يصنف بوئي (Puyi) بأنه آخر إمبراطور في تاريخ بلاد الصين، مثّل الإمبراطور الثاني عشر من سلالة تشينغ الحاكمة.
اختارت الإمبراطورة الأرملة تسيشي (Cixi) إثر وفاة الإمبراطور جوانغسو (Guangxu) يوم الرابع عشر من شهر تشرين الثاني/نوفمبر سنة 1908، الطفل بوئي والذي لم يتجاوز عمره العامين لتقلد منصب الإمبراطور.
وخلال فترة حكمه، واجه آخر أباطرة الصين اضطرابات عديدة، حيث تم خلعه من منصبه 3 مرات قبل أن يعيش الأمرّ عقب نزوله إلى الحضيض في هرم المجتمع الصيني، حينها نشط بوئي أثناء الفترة الأخيرة من حياته كعامل عادي بإحدى الحدائق النباتية من أجل تأمين لقمة العيش.
لم تدم الفترة الأولى لبوئي طويلا، فبعد تنصيبه بحوالي ثلاث سنوات فقط شهدت بلاد الصين اندلاع #ثورة_شينهاي والتي أدت إلى تنازل آخر أباطرة الصين عن الحكم يوم الثاني عشر من شهر شباط/فبراير سنة 1912 وقيام الجمهورية.
وفي الأثناء وعلى الرغم من تخليه عن العرش، سمح لبوئي بالعيش داخل القصر الإمبراطوري محاطا بخدمه ومساعديه.
وعاشت الصين خلال السنوات القليلة التالية على وقع صراح داخلي حاد، وقد استغل بوئي هذا الوضع ليعود مرة ثانية إلى سدة الحكم، حيث حصل الأخير مرة ثانية على منصب الإمبراطور مطلع شهر يوليو/تموز سنة 1917.
ولم تدم فترة حكم بوئي طويلا، فبعد حوالي 12 يوما أزيح الإمبراطور الصيني مرة أخرى من منصبه يوم الثاني عشر من شهر يوليو/تموز سنة 1917.
في الثامنة عشرة من عمره، غادر بوئي العاصمة بكين ليستقر عند إحدى المناطق الخاضعة للنفوذ الدولي بتيانجين، ويعزى السبب في هذا الرحيل إلى التغيرات والأزمات السياسية التي شهدتها البلاد قبيل اندلاع الحرب الأهلية.
وخلال تواجده بمنطقة تيانجين، تقرب بوئي بشكل واضح لليابانيين الذين لم يترددوا لحظة واحدة في تعيينه سنة 1934 بشكل صوري إمبراطورا على دولة مانشوكو والتي قامت بالأساس على أراضي منطقة منشوريا التي نجح الجيش الياباني في انتزاعها من الصين عقب عملية عسكرية ما بين عامي 1931 و1932.
ومع اقتراب استسلام اليابان خلال الحرب العالمية الثانية، تخلى بوئي عن عرشه محاولا الفرار عبر شبه الجزيرة الكورية نحو الأراضي اليابانية، لكن الأخير وقع في قبضة القوات السوفيتية عند محاولته المغادرة انطلاقا من مطار موكدين ليتم اصطحابه إثر ذلك نحو أحد المعتقلات بسيبيريا، وهناك قضى خمس سنوات قبل أن يوافق القائد السوفيتي جوزيف ستالين على تسليمه للسلطات الصينية.
قبيل عودته للصين، كان بوئي متيقنا من صدور قرار بإعدامه بسبب تعامله مع اليابانيين في وقت سابق. لكن بدل ذلك، فضلت السلطات الصينية بقيادة ماو تسي تونغ (Mao Zedong) الاحتفاظ به لتلميع صورتها على الصعيد الدولي.
وبالتزامن مع عودته، نقل بوئي إلى أحد مراكز إعادة التأهيل ليقضي هنالك فترة قاربت 9 سنوات قبل أن يطلق سراحه بعد أن وافقت السلطات الصينية على العفو عنه معلنة أنه تحول إلى مواطن شيوعي صالح ووفي لبلاده.
وعقب إطلاق سراحه، عمل بوئي كمساعد في إحدى الحدائق النباتية ببيجين على مقربة من قصره السابق من أجل تأمين لقمة العيش، فضلا عن ذلك سمحت السلطات الصينية للزوار بالتقاط صور تذكارية مع هذا الرجل الذي عرف كآخر إمبراطور في تاريخ الصين ومع بداية الثورة الثقافية لم يتردد الموالون لماو تسي تونغ في تضييق الخناق على بوئي عقب تصنيفه كرمز من رموز الصين الرأسمالية.
ومع حلول شهر تشرين الأول/أكتوبر سنة 1967، فارق آخر أباطرة الصين الحياة في ظروف صعبة عن عمر يناهز 61 سنة عقب إصابته بسرطان الكلى.