حكايات الأمل والألم والحب والحياة من القدس وجنين وغزة ونابلس تحكيها عيون فلسطينية

الثلاثاء 25 سبتمبر 2018 01:44 م / بتوقيت القدس +2GMT
حكايات الأمل والألم والحب والحياة من القدس وجنين وغزة ونابلس تحكيها عيون فلسطينية



غزة- سما

قبل نحو شهرين، وفي إطار تعزيز الثقافة والوطنية، والتمسك بالهوية والثقافة الفلسطينية، وتعزيز قيم حقوق الانسان، وفي مقدمها حقوق المرأة، عرض نادي الاعلام الاجتماعي-فلسطين في المعهد الفلسطيني للاتصال والتنمية أفلام من انتاج مؤسسة شاشات سينما المرأة. حيث تأتي هذه العروض مشروع "يلا نشوف فيلم"، الذي تنفذه مؤسسة شاشات سينما المرأة، بالشراكة مع جمعية الخريجات الجامعيات في غزة ومؤسسة عباد الشمس؛ لحماية الانسان والبيئة، بتمويل رئيس من الاتحاد الأوروبي ضمن برنامج "تعزيز المواطنة والحوكمة في فلسطين"، ودعم مساند من مؤسسة CFD السويسرية، وممثلية جمهورية بولندا في فلسطين. 

ويهدف المشروع الى اطلاع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة والقدس على معالجات فيلمية لكثير من القضايا والمشكلات التي تعاني منعا بعض الفئات والشرائح، بخاصة النساء، وفلسطينيي القدس المحتلة، وقطاع غزة.

ويسعى المشروع الى خلق حال من النقاش والتفاعل المتبادل حول هذه القضايا والمشكلات والمفاهيم، المغلوطة أحيانا، وتعزيز حرية الرأي  والتفكير والاعتقاد، وتعزيز مجموعة من القيم الإنسانية، المتمثلة في قبول الأخر كما هو، والتسامح والمسئولية المجتمعية والسلم الأهلي.

وأشرف على عرض الأفلام مجموعة من الناشطين والصحافيين وأعضاء نادي الاعلام الاجتماعي- فلسطين، ومهتمين بالسينما والأفلام وصناعة التغيير.

وخلال الشهرين الماضيين، تم عرض عشرة أفلام مختلفة في مقار عدد من مؤسسات المجتمع المدني في مدن غزة، وخان يونس، ورفح، وبيت حانون، ومخيمي النصيرات والشاطئ للاجئين، بحضور فئات وشرائح مختلفة، بخاصة النساء.

وتم عرض الفيلم الأول بعنوان "في الهم شرق"، الذي تناول شخصيات عادية هم مجموعة من الأصدقاء من مدينة القدس المحتلة، لكل واحد منهم قصته ومعاناته وموقفه.

وركز الفيلم على شخصية أبو داوود، الذي يعاني من إعاقة في قدمه اليسرى، حيث تحدث عن ابنه البالغ من العمر 15 عاما، المعتقل من قبل قوات الاحتلال ووجهت له تهمة الانتماء الى تنظيم سياسي فلسطيني، وارتدائه الكوفية الحمراء المرقطة، وما يزال ينتظر موعد محاكمته.

وحول أراء الحاضرين، الذين تحدثوا ودانوا التفرقة العنصرية والقمع الممارس من قبل الاحتلال الإسرائيلي ضد اهالي القدس، مثمنين الطريقة العفوية في استخدام اللهجة البسيطة في الحديث اثناء العرض، وتساءل البعض عن سبب تسمية الفيلم بهذا الاسم.

وفي عرض لفيلم أخر بعنوان "حظي رقم 13" الذي يتحدث عن فتاة من مدينة جنين شمال الضفة الغربية تسعى لتحقيق هدفها للوصول لمدينة القدس للصلاة فيها بعد رفض سلطات الاحتلال إعطائها تصريح الدخول للأرض المقدسة.

وعلى رغم الصعوبات والحواجز العسكرية الإسرائيلية والطرق الوعرة التي سلكتها لتتخطى تلك الحواجز في رحلة طويلة وملتوية تتمكن في النهاية من الدخول الى القدس والصلاة في المسجد الأقصى.

ويُظهر الفيلم "الحيلة" التي لجأت اليها الفتاة لتتمكن من اجتياز أحد الحواجز العسكرية، التي تفصل المدينة المحتلة عن سياقها وامتدادها الجغرافي والتاريخي الفلسطيني الطبيعي.
وعقب انتهاء العرض، أشاد الحاضرون بالموسيقى التصويرية المأخوذة من أغنية موطني، التي أثارت المشاعر والحس الوطني والحنين لزيارة القدس والشطر الثاني من الوطن السليب.
واستذكروا معاناة الانسان الفلسطيني في الضفة قبل 18 عاما مع اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، حيث تضاعف آنذاك عدد الحواجز الاسرائيلية، وزادت التعقيدات وأصبح اجتيازها، من دون تصريح إسرائيلي، ضرب من الخيال.
وقال أحد الحاضرين إن الفيلم أظهر أهمية المادة رقم 13 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان، التي تؤكد على حرية التنقل في أي زمان ومكان داخل حدود كل دولة، وذلك عن طريق هذه الفتاة التي انتزعت حقها في حريتها بالتنقل وأثبتت ذلك من خلال الوصول لهدفها وحقها الطبيعي في التنقل.
"صيف حار جدا" للمخرجة أريج عيد عرض معاناتها ومعاناة عائلتها اثناء العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014، إذ تناول قصة حقيقية وتجربة شخصية عن أيام العدوان الـ51، التي عاشوها تحت القصف الإسرائيلي، بما في ذلك شبح الموت والخوف في عيون الأطفال والنساء والشباب والشيوخ، وانقطاع التيار الكهربائي، والمياه، وقصف مدمر طاول المنازل والمؤسسات ومدارس لجأ اليها نازحون عن منزلهم.
ويُظهر الفيلم معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة والوضع الانساني البائس الذي عاشوه في تلك الفترة والخوف الشديد الذي جعلهم ينتظرون الموت في كل لحظة.
وبعد انتهاء العرض، استذكر الحاضرون تجارب ومواقف عاشوها وخاضوها في أيام العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث بدأوا بالحديث عن تجارب بعضهم بعضا من تحديات ومخاوف وظروف اجبرتهم على السير معها من اجل النجاة من هذا العدوان.
وأكد الحاضرون على ان الفيلم أعاد لهم ذكريات مؤلمة لكنها كانت البداية في حياة جديدة لهم.
ام أيمن حكاية مليئة بالصمود والتحدي وعنفوان الانسان الفلسطيني بشكل عام والمرأة الفلسطينية بشكل خاص، حكاية مأخوذة من فيلم "لو أخذوه" للمخرجة الفلسطينية ليال كيلاني التي يُظهر اعتداءات المستوطنين على بيوت الفلسطينيين واراضيهم واقتلاع اشجارهم وحرقها امام اعينهم. 
ورأى الحاضرون أن الفيلم تميز بالبساطة في المحتوى وجلال الرسالة، في تأكيد واضح على معركة الوجود ورسالة تبعث على الامل.
وقالت منسقة شبكة وصال سماهر أبو ظاهر إن الفيلم هو أداة من أدوات الضغط والمناصرة لتوصيل رسالة للعالم عن معاناة الانسان الفلسطيني، مضيفة أن الرصد والتوثيق يحفظ التاريخ والحقوق للمستقبل والاجيال القادمة.
و"خارج الإطار" رفض فتاتان المفاهيم البالية والتمسك بالعادات والتقاليد التي تقوض حقوقهن.
فتاتان، إحداهما مصورة، والأخرى ناشطة شبابية وسياسية، يفكرن "خارج الإطار"، ويحلمن ويصررن على التغيير والتمسك بالأمل بعدم فرض الأمر الواقع على المرأة الفلسطينية، وعلى وجه الخصوص في قطاع غزة.
ويُظهر الفيلم واقع الفتيات الغزيات في مناطق معينة بالسعي وراء التغيير والتمكين ومواجهة الواقع، ورفض بعض المفاهيم الخاطئة والنمطية عن المرأة.
وفي ذات السياق أنتقد الحاضرون المشاهد التي وصفوها بالمبالغ فيها في حديث الفتاتين عن قسوة المجتمع وسوء تعامله، مؤكدين على انها ليست صورة عامة، بل حالات خاصة فقط.
وقال أحد الصحافيين إن الفيلم لا يحمل صورة مرئية، بل صورة سمعية وينقص الفيلم مشاهد تثبت رواية الفتاتين.
وأضافت أخرى ان الاب الذي سمح لابنته أن تدرس في الجامعة لتصبح مصورة او صحافية أو ناشطة هو ادب متفهم ولديه الثقة فيها.
و"مادلين" تجربة إنسانية نسائية نادرة في غزة.
يتحدث الفيلم عن مادلين، التي وُلدت في غزة، وامتهنت الصيد كي تعيل عائلتها، وكذلك التحديات والصعوبات التي واجهتها، وعن علاقتها الوطيدة بالبحر.
وبعيدا عن البحر وصيد الأسماك، استعادت امرأة ثقتها بنفسها وبدأت حياتها من جديد في فيلم "انفصال" بعدما تخلصت من رجل اصطادها طفلة صغيرة.
واجهت بطلة الفيلم المجتمع بعد طلاقها من زوجها، حيث أصبحت ضحية الزواج المبكر والتقليدي وأصرت على التغيير وتخطي العقبات أمام مجتمع لا يقبل المطلقة.
هذا ما تحدث به الحاضرون عن أضرار الزواج المبكر والتقليدي وعن التجارب المشابهة التي مروا بها.
وقالت الاختصاصية النفسية سمر قويدر إن فيلمي "مادلين" و"انفصال" يحملان رسالة عن العنف المبني على النوع الاجتماعي.
وأضافت قويدر أن فيلم "مادلين" يعرض قصة طفلة إيجابية وقوية، لكنها وُضعت في ظروف صعبة حرمتها من التعليم واللعب وقدراتها الجسدية لا تحتمل هذه الضغوط.
وتحدثت إحدى السيدات عن تجربتها في العمل حيث عملت في مصنع لمدة تسعة شهور وهي حامل بملغ قدره مئة وثمانون شيكلا فقط في الأسبوع، وبعد 18 يوما من الولادة عادت إلى العمل.
وقالت طفلة عمرها سبعة عشر عاما: "حكولي بنفعش أسافر اتعلم برة، إلا إذا كنت متجوزة، قلت خلص بخطب وبتجوزعشان اتعلم".
ويتناول فيلم "بعيدا عن الوحدة" حياة ثلاث سيدات مزارعات جمعتهن المعاناة والقهر والفقر والحرمان قررن اللجوء للعمل في الارض باعتبارها المتنفس الوحيد الذي يبعدهن عن الوحدة، على رغم التعب والعمل الشاق.
وأشاد الحاضرون بهؤلاء السيدات اللواتي خرجن من رحم المعاناة والفقر بالإصرار على العيش في حياة كريمة من خلال اللجوء للأرض او البحر.
وقالت احدى النساء أن المرأة أحيانا تقوم بدورها وبدور الرجل ولا تنتظر الشكر.
وأضافت أخرى عن تجربتها قائلة: "أنا بنيت بيتي عمود عمود بدون ما الجأ لحد وبدون ما اطلب من حدا شيكل واحد"، مؤكدة أخرى على أن المرأة هي سند زوجها مدى الدهر ولديها القدرة على التحمل وهذا ما أظهره الفيلم بشكل واضح.
ونظرا للصداقة المبنية على الصراحة والثقة، تخطت فتاة في فيلم "الأخت وأخوها" كل العقبات في مصارحة أخيها بعلاقة عاطفية تربطها مع شاب.
وهذا ما لفت نظر المشاهدين والحاضرين، الذين شددوا عن أهمية تقبل الأخر والبعد عن العصبية والقبلية في بعض المواضيع الحساسة.
وقالت إحدى المشاهدات المشاركات: "إننا بحاجة لعائلة وأصدقاء يتقبلون ويسمعون منا من دون خوف وإعطائنا الحرية في ذلك".
وأشار أحد الحاضرين الى تجربته الشخصية في التعامل مع أخته الصغرى، حيث تعتبره صديقها، فيما اعتبر اخر ان موضوع الفيلم حساس ومثير للمشاكل.
والثقة بالنفس والقدرة على تغيير مسار الحياة في شكل إيجابي، وضجيج الشوارع والتلوث السمعي والبصري، كانا محوري فيلمين مختلفين، الأول بعنوان "أقدام صغيرة" والأخر بعنوان "ضجة".
يتناول الأول قصة نجاح شاب يعاني من قصر القامة مؤمن بنفسه وواثق من قدراته، استطاع أن يغير مسار حياته بإيجابيه كبيره في تحديه للمجتمع، ما ترك أثرا جميلا في نفوس المشاهدين وعقولهم.
وأثار عرض الفيلم إعجاب الحضور الذين اشادوا بجمال القصة وصاحبها المهرج علاء,
وقالت احدى الحاضرات ان الشخص المؤمن بذاته يقتحم المجتمع ويجبره على تقبله.
وأشار أحد الحاضرين الى تجربته الشخصية ومعرفته السابقة للشخصية في الفيلم أثارت في داخلها عدة أسئلة وفضول أكبر لدى الشخص الذي يصنع السعادة وهو يحتاجها.
وتناول الفيلم الثاني "ضجة" الضجة والاصوات، التي نمر بها في البداية بصوت أغنية في راديو الى صوت تظاهرة في أحد شوارع تونس تطالب بالتغيير.
وأُعجب الحضور بالبداية اللطيفة للفيلم، قبل أن يظهر الوجه الحقيقي لمعاناة الناس في شكل عام، مضيفين على ان الضجة في الشوارع لها علاقة مباشرة بعدم الاستجابة للحقوق وعدم تقديم الخدمات في صورة لائق للمواطنين.
وقال أحد المشاركين إن الشخص الضرير في الفيلم أوحى لنا بشخصية تشبه الإنسان الغزي عندما تؤذيه الضجة فيهرب الى البحر، لكن يبقى صدى الضجيج في أذنيه.
وأشار أحد الحاضرين الى أن الواقع المتناقض، الذي نعيشه، ظهر في الفيلم هدوءا خارجيا وضجيجا من الداخل.
ومن التناقض الداخلي الى الظروف القاهرة، التي ترغم الفتيات والنساء، وحتى الرجال والشباب على اللجوء الى خيارات قاسية.
وهذا تجسد في فيلم "الحالة تعبانة"، الذي يتناول حياة مجموعة من الشابات اللواتي يعانين من الفقر، وتركت إحداهن مدرستها وتعليمها لتعمل، وأرغمها أبوها على أن تلبس خاتم الخطوبة، كي لا تتزوج وتبقى تعمل وتساعده.
ويعكس الفيلم، حسب الحاضرين المشاهدين الواقع المر في حياة قاسية تتحطم فيها أحلام الشباب على صخرة العقبات المالية والمادية.
وقالت إحدى الحاضرات أن المهن التي نعمل بها مفروض ان تكون حسب قدراتنا ومهاراتنا، لكن الواقع يدفعنا للعمل في أماكن لا نقبلها.
وأشار الحاضرون الى ان من الجميل رؤية تمسك الفتيات في الفيلم بالقيم والفضيلة، على رغم صعوبة الظروف.
واذا كانت ظروف بعينها حالت دون أن تكلمل فتاة تعليهما، فإن الظروف العامة وضعف الاقتصاد وعدم توفر فرص العمل صدمت شابا بحث طويلا عن فرصة عمل لم يعثر عليها أبدا.
وتناول فيلم "انجي كوز" قصة الشاب حمزة الذي يبحث عن العمل في المؤسسات الاهلية وشعر بالياس والخذلان نتيجة عدم وصوله لاي شيء.
وعقب انتهاء عرض الفيلمين معا، تحدث الحاضرون عن أن الفيلمين تميزا بالواقعية.
وقالوا إن "انجي كوز" يمثلنا ويمثل ما نراه في مجتمعنا الفلسطيني، وعلى رغم ان الفيلم انتج في 2013، إلا أنه يعكس صورة معاناة الشباب في 2018.
وقال شاب شاهد الفيلم إن رحلة الوصول تصقل المهارات وتزيد الوعي وتخلق انسانا نوعيا وفريدا.
وقال آخر إن الفيلم أظهر نموذجين للشباب، أحدهم يسعى ويبذل جهد من اجل الوصول للهدف، وآخر متخاذل ويهدر طاقاته في اشياء سلبية.
وأشار أحد الحاضرين الى أن الشباب يحتاج الى تطوير مهارات وقدرات لفتح افاق أخرى أمامهم، وعليهم ان يستمروا في قرع جدران الخزان.