كشف وزير المالية في حكومة التوافق الوطني، شكري بشارة، أن رئيس الوزراء رامي الحمد الله، تسلم مهام منصبه بخزينة فارغة وسجلات من الديون المتراكمة.
وقال بشارة، خلال مشاركته في جلسة عقدها رئيس الوزراء مع رؤساء تحرير وسائل الإعلام الفلسطينية، وعدد من الكتاب والصحفيين: إن الحمد الله لم يتسلم منصبه قبل خمسة أعوام بخزينة فارغة فحسب؛ بل عثر على سجلات وقائمة طويلة من الديون، بعدما ترك سلفه "الجمل بما حمل"، وبديون أرهقت ميزانية السلطة الفلسطينية.
وأوضح بشارة، أن الحكومة ركزت جهودها خلال الخمس سنوات الماضية على تقليص العجز المالي، منوهاً إلى أنه قبل خمسة أعوام كان العجز ملياراً ومئتي مليون دولار بعد التمويل الخارجي، والناتج القومي 12 مليار شيكل فقط، ومتأخرات القطاع الخاص 760 مليون دولار، ومديونية البنوك التجارية جراء الاقتراض مليار وأربعمائة مليون دولار.
وأشار بشارة، إلى أن العجز الإجمالي تقلص حالياً إلى 400 مليون دولار بعد التمويل الخارجي، علماً أن الناتج المحلي الإجمالي نما من 12 مليار شيكل إلى 14 مليار شيكل حالياً، وتراجع الدعم الخارجي لموازنة الحكومة من مليار و200 مليون دولار، إلى 500 مليون دولار حالياً، أي انخفض بنسبة الثلثين، ومتأخرات القطاع الخاص انخفضت إلى 200 مليون دولار حالياً، ومديونية البنوك التجارية لا تفوق الـ 9% من إجمالي الناتج المحلي، وهذا رقم متدنٍ جداً مقارنة بالدول الأخرى.
وقال: "في النصف الاول من العام الماضي وحتى شهر حزيران/يونيو، بلغ صافي الإيرادات ستة مليارات و600 مليون شيكل، وفي النصف الأول من العام الجاري بلغ نفس صافي الإيرادات، ونتوقع أن تصل حتى نهاية العام الجاري إلى نحو 13 مليار شيكل.
وفي ذات السياق، وبحسب إحصائية فلدى استقالة حكومة الدكتور سلام فياض اقترب حجم الديون الخارجية والداخلية على السلطة من (5.2) مليار دولار، وباتت تلك الديون التي تراكمت عبر ثلاث حكومات شكلها فياض تؤرق بال القيادة الأمر الذي دفع بقوة لتشكيل حكومة التوافق الوطني لإنهاء الانقسام ومعالجة الأزمة المالية والمديونة الكبيرة التي وقعت فيها الخزينة الفلسطينية.
وحتى العام 2001 لم يكن هناك ديون على الشعب الفلسطيني ولكن من 2001 حتى العام 2013 بدأت الديون تتراكم بشكل كبير ولم تفلح السياسات المتبعة في تقليص حجم المديونية بل زادتها بشكل ملحوظ.
من ناحيتهم، أكد مراقبون، أن حكومة فياض، اعتمدت على التفرد والارتجالية في حل الأزمة المالية التي تعانيها السلطة الفلسطينية وهذا ما دفعها لإعداد خطة تقشفية تهدف إلى تقليل الاعتماد على المساعدات الخارجية، وفي المقابل تم زيادة الضرائب ورفع الأسعار، وإقرار قوانين أثارت غضبت المواطن، وهو ما أدى في النهاية إلى انخفاض دخل الأفراد، وزيادة الدين العام، وكذلك السياسات الاقتصادية، ساهمت في تركيز الأموال في يد فئات محدودة.
وحسب المراقبين، فإنه وبعد تشكيل حكومة التوافق الوطني وتطبيق خطط جديدة للانفاق والتعامل مع الوضع الجديد في ظل الانخفاض الملحوظ في دعم المانحين، بدأ حجم الدين يتقلص وكذلك ارتفع حجم العائدات.
من ناحيته، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية البروفيسور، طارق الحاج: إن حكومة الدكتور رامي الحمد الله نجحت في تقليص عجز الموازنة بفعل سياستها المالية القائمة على الشفافية، وتقليص الاعتماد على الدعم الخارجي.
وأوضح الحاج، أنه عندما استلمت الحكومة الحالية عملها كان من أوليتها تقليص عجز الموازنة، وتم التركيز على تقليص النفقات لأنه الاعتماد على المساعدات الخارجية لم تعد ممكنة لأنه الدعم الخارجي مرهون بالمواقف السياسية ومطلوب تقديم تنازلات وهذا لم يحصل، وأيضاً مرهون بالرضا الإسرائيلي والأمريكي، وبالتالي طالما كانت القناعة بعدم الاعتماد على الدعم الخارجي فتم الاعتماد على تقليص النفقات، وحاولت الحكومة في بداية عملها تقليص النفقات وواجهت معارضة من قبل المنتفعين واتخذت الحكومة خطوات تدريجية ومدروسة واتت أكلها بعد أربع سنوات الأمر الذي أدى في النهاية إلى خفض العجز بالموازنة إلى المستوى الحالي.
وأضاف الحاج: "إذا بقيت الأمور على ما هي عليه، ممكن خلال سنوات معدودة أن تنجح الحكومة كذلك في تقليص العجز المتراكم الذي ورثته من الحكومات السابقة، وليس فقط تقليص العجز السنوي".
ولفت إلى أنه عند الحديث عن تقليص عجز الموازنة، فهذا يعني أن الحكومة نجحت في معالجة بعض السياسات المحلية المتعلقة بالشق المالي وليس الشق النقدي، بما أن السياسات المالية المتعلقة بالجباية نجحت خاصة الجانب المتعلق بالتهرب الضريبي، خاصة بعد دمج دائرة ضريبة القيمة المضافة مع دائرة كبار المكلفين في دائرة واحدة وهذا أدى لنوع من الضبط.
وأشار الحاج إلى أن الاعتماد على المعاملات الإلكترونية وفق الأنظمة التي أقرتها الحكومة ساهمت في تقليص النفقات وزيادة الإيرادات، بالإضافة لخلق حالة وعي لدى المواطن، خاصة للفئة التي لم تكن تقدم فواتير المقاصة، وهذا كله انعكس وللمرة الأولى أن الحكومة التزمت ولم تتأخر في صرف الرواتب رغم كل الظروف الصعبة، وتقليص الدعم المالي، بينما الحكومات السابقة لم تكن تدفع الرواتب قبل منتصف الشهر، وكثيراً ما تتأخر شهر وشهرين عن موعدها.
وأكد الحاج، أن الاحتلال وقف لمخططات حكومة الحمد الله الاقتصادية والاستثمارية بالمرصاد، فأعاق الاحتلال الاستثمار في مناطق (ج)، وتم منع مخططات الحكومة لاستغلال الموارد الطبيعية، مضيفاً "لو أتيح للحكومة تطبيق كل خططها لأصبح العجز صفراً".