كشف عضو المكتب السياسي لحركة حماس الدكتور محمود الزهار، عن تفاصيل الوساطات والمبادرات التي تقدمت بها أطراف عديدة لحل الازمة الانسانية في غزة والوصول الى صفقة تبادل أسرى.
وقال الزهار في لقاء خاص بمؤسسة الرسالة للإعلام ضمن برنامجها الدوري "في قاعة التحرير" "إن هذه الوساطات توزعت بين أطراف تبحث عن حلول إنسانية للقطاع وأخرى تبحث صفقة التبادل، وأطراف تريد من حماس الصمت عما يجري من ترتيبات في المنطقة مقابل اغراءات مادية تدور حول التخفيف من الحصار".
شروط التبادل
وتحدث الزهار عن شروط حركته المتعلقة بإتمام صفقة التبادل، وأولها الافراج الكامل عن محرري صفقة شاليط الذين جرى اعادة اعتقالهم لدى الاحتلال، مشيرا إلى أن بعض الاطراف تدخلت للتوسط عند حركته لتجاوز هذه الشروط والبدء بتنفيذ صفقة، الامر الذي رفضته الحركة.
وعرّج الزهار في حديثه المطول مع الرسالة، عن قضايا صفقة القرن والمبادرات المحلية والدولية التي تدخلت للتخفيف من تدهور الوضع الانساني في غزة، إضافة لموضوعات أخرى تتعلق بمستجدات العلاقة مع فتح والعلاقات الخارجية لحماس.
الوساطات جاءت استجابة لنداءات إسرائيلية لإنهاء مسيرة العودة
وبشأن صفقة التبادل، قال إنّ "أي حديث عن صفقة التبادل مرهون بالإفراج عن جميع أسرى وفاء الأحرار الذين أُعيد اعتقالهم، مع ضرورة وجود تعهدات وضمانات بعدم اعتقالهم مرة أخرى، فنحن لا ندفع ثمن الصفقة الأولى مرتين".
وأكدّ بأنّ صفقة التبادل ستكون أسرى مُقابل أسرى، ولن تقبل حركته بأي أثمان أخرى كما تحاول بعض الأطراف الترويج وربط ملف الأسرى بالحصار كونه مرفوض بالمطلق.
وكانت كتائب القسام قد أعلنت عن أسر الجندي شاؤول آرون خلال عدوان صيف 2014 على القطاع، كما أنّ مصير أحد ضباط الاحتلال ويدعى هدار جولدن لا يزال غامضاً بعد فقدان الاتصال به، وتحدث الاحتلال عن فقد اثنين من جنوده في النقب، دون أن تُفصح الكتائب عن أي معلومات تتعلق بمصيرهم.
مبادرات غزة
وحول فحوى المبادرات التي تقدمت بها الاطراف بشأن الاوضاع في غزة، أكد أنها تهدف لتخفيف وإنهاء ما يجري على الحدود بطلب من (إسرائيل)، التي تُعاني حالة استنزاف بسبب مسيرات العودة، كما يُعاني مستوطنوها من الخسائر الفادحة التي تلحق بهم جراء احراق آلاف الدونمات بالطائرات الورقية التي يُشارك فيها الشباب العزل ضمن فعاليات مسيرات العودة.
وتابع: "الاحتلال يريد التخفيف عن غزة ليس حباً بها، وإنما نتيجة لما أحدثته مسيرات العودة من صدى موجع له ونتيجة لتدهور الأوضاع التي تنذر بالانفجار في وجهه وهو أمر يخشاه الاحتلال، لذا يرسل العديد من الشخصيات العربية والأجنبية لطرح صفقات سياسية".
ولفت الزهار إلى وجود تحركات خاصة بعد تفاعل الشارع الفلسطيني في الضفة وهو ما يُمثل خطراً محدقا بالاحتلال وأعوانه، معتبراً ان حراك الضفة من أخطر الاحداث التي جرت خلال الفترة الماضية والتي يخشاها الاحتلال والسلطة معاً، متوقعا ان المرحلة القادمة ستشهد قمعا غير مسبوق في الضفة نتيجة لتصاعد المخاوف لدى أبو مازن من فقدان السيطرة على الأوضاع في الضفة الغربية.
