سيطر التوتر الأمني في قطاع غزة، والتصعيد العسكري الإسرائيلي، على متابعات وسائل الإعلام الإسرائيلية، بين من رأى فيها تطبيقا لتهديدات سابقة ضد حماس، وآخرون اعتبروها أنها لن تفت في عضد الحركة.
فقد نقلت صحيفة معاريف عن وزير الحرب السابق موشيه يعلون قوله إن "عدم الرد على إحراق الحقول الزراعية الإسرائيلية بفعل الطائرات الورقية المشتعلة من غزة سيؤدي لمزيد من التصعيد، لأننا في الوقت الذي لا نرد فيه على الفلسطينيين في غزة، فإنهم يتجرؤون أكثر ضدنا".
وأضاف أننا "قبل ثلاثة أشهر من اندلاع هذه المظاهرات الشعبية الفلسطينية، حافظنا على الردع الذي تحقق عقب الجرف الصامد في 2014، وبالتالي فما حصل في هذه الشهور الثلاثة الأخيرة يستوجب الفحص والتحقيق، لأن البقاء في حالة عدم الرد على الحرائق خشية التصعيد العسكري، هو بالضبط الذي سيؤدي لهذا التصعيد".
وأوضح أنه "رغم توفر وسائل تكنولوجية إسرائيلية لمواجهة الطائرات الورقية، لكنه يجب جباية أثمان من الطرف الثاني الذي يطلقها، وحين لا تقوم إسرائيل بذلك فإنها تدحرج الأمور نحو الحرب، مما يتطلب ضرورة أن نستخدم مع غزة سياسة العصا والجزرة، وهناك الكثير من الأمور التي يمكن القيام بها".
وقال: "أعلم منذ البداية أن حماس ليست الجهة التي يمكن إجراء مفاوضات سياسية معها، وأن ضربة واحدة فقط ليست كفيلة بإنهاء الصراع معها، ولذلك يجب أن ننسق جهودنا مع الدول العربية المستعدة للتعاون معنا لإعمار غزة، لأني ما زلت أرى حماس هي التي تحكم غزة، وأبو مازن لن يحل بديلا عنها، ولذلك يجب إلقاء المسؤولية عليها، وفي كل مرة نتعرض فيها للخطر، تتلقى على رأسها".
رون بن يشاي الخبير العسكري الإسرائيلي في صحيفة يديعوت أحرونوت، زعم أن "فرص وقف إطلاق النار تنخفض في كل مرة عن سابقتها، لأنه في الوقت الذي لا ترغب فيه القيادة السياسية لحماس بدخول الجيش الإسرائيلي لقطاع غزة، فإن جناحها العسكري يفضل الدخول في مرحلة تصعيد ميداني، رغم علم الحركة أن أي عملية عسكرية كبيرة للجيش الإسرائيلي، ستكون مدمرة وفتاكة أكثر من سابقاتها".
وأضاف في تحليل عسكري مطول أن "التقدير لدى حماس يقول إن مواجهة عسكرية كبيرة مع إسرائيل كفيلة بخلط كل الأوراق، على أمل أن تحصل على ترتيبات سياسية في صالحها، ولذلك فإن جناحها العسكري يستخدم أدوات ووسائل بعضها تقليدية، وبعضها الآخر لا يسمح بالكشف عنها خلال أعماله على طول حدود غزة، وقد يستخدمها في جولة المواجهة القادمة، مما حدا بوزير الحرب أفيغدور ليبرمان لإصدار تهديداته ضد حماس صباحا، وتم ترجمتها مساء في عمليات القصف لأهدافها ومواقعها".
وأوضح بن يشاي، وهو وثيق الصلة بالمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، أن "التصعيد العسكري مع إسرائيل قد ترى فيه حماس فرصة لتداعي المجتمع الدولي، على أمل أن تحصل على ما تسعى لتحقيقه، بما في ذلك المساعدات الإنسانية لغزة، دون الحاجة لتقديم تنازلات، لكن إسرائيل تعلم ذلك جيدا، وتدرك أنها ليست بحاجة لهذه العملية الواسعة، لأنها ستعود للنقطة ذاتها التي انطلقت منها، أو قد تتورط في غزة بضعة أشهر".
وأكد أن "هذه القناعة الإسرائيلية تجعلها تحافظ على ضبط النفس بصورة نسبية، رغم أنه يضر كثيرا بحالة الردع الذي تحقق، صحيح أن الجناح العسكري لحماس لا يريد للجيش الإسرائيلي أن يجتاح قطاع غزة، لكنه مستعد لمواجهة عسكرية واسعة وكبيرة دون تقديم تنازلات ذات معنى".
وختم بالقول أن "هذه المعطيات قد تعجل بأن يبادر الجيش الإسرائيلي لتنفيذ عملية عسكرية كبيرة داخل القطاع، رغم علمه اليقين أنها ستكون أكثر تدميرا وفتكا من كل الجولات السابقة، وفي هذه الحالة فهي لن تبدأ بقصف متقطع هنا وهناك، وإنما بضربة ساحقة من اللحظة الأولى!".