنا من دعاة سياسة المقعد الخالي وفي الوقت نفسه لسنا مع افراغ الهيئات من أدوارها ووظائفها وتحويلها الى أجسام خاوية .

ما المخرج من هذا الوضع ، واضح اننا بحاجة الى تفعيل وتطوير هيئات ومؤسسات وهياكل منظمة التحرير الفلسطينية من خلال سلسلة من الترتيبات يأتي في مقدمتها إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها حركة تحرر وطني ولبرنامجها السياسي ، برنامج العودة وحق المصير والاستقلال وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وفي القلب منها القدس المحتلة عاصمة دولة وشعب فلسطين ، والتمسك بالمنظمة ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني في أماكن تواجده كافة في الوطن وفي مخيمات الجوء والشتات وبلدان الهجرة والاغتراب ، ورفض أية محاولات لاصطناع البدائل أو القيادات الموازية له والاعداد لمجلس وطني جديد تشارك في جميع القوى السياسية والمجتمعية الفلسطينية من خلال انتخابات عامة حرة ونزيهة على اساس قانون التمثيل النسبي الكامل .

وتناول الحوار دور الجبهة الديمقراطية في مسيرات العودة باعتبارها طرفا رئيس من القوى المشاركة في تلك المسيرات مسيرات ، وكيف تقيمها الجبهة وآفاق توسعها لتشمل  لتشمل الضفة و 48 والشتات ، حيث اكد أن هذه المسيرات بحاجه الى استرايجية متفق عليها بين جميع القوى المشاركة فيها . يجب ان نحدد أهدافها بوضوح وكسر الحصار هو احد أهم هذه الأهداف وان نتفق على ادواتها وتوفير الضمانات الكافية لأمن وسلامة المشاركين فيها ، طالما هي مسيرات سلمية ، فأرواح أبناء وبنات الشعب الفلسطيني غالية وثمينة وتحجيم الخسائر غاية تساعد في توفير زخم متصاعد للمشاركة في هذه المسيرات ... أما لماذا لم تتوسع لتشمل الضفة الغربية تحديدا فهذا سؤال مطروح على جدول أعمال القوى السياسية والمجتمعية في الضفة الغربية ، ولكن علينا هنا تحديد عدم الخلط  بين اشكال النضال بمعزل عن ظروفه ، هناك ضرورة لرفع وتيرة الاستعداد للمشاركة في نضالات جماهيرية شعبية سلمية واسعة في الضفة الغربية وكذلك في أراضي العام 1948 ، ولكن يجب ان نتذكر جيدا صورا رائعة ومجيدة لمثل هذه النضالات في هبة الدفاع عن الحرم القدسي الشريف والمسجد الاقصى في تموز من العام الماضي ، التي كشفت عن مخزون نضالي هائل واستعدادات عالية للعطاء عند الجماهير في مواجهة صلف وبطش المحتل ، ويجب ألا ننسى ما يجري هذه الأيام في قرية الخان الأحمر المهددة بالتهجير والتطهير العرقي في خدمة المشروع الاستيطاني الأخطر التي تخطط له حكومة الاحتلال الاسرائيلي .

وفي سؤال عن استعصاء المصالحة، وهل من أفق أمام المصالحة بين فتح وحماس، وما المطلوب على هذا الصعيد أجاب خالد : في مواجهة الهجوم الذي يتعرض لها الجانب الفلسطيني من الادارة الاميركية وحكومة الاحتلال ورأس حربته ما يسمى صفقة القرن نحن مدعوون لكسر هذه الحلقة المستعصية فعلا بترتيب أوضاع البيت الفلسطيني من الداخل وتحقيق المصالحة الوطنية واستعادة الوحدة الوطنية ووحدة النظام السياسي الفلسطيني بتنفيذ الاتفاقيات والتفاهمات التي تم التوافق عليها بين حركتي فتح وحماس برعاية مصرية ومباركة فصائلية بدءا باتفاق عام 2011 وانتهاء باتفاق اكتوبر عام 2017 جنبا الى جنب مع التنفيذ الفوري لقرار المجلس الوطني بإلغاء الإجراءات التي تمس مصالح المواطنين في قطاع غزة ، وفي الوقت نفسه عودة الحكومة لممارسة مسؤولياتها كافة في القطاع دون عوائق ، وإذا تعذر ذلك ويبدو أنه متعذر البدء المشاورات لتشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى مسؤولية فك الحصار الظالم المفروض على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة الباسل الصامد والإعداد لانتخابات عامة رئاسية وتشريعية متزامنة مع انتخابات متزامنة لمجلس وطني توحيدي يضم جميع الوان الطيف السياسي والمجتمعي الفلسطيني على اساس التمثيل النسبي من أجل إنهاء الانقسام والتنفيذ الأمين لاتفاقات وتفاهمات المصالحة، بدء بالتنفيذ الفوري لقرار المجلس الوطني بإلغاء الإجراءات التي تمس المصالح الحيوية للمواطنين في قطاع غزة، وعودة الحكومة لممارسة سلطاتها والنهوض بمسؤولياتها كافة في القطاع ، لست في وضع يدفعني وغيري من المواطنين الفلسطينيين الى التفاؤل بتجاوز هذه الثنائية التي تتحكم في مجريات المصالحة ولست متأكدا أن هذه الثنائية تفكر أصلا بكسر هذه الحلقة المستعصية من خلال صناديق الانتخاب ولهذا يجب توفير أدوات ضغط جماهيرية كافية ووازنة لحسم طي صفحة الانقسام من خلال العملية الديمقراطية ، أي الانتخابات العامة

وردا على سؤال حول واقع اليسار، وهل اليسار الفلسطيني بحالته الراهنة قادر على قيادة الوضع الفلسطيني بديلاً لطرفي الانقسام، نفى أن يكون اليسار في وضع يؤهله قيادة الوضع الوطني قائلا : بصراحة لا ، اليسار الفلسطيني غير قادر على النهوض بهذه المسؤولية الوطنية العظيمة ، وهذا ليس مطلوبا منه في ظل موازين القوى المعروفة والتي تحرص كل من حركة فتح وحركة حماس على تثبيتها وربما إدامتها . ليس بمقدور اليسار ان يقدم نفسه باعتباره القوة المؤهلة لقيادة الوضع الفلسطيني ، لاعتبارات ذاتية لها صلة بتباينات في صفوفه وهي تباينات سياسية بالدرجة الرئيسية وليست تباينات حول برنامج النضالات الاجتماعية والاقتصادية او الموقف من الحريات العامة والديمقراطية او غيرها من الامور التي تتصل بالحكم وما يعتريه من خلل في الادارة او فساد ، ولاعتبارات موضوعية كذلك لها صلة بتوازن القوى . ذلك لا يعني إعفاء اليسار من الاضطلاع بدوره في شف الطريق نحو الخروج من هذا النفق المظلم . يحسن اليسار صنعا إذا ما اتفقت اطرافه الممتدة في الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني وشخصياته التقدمية والديمقراطية على تشكيل قوة ضامنة قادرة بالعمل المثابر والدؤوب على فك عقدة احتكار الثنائية التي تتحكم بالوضع الفلسطيني وتعطل كل فرص التقدم الى الامام في تجاوز حالة الانقسام المدمر ، الذي لا يستفيد منه غير العدو الصهيوني . نحن أحوج ما نكون الى قوة ضامنة من القوى الديمقراطية تؤكد حضورها الفاعل في الانتخابات العامة على جميع المستويات وفي جميع الميادين والمجالات . هنا يتجلى دور اليسار في الظروف الراهنة وفي ظل موازين القوى الراهنة على الارض .