وقال الزهار "ما يطرح من مشاريع للتخفيف عن غزة مثل مشروع المطار والميناء وكسر الحصار لن يكون مشروطاً بأثمان سياسية أو تقديم أي معلومات تخص الأسرى الجنود لدى المقاومة لأن ثمن رفع الحصار هو ما يجري على الحدود الشرقية لغزة.
لا نقبل بحل الدولتين ولدينا شروط لإتمام الصفقة!
وأكد على وجود مخطط مسبق لمشروع انشاء ميناء تجاري في غزة يتضمن إقامة ميناء مؤقت يتم انشاؤه في فترة لا تتجاوز شهرين، أما الميناء الأساسي فهو بحاجة للدخول في البحر مسافة تقدر بأربع كيلومترات وإنشاء جزيرة واقامة ميناء عليها، وهناك اطراف تتواصل لتنفيذ هذه المشاريع.
وأوضح بأن حركته تستخدم جميع الوسائل المتاحة فيما يخدم المصالح الوطنية الفلسطينية، وبالتالي فإن أي خيار قابل للطرح والدراسة.
وانطلقت مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار على طول الشريط الحدودي مع الاحتلال في الثلاثين من مارس الماضي مُطالبةً بكسر الحصار عن غزة وتثبيتاً لحق العودة للأراضي التي هُجروا منها عام 1948م.
رفض الصفقة
وفيما يتعلق بتفاصيل صفقة القرن قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس " لا توجد صفقة قرن وانما هي صفقة تهدف لحل المشكلة الإسرائيلية وليس الفلسطينية ولا علاقة لها بإقامة دولة للفلسطينيين".
وأوضح الزهار بأن الصفقة تهدف لجعل (إسرائيل) جسماً وكياناً مقبولاً يتعاون مع المحيط بما يخدم مصالحه ويمنع وحدة الأمة العربية ويعمل على استغلال الثروات والموارد الموجودة في المنطقة.
وبيّن الزهار بأن الصفقة تتمثل أنّ تكون أراضي عام 1948م أراض إسرائيلية، والضفة مراكز محلية تحكمها السلطة، إضافة لأربعة قرى شرق القدس يتم الانسحاب منها على أن تكون عاصمتها "أبوديس"، فيما تكون غزة دولة بإضافة بعض أجزاء من أراضي سيناء لها.
وقال "الخطة تهدف لتفكيك الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، وانهاء عمل "الأونروا" لتذويب قضية اللاجئين والقضاء على وحدة الأرض والشعب.
وأكد أن موقف جميع الدول العربية حتى اللحظة هو رفض الصفقة وذلك كونها جاءت فجة، فأبو مازن يرفضها وهو ما زال متمسكا بمشروع حل الدولتين، فيما ترفض مصر الصفقة بهذه الصورة إلا إذا حققت لها بعض المصالح مع تحفظاتها على آلية التطبيق، في حين ترفضها الأردن لرغبتها في الإبقاء على دورها الديني الاشرافي بالقدس، أما سوريا ولبنان فلن توافقا عليها لأنها تنهي قضية اللاجئين على حسابهما.
وجدد الزهار موقف حركته الرافض للصفقة وأن فلسطين كلها لا أقل من ذرة تراب واحدة هي حق للفلسطينيين، وأنّ هذا الرفض موقف واضح ومكتوب بالخط العريض ويتماشى مع العمل على التحرير الذي لا يتأتى إلا بالسلاح والمقاومة وليس بالمفاوضات.
نستخدم جميع الوسائل بما يضمن المصلحة الوطنية
واعتبر أن سلاح المقاومة يتكون من شقين الأول هو المكون البشري ويُمثل 99% منه، فيما يتبقى 1% للسلاح المادي، والذي بات يُشكل رُعباً لدى القيادة الإسرائيلية التي لا ترغب بخوض حرب في هذا التوقيت.
وأوضح أنّ هذه نظرة ومنهجية متأصلة لدى الشعب الفلسطيني وهو يمثلها بالنيابة عن حماس من خلال خروجه في مسيرات العودة، مُطالباً بحقه في العودة وكسر الحصار.
وأضاف الزهار: "الشارع الفلسطيني لاسيما غير المؤطر رافض لوجود الكيان الصهيوني، ويسعى لتحقيق العودة للأراضي التي هُجر منها".
وأشار إلى أن أدوات الحركة واضحة وتُستخدم في سبيل القضية والمشروع الوطني، وأنّ الفترة الماضية لم تكن تضييعا للوقت بل كانت للإعداد وتطوير سلاح المقاومة، الأمر الذي يخول الحركة قوة في موقفها السياسي لمواجهة صفقة القرن ويؤسس لمرحلة التحرير القادمة.
وأعلنت الولايات المتحدة عن مقترحها الذي وضعه الرئيس دونالد ترامب وأسماه بـ "صفقة القرن" التي تهدف لتصفية القضية الفلسطينية من خلال توطين الفلسطينيين في وطن بديل خارج فلسطين، وإنهاء حق العودة للاجئين.
المصالحة
وعلى صعيد المصالحة الفلسطينية، أكد القيادي في حماس ان المشكلة في اختلاف البرامج والتي من المستحيل ان تتوافق فلا يمكن ان تتم المصالحة بين برنامج التنسيق الأمني، وبرنامج المقاومة وتجريم التنسيق الأمني، معتبراً ان المخرج الحقيقي للازمة هي الانتخابات.
وذكر الزهار بأن اتفاق عام 2011، تخلله العديد من البنود من أولها إجراء انتخابات حرة ونزيهة للشعب الفلسطيني والمخيمات ومن يحصل على تفويض من الشعب يُقدم برنامجه ويعمل عليه وعلى الآخرين أن يتقبلوه، منوهاً إلى أن حركته لا تخشى الانتخابات ومستعدة لخوضها في أي وقت، بينما تدرك حركة فتح انها ستخسر في أي انتخابات قادمة لذا لن تسمح بإجرائها أبداً.
وفي ذات السياقٍ أشار الزهار إلى أن استخدام مصطلح "العقوبات" يجانبه الصواب، مؤكداً أنها تمثل جرائم انتقامية، فغزة لم ترتكب جُرماً لتنال عقوباتٍ على إثره.
وبيّن أن المواقف لم تتغير ولكن تجري حالياً محاولات تنفيذ ألاعيب من خلال الحديث عن المصالحة، حيث هناك محاولات للالتفاف على الشرعية الفلسطينية، من خلال محاولة إعلان المجلس المركزي المعين بديلاً عن المجلس التشريعي المنتخب عام 2006م.
الانتخابات هي الحل وفتح ترفضها لأنها تدرك بأنها ستخسرها
وفرضت السلطة الفلسطينية مجموعة من الإجراءات الانتقامية بحق السكان في غزة، تمثلت في تقليص نسب رواتب الموظفين، ومنع إدخال وقود الكهرباء والمواد الطبية وإيقاف التحويلات الطبية.
العلاقات الدولية
وأثنى الزهار على العلاقات الدولية بين حركته وعدة دول مهمة، مؤكداً على ضرورة تحسين العلاقات مع الجميع سواءاً كانت إيران أو قطر أو مصر أو سوريا وغيرها من الدول، موضحاً أن حركته تعمل ضمن رؤية إسلامية وبالتالي فإن كل الأمة الإسلامية محط اهتمام لتقوية العلاقات معها، وأضاف: "نعمل على مبدأ عدم التدخل في الشؤون والصراعات الداخلية".
المرحلة القادمة ستشهد قمعا غير مسبوق في الضفة وأبو مازن يخشى فقدان السيطرة
وبيّن أن ما جرى أن بعض الفلسطينيين السوريين دخلوا مع النظام في الصراع الداخلي، وبالتالي احتسبوا على حماس وهو ما أدى إلى توتر العلاقات وبالتالي كان القرار بمغادرة سوريا، مؤكداً بإن هنالك فرصة لاستعادة العلاقة بين النظام وحماس من خلال خروج قيادات من غزة إلى هناك لو أتيحت الفرصة لذلك، كما اكد أن علاقة حركته بإيران جيدة ويجب أن يتم تعزيزها لتكون في أفضل أحوالها.