نشرت مجلة "وايرد" الأمريكية، مقال رأي لنيلسون ديليس تحدث فيه عن الطرق المثلى لخداع ذاكرتنا بطريقة علمية، ودفعها لتذكر المعلومات التي اعتدنا نسيانها بعد مدة قصيرة من تعلمها.
وقال الكاتب، في مقاله ، إن هناك بعض التمرينات العقلية التي تحول دون تكرار خطأ السهو والنسيان المصاحب للأشغال اليومية الكثيرة للإنسان. كما تساعد هذه التمرينات على تعزيز الذاكرة.
وذكر أن بداية خوضه في عالم الحفظ والتلقين انطلقت إثر زيارة قام بها لبيت جديه الواقع في فرنسا، علما وأنه قد وقع تشخيص إصابة جدته بالزهايمر قبل بضع سنوات. وفي المرة الأخيرة التي زارها فيها، كانت جدته تواجه صعوبة في تذكر بعض الأمور على غرار المكان الذي تركت فيه عكازها، وما إذا وضعت الفطائر في الثلاجة أم على المنضدة.
وأضاف الكاتب أنه بينما كانت العائلة تجلس على طاولة العشاء، نظرت جدته إلى جده وسألته عن أحواله وما إذا كان يخطط لزيارتها مستقبلا غير مدركة تماما بأنه كان جالسا على يمينه. وقد صدم حينها بما قالته، لأنه من الصعب أن تكتشف أن شخصا تحبه لم يعد يتذكرك. ومنذ ذلك الحين، لم يستطع التوقف عن التفكير فيما كان يدور في ذهنها.
وقال إنه بمجرد وصوله إلى البيت، بدأ يبحث عن طرق تساعده على تقوية ذاكرته، وكيفية تعزيز الطريقة التي تعمل بها الذاكرة. كما ركز على فرص الحصول على ذاكرة قوية، وما يعنيه فقدان الذاكرة مثلما حدث مع جدته. وقد دفعه الأمر للبحث عن مساعدة ذاتية وجدها في كتاب وعده "بقدرة ذهنية غير محدودة وتركيز معزز مثل ضوء الليزر".
وذكر الكاتب أنه عند الاطلاع على ذلك الكتاب لأول مرة، لم يكن على علم بوجود ما يعرف بأحداث الذاكرة التنافسية. وكان يعتقد دائما أن الذاكرة غير مرنة، وأن ذاكرته لم تكن جيدة ولم يكن يتوقع أن يصبح أدائها أفضل بكثير. لكن، سرعان ما اكتشف أن تقنيات الذاكرة قد نجحت بالفعل. فقد كانت توجد فرضية بسيطة تقول إن أدمغتنا مجهزة بشكل أفضل لتذكر أنواع معينة من الأحداث أكثر من غيرها.
وأضاف: "تلتصق المعلومات المتعلقة بالحواس والبصر والاتجاهات بذاكرتنا أكثر من المعلومات المتعلقة بالأرقام والمفاهيم. وحتى نستطيع تذكر هذه المعلومات يجب ببساطة استخدام القليل من الخيال لترجمة هذه المعلومات بطرق بسيطة، وهذا ما يعني تحويل الكلمات والأرقام إلى صور في ذهنك، ومن ثم تخيل هذه الصور ومقارنتها مع الأماكن الواقعية المألوفة".
وأردف الكاتب أنه قرر دخول بطولة الولايات المتحدة الأمريكية للذاكرة لأول مرة بعد بضعة أشهر من اكتشاف وجود ما يعرف بالذاكرة التنافسية. وكان يعتقد أن الجميع قادرون على الفوز بالبطولة في حال القيام بالتدريبات كافية. لكن هذا الاعتقاد كان خاطئاً، لا سيما في ظل فشل التدريبات المكثفة، التي استمرت على مدار أسبوعين في مساعدته على الفوز بالمسابقة. في الأثناء، ساهمت هذه التجربة بالدفع بعمله قدما.
والجدير بالذكر أن وفاة جدة ديليس خلفت صدمة وحزنا كبيرا في نفسه، ما دفعه للتفكير في كيفية التغلب على مرض الزهايمر الذي تسبب في خسارته لجدته، والسبل الكفيلة بجعل ذهنه أكثر حدة وصحة، ومساعدته على المحافظة على ذاكرته ومد يد العون للآخرين أيضا. وقد قرر التدرب لساعات طويلة حتى استطاع الفوز ببطولة الولايات المتحدة الأمريكية للذاكرة، ومن ثم أصبح من بين أفضل 25 رياضي ذاكرة في العالم.
وتطرق إلى الحديث عن الإحباط الذي يشعر به الإنسان عند نسيانه لأمور قد يكون في حاجة ماسة إلى تذكرها. في الأثناء، قدم ديليس مجموعة من الأمثلة عن كيفية تطبيق التقنية التي يتبعها على حالات معينة، مثل تذكر الخطابات دون كتابتها.
وفي هذا السياق، قال ديليس، إن "حفظ خطاب أو حتى النقاط الأساسية فيه عن طريق التكرار، يستغرق الكثير من الوقت. وفي حين قد تتمكن في النهاية من حفظه، وإلقائه بنجاح، خاصة إذا لم تشعر بالتوتر أو التشتت، إلا أنه من الوارد أن تنسى كل شيء، مما قد يكلفك وظيفتك. لذلك يجب التخلي عن التلقين الحرفي ومحاولة حفظ الأفكار المهمة. إذا كانت الأفكار حول ما ستتطرق إليه منظمة ومهيكلة بشكل جيد، لن تكون بحاجة إلى استخدام ذاكرتك الصريحة أو التوضيحية لبلورة أفكارك، كل ما تحتاجه هو قائمة من الأفكار مرتبة بشكل صحيح".
وأكد الكاتب أنه في حال أردت تذكر ما تود قوله، كل ما عليك فعله هو تخيل نفسك على أنك جزء من الخطاب الذي سوف تقدمه، ومشاهدة جميع الصور التي وضعتها بنفسك وقمت بترجمتها استنادا على المعلومات التي تحاول تذكرها. وباختصار، ترتبط الذاكرة بالتركيز والانتباه والتخيل وتحويل المعلومات إلى صور سخيفة لا تنسى وإيجاد مكان لتخزينها